لم تمرّ ساعات على إطلاق الفنانة بلقيس كليب "النفسية محتاجة" حتى انطلقت اعتراضات على الكليب من قبل بعض الصحافيين السعوديين، الذين اتّهموا المخرج السعودي سلطان العبدالمحسن بتشويه صورة أبناء بلده في عملٍ لا يشبههم ولا ينتمي إلى بيئتهم ولا يمثّلهم.
في حوار مع "سيدتي"، أكّد سلطان أنّ هذا الاتهام هو مجرّد تجنٍ، لأنّ الكليب ليس سعودياً، بل هو عمل كوميدي متخيّل، يجمع جنسيّات مختلفة ولا يحتمل كل هذا التأويل.
سلطان الذي تعاون مع بلقيس في ثلاثة كليبات، يؤمن أنّ القادم أجمل، وأنّ المملكة العربيّة السعوديّة مقبلة على نهضة فنيّة تحتاج إلى تضافر الجهود، ودعم الصحافة، بعيداً عن منطق تصيّد الأخطاء، وترصّد الزلاّت.
نسأله:
-اعترض صحافيون سعوديون على كليب "النفسية محتاجة" واعتبروه مسيئاً لصورة السعوديين، هل وصلتك انتقادات من هذا القبيل؟
لا أعرف أصلاً لماذا ربط البعض الكليب بالسعوديين، هل لأنّ المخرج سعودي؟ الكليب يصوّر أشخاصاً من جنسيات مختلفة، وهذا الأمر واضح من ملابس الممثلين. 13 شخصاً شاركوا في الكليب بينهم خمسة سعوديين فقط، وبحريني، ومصريين، وسوريين والعمل تمّ تصويره في بيروت وكان من المقرّر أن يشارك فيه شخص كويتي، إلا أنّ الطيران الكويتي كان يومها قد أوقف رحلاته إلى بيروت بسبب التهديد بالضربة الأميركية لسوريا، فتعذّر حضوره.
_يعني العمل تمّ تصويره قبل أيّام قليلة فقط؟
مشاهد بلقيس صوّرت منذ فترة، لكن المشاهد في بيروت تمّ تصويرها قبل أسبوعين فقط.
-لماذا اعتبر البعض العمل مسيئاً للسعوديين برأيك؟
بصراحة لا أعرف، أصلاً الكليب ليس سعودياً، كما سبق وقلت هو خليط جنسيات، تمّ تصويره في بيروت، المطربة إماراتية، والملابس التي ظهر بها بعض الممثلين سعودية وبحرينية. كما أنّ العمل واضح أنّه لا يجسّد صورة المكاتب في المملكة، حيث تداوم المرأة وهي ترتدي العباية، لذا أستغرب أصلاً أن يُقال أنّ الكليب سعودي. من ثمّ التصويب على الكليب لا مبرّر له، فالجلسات التي تعرضها قناة "وناسة" تتضمّن الأجواء نفسها، فهل جلسات "وناسة" مسيئة للأخلاق؟ الكليب كوميدي مرح لا يوجد فيه إسفاف ولا عري والتصويب عليه مستغرب.
بلقيس توجّه رسالة إلى الوسط الفني بعد وفاة فنانين في يومٍ واحد
-بعيداً عن الانتقادات كيف وجدت بالإجمال ردود الفعل حول الكليب؟
الحمد لله ردود الفعل إيجابيّة، رغم أنّ كلمات الأغنية غريبة، وهي في الأصل هاشتاغ متداول على "تويتر"، والأغنية هي نتاج هذا الهاشتاغ بالتالي موضوعها بسيط، ولا تحتمل كل هذا التعقيد والتأويل.
-تعاونت مع بلقيس العام الماضي بكليب "حقير الشوق"، واليوم بكليب "النفسية محتاجة"، لأي من العملين تنحاز؟
أنا من مخرجي الإعلانات الرئيسيين في السعودية، ولا يوجد مخرج كليبات سعودي غيري، وقد تعاونت سابقاً مع بلقيس في كليب "وياك خدني"، ولا مجال للمقارنة بين الأعمال الثلاث وحالياً أحضّر لأعمال خيرية ودينيّة، ولكل عملٍ خصوصيّته وهنا يكمن التحدّي.
