حتى وإن كان الفقير محتاجاً فيجب أن تظل كرامته محفوظة، وعليه عمل الشاب السعودي "مالك العنزي"، على افتتاح محل ملابس فريد من نوعه في مدينة "عرعر" الواقعة في منطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية، إلا أن ما يميز هذا المشروع، أنه يقدم الملابس بشكل مجاني للفقراء والمحتاجين خلال شهر رمضان المبارك، والمميز أكثر أنه يقدمها نظيفة ومرتبة حيث يختار المحتاج ما يريده وما يناسبه دون أي حرج، إذ يشير العنزي بأنه لامس حاجة الناس للملابس، وقدّر حرية اختيار المحتاج لما يريده.
وفي تصريح للشاب مالك العنزي صاحب هذه المبادرة لموقع "عربي بوست"، بين أن الجمعيات الخيرية التي تقوم بتقديم المساعداتها إلى العائلات الفقيرة، في الغالب لا تكون هذه الملابس مناسبة من جهة الشكل أو القياس للأشخاص الذين سيأخذونها، ومن هنا خرج العنزي بفكره مبادرته، واقترح على والديه إنشاء هذا المحل الذي يعمل على استقبال الملابس من المتبرعين، حيث سيهتم هو بالعمل على تنظيفها وترتيبها وتقديما لمن يحتاجها، ولاقى تأيدياً كبيراً من والديه حينها.
البدايات.. حلم لا يموت
رغم أن فكرة مالك العنزي لم تكن وليدة العام 2018، وأنها كانت لديه منذ ما يقارب العامين، إلا أنها ظلت حلماً يراوده حتى تمكن من تحقيقه مؤخراً، وبحسب العنزي أنه "أن أبدأ متأخراً خير من ألا أبدأ"، وبعد أن وجد تشجيعاً ودعماً من أصدقائه وعائلته، قدم له والده محلاً مستأجَراً لبدء هذا المشروع، وفي اللحظة التي عرف فيها مالك المحل فكرة مشروع العنزي، قرر أن يعطيه محلاً آخراً لاستخدامه حتى انتهاء المشروع، الذي سيستمر طيلة شهر رمضان الكريم، كما أنه عرض عليهم تقديم أي مساعدات يحتاجونها.
وكأن فعل الخير ينتشر كالعدوى بين الناس، خاصة في الشهر الكريم، وخلال التجهيز والعمل على هذه المبادرة، وصل الأمر إلى إحدى المغاسل القريبة في الحيّ، والذي تعاون مع مالك وأصدقائه بالمشروع، لتنظيم الملابس المستعملة التي يستقبلونها من المتبرعين، وتقديمها نظيفة لأصحاب الحاجة، وتكلّف مالك وأصدقاؤه مبلغاً لم يتجاوز الـ 30 ريالاً، أي ما يقارب الـ 8 دولارات ثمن منظفات للمحل ولوازم لتعليق الملابس، وكان أول التبرعات هم أهله ووأقاربه ومعارفه، لتنهال عليهم لاحقاً التبرعات من مئات الأشخاص الذين سمعوا بهم عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر".
نجاح منذ اللحظات الأولى ..
بمجرد أن تم افتتاح هذا المحل، وانتشر الخبر بين الناس، تفاجأ مالك العنزي وأصدقائه وشركاؤه بالإقبال الكبير جداً من الناس، حيث بدأوا يتوافدون إليهم من كل مكان، ويتبرعون بجميع أنواع الحقائب اليدوية والمدرسية، والأحذية بمختلف أنواعها ومقاساتها لجميع الأجناس والأعمار، حتى أن بعضها ما تم التبرع به لم يكن مستخدماً من قبل على الإطلاق، كما أقبل عدد كبير من المحتاجين، للحصول على ملابس لهم، لا سيما أن عيد الفطر السعيد على الأبواب.
وأكد مالك خلال حديثه لـ"عربي بوست"، أنه بعد افتتاح المحل، كان قد تأكّد له صدق إحساسه السابق إلى حاجة العديد من أهالي المنطقة لمثل هذه الأعمال الخيرية التي تساعد المحتاجين وتقدِّم لهم المعونة بشكلٍ حضاري ومناسب، يحفظ لهم كرامتهم واحترامهم لذاتهم، إذ أنه كانت قد أقبلت العديد من الأسر وأخذت ما تحتاجه دون حرج، مشيراً إلى أن المحل الآن ممتلئ، وهناك مستودع أيضاً ممتلئ بالملابس رغم عدم مرور وقت طويل على طرح الفكرة، آملاً في الوقت ذاته أن تذهب كل التبرعات التي تلقّاها خلال أيام قليلة، إلى المحتاجين بالفعل للملابس، لا سيما أنها ستقدَّم لهم نظيفةً، وسيتم استبعاد الملابس الرديئة وغير الصالحة للبس.
وأعرب العنزي عن أمله في تطبيق ونشر مثل هذه الأفكار بجميع مدن المملكة، وذلك لحاجة الأهالي لمثل هذه الأعمال، متقدماً بطلب لإمارة منطقة الحدود الشمالية بالحصول على تصريح رسمي للاستمرار في القيام بهذا العمل في رمضان القادم وكل رمضان بعد الآن، ويشار إلى أن مبادرة مالك العنزي كانت قد حظيت بإشادة واسعة وانتشار كبير على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، على وجه التحديد، إذ أنه تفاعل أكثر من 20 ألف شخص مع تغريداته التي أعلن فيها إطلاق مشروعه.
وعبّر الشاب عن سعادته بالثناءات التي تلقّاها من مختلف الأشخاص عبر تويتر أو الاتصال به، معرباً عن سعادته برسالة وصلت له من أستاذ له، شاهدَ نشاطه بالصدفة فراسله وعبَّر عن تقديره لمبادرته.