اعتاد أهالي المدينة المنورة منذ عقود إقامة موائد الإفطار في المسجد النبوي الشريف خلال شهر رمضان المبارك؛ فعراقة هذه الموائد تمتد لنحو أكثر من خمسين عامًا كعادة تمسك بها الأبناء بعد الآباء وتسابقوا فيها، ولا تكتمل روعتها إلا بجلوس الصائمين جنبًا إلى جنب لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى؛ لتجسد بذلك أروع صور التلاحم والانتماء لهذا الدين العظيم.
تهيئة وتجهيز
بعد انتهاء صلاة العصر يقوم العاملون في المسجد النبوي بتهيئة المرافق والساحات لتجهيز السفر وإعدادها وتهيئة جميع السبل للقائمين على تقديمها وتحديد أماكن وضعها داخل المسجد وخارجه، وذلك من خلال أبواب معلومة من جهات المسجد النبوي الأربع، ويتم الإشراف على دخول تلك الموائد بواسطة مراقبين موجودين على الأبواب.
السرعة والتنظيم
وقبل أذان المغرب يتم فرش السفر داخل المسجد النبوي ثم وضع الأطعمة المكونة من «الشاي والقهوة، والزبادي، والخبز، والفتوت والشريك دون سمسم، والتمر والرطب»، ثم يبدأ إفطار المسلمين بعد رفع أذان المغرب، وقبل إقامة الصلاة يتم رفع هذه السفر وبقايا الطعام بطريقة سريعة ومنظمة بالتعاون بين العاملين والمشرفين وأصحاب السفر.
تاريخ يتوارثه الأبناء
يقول قاسم زاكور، أحد فاعلي الخير الذين دأبو على هذا العمل منذ سنوات في الحرم النبوي بالمدينة المنورة، «ولله الحمد توارثنا سفرة الإفطار هذه أبًا عن جد؛ فمنذ أربعين عامًا ووالدي -رحمة الله عليه- يقوم بالاستعداد والتجهيز لسفرة إفطار الصائمين في المسجد النبوي، ومن قبله جدي في المكان نفسه أمام باب سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ونحن بدورنا نكمل المسيرة من بعدهم».
وحول استعداداتهم وتجهيزاتهم لسفرة الحرم في رمضان أجاب: «تجري التجهيزات قبل دخول شهر رمضان بأسبوعين تقريبًا؛ حيث تقوم الوالدة بتجهيز التمر ووضع السمسم عليه من أجل إعطائه لذة في الطعم، وإعداد «الدقة المديني» التي يتناولها الصائمون مع اللبن الزبادي والشريك، وشراء بن القهوة، والشاي، والصحون البلاستيكية، والسُفر وكل ما يلزم». وختم حديثه بقوله: «الحمد لله الذي سخرنا لإفطار الصائمين، فأنا وإخواني نتشارك في هذا العمل الخيري كل عام بإشراف من والدتي -حفظها الله- لما له من أجر وثواب عظيم».
شروط وكالة شؤون المسجد النبوي
وضعت وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي الإرشادات والتوجيهات لمقدمي خدمة الإفطار الحاصلين على التصريح لذلك، فبحسب الموقع الرسمي للرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، فإن على المستفيد الحاصل على تصريح أن يكون مسؤولًا مسؤولية كاملة عن السفرة وما بداخلها، وفي حالة المخالفة فإن تصريحه يُلغى ويُقدم لمستفيد آخر.
الإفطار المسموح به خلال شهر رمضان، هو الشاي والزبادي، والخبز والفتوت والشريك دون سمسم، والتمر والرطب. كما يُلزم مقدم الخدمة بتوفير النوعية الجيدة من السفر غير المجزأة مع مراعاة عدم فردها في الممرات والأماكن غير المخصصة للإفطار، وتوفير صحون البلاستيك ذات الحجم المناسب لوضع التمر بها، واستخدام القفازات البلاستيكية عند إعداد الإفطار للصائمين، كما يُمنع استخدام الكاسات البلاستيكية للمشروبات الساخنة وتوزيعها في الممرات أوعند مداخل الأبواب.