-تبرير بلقيس لحذف "حقير الشوق" لم يقنع كثيرين، ما هي الحقيقة وراء حذف الكليب؟
الحقيقة هي ما قالته وأعلنت عنه بلقيس، وكل ما قيل عدا ذلك مجرّد شائعات ردّت عليها بلقيس بنفسها ولجأت إلى القضاء لمحاسبة مطلقي الشائعات. لا أنكر أنّني حزين لحذف الكليب رغم أنّه لا يزال موجوداً على مواقع التواصل الاجتماعي واليوتيوب، إلا أنّ حذفه من قناة بلقيس على اليوتيوب كان أمراً محزناً. فالكليب نجح بطريقة خيالية لدرجة أنّ عروساً طلبت من بلقيس أن تغنّي لها الأغنية في زفافها عند توديعها أهلها، لكنّها رفضت لأنّ الأغنية حزينة لا تليق بحفلات الزفاف. وبالعودة إلى قرار حذف الكليب فهو منوط بالجهة المنتجة المتمثّلة ببلقيس نفسها التي تنتج أعمالها ولا يعود إليّ، لكنّي مؤمن أنّ القادم سيكون أجمل.
بلقيس تحذف كليب "حقير الشوق" بسبب دموع طفلة إماراتية
-لنعود إلى "النفسية محتاجة"، رسالة الكليب لم تصل إلى المنتقدين الذي وجدوا أنّ ثمّة مغالاة في نقل أجواء الرقص إلى مكان العمل؟
المشكلة في بعض الصحافيين أنّهم يجهلون أسس الانتقاد، ويقحمون مشاكلهم الشخصيّة مع الفنّانين في طريقة نقدهم. أنا أعرف أنّ لكل صحافي مشاكل مع فنانٍ ما، فلو قام بإبعاد مشاكله وانتقد بموضوعيّة لما وقعنا بكل هذه المغالطات. لو كلّف البعض نفسه عناء الاتصال لمعرفة بعض التفاصيل الغائبة عنه لما تحوّل النّقد إلى تصفية حسابات. موضوع الكليب ليس جديداً، سبق ورأيناه في أكثر من فيلم، ممثلون في جو قاتم يتبدّل إلى حفلة جنون لسماعهم خبراً جميلاً. هذا ليس مسلسلاً درامياً، الأمر أبسط من ذلك بكثير. هو كليب تخيّلي ليس واقعياً، ولا يجوز تحميله أكثر ممّا يحتمل.
-هل توافق على فكرة أنّ المشاهد العربي ينحاز إلى الدراما أكثر من الكوميديا؟
الدراما لا تنجح المطربين، ولا تأتي بنسب مشاهدات عالية، ولا تنجح أغنية على المسرح. اليوم يقصد الجمهور الحفلات ليرقص، وهذا الأمر يحتاج إلى أعمالٍ مرحة وراقصة. بالطبع ثمّة جمهور للحفلات الطربيّة وأنا منهم، لكن هذا النوع من الحفلات محدود، والفنانون الذين يقدّمون الطرب فحسب حفلاتهم قليلة والأماكن التي يقدّمون حفلاتهم فيها مدروسة. واليوم نحن نعمل على أغانٍ طربية لبلقيس.
-اليوم تشهد المملكة العربيّة السعوديّة عودة للحفلات الفنيّة، كيف سينعكس هذا الأمر عليكم كفنانين ومخرجين؟
أنا متخصّص بالأصل في صناعة الأفلام، ولديّ أكثر من فيلم قصير شارك أحدها في مهرجان "براغ" السينمائي، هذه النهضة تشكّل بصيص أمل للفنانين. بالطبع المرحلة الأولى لن تكون سهلة، خصوصاً بالنسبة إلى السينمائيين السعوديين، لأنّه ليس لدينا معاهد تخرّج مصوّرين وممثلين، وكل ما يقدّم هو اجتهادات شخصيّة. كما أنّ ثمّة الكثير من علامات الاستفهام حول الفن إلا أنّ المجتمع اليوم بدأ يتقبّل الفن أكثر. يحتاج الأمر إلى بعض الوقت، وإلى دعم خصوصاً مع التطوّر السريع الذي تشهده الإنتاجات السعوديّة. على أمل أن تقف الصحافة إلى جانبنا، لأن للأسف ثمّة صحافيين يبحثون عن الزلّة والغلطة، ولا يحبّون الخير لأبناء وطنهم دون أن ننطر بالطبع جهود الصحافة التي تدعم كل رغبة في التطوير وتقديم أعمال فنيّة على قدر التطلّعات.