إدمان الأطفال في السعودية على لعبة fortnite باتت ظاهرة لافتة في جميع الأسر، وأصبحت محور حديث كثير من الأطفال، وظهرت هذه اللعبة المعروفة أيضاً باسم save the world في 25 يوليو 2017، لكنَّ النسخة المجانية منها صدرت عام 2018 ما زاد انتشارها؛ حيث بلغ عدد مرات تحميلها في الأسبوعين الأولين من طرحها عشرة ملايين مرة، ووصل اليوم إلى أكثر من 40 مليوناً. وأجرت سيدتي استطلاعاً عن هذه اللعبة التي أحكمت سيطرتها على الأطفال والتقت بعدد من الأمهات والأطفال لمعرفة مدى تأثير اللعبة عليهم.
في البداية، قالت خزامى فهد، طالبة جامعية: «رأيت طفلاً لا يتعدى السنتين، يؤدي رقصات غريبة في المسجد قبل صلاة العيد، وبسؤالي والدته عن كيفية تعلمه هذه الرقصات، أخبرتني بأنه متأثر بلعبة fortnite، ويشاهد هذه الرقصات مع إخوته؛ حيث إن لكل شخصية في اللعبة رقصة معينة».
بينما أوضحت أسماء تركي، أم لطفلين: «أطفالي حين لا يلعبون fortnite، إما يشاهدون أشخاصاً يلعبونها على يوتيوب، أو يتدربون على الرقصات، حتى إنهم أصبحوا لا يفضِّلون الذهاب معي إلى أي مكانٍ، لممارسة اللعبة في المنزل، وحين يذهبون إلى منازل أصحابهم، يأخذون معهم السماعات ووسائل ممارسة اللعبة ليستمتعوا معهم بأداء هذه الرقصات، لكن ما يخيف هو تراجعهم في أداء واجباتهم الدراسية».
وقال الطفل سلطان الكثيري «10 أعوام»: «أفكر أحياناً في ترك مدرستي لأجد وقتاً أكبر للعب، وأحترف الرقص، وطموحي أن أفوز في اللعبة، ولأفعل ذلك يجب أن أقتل ما يقرب من 100 شخص دون أن أُقتل. ووافقه الرأي شقيقه أحمد «6 أعوام»، الذي أوضح أن fortnite من أفضل الألعاب، وأنه يجيد الرقصات كلها بمجرد سماعه الموسيقى الخاصة بالشخصية.
في حين، قال الطفل سعود آل خليفة «9 أعوام»: «لم أعد أقبل أي هدية لا تخص اللعبة، كما أنني أُفضِّل أن تكون هدايا العيد والنجاح مالية لأشتري شخصيات fortnite، وأتطور أكثر، وقد أنفقت العيديات كلها، وهدايا نجاحي هذا العام عليها».
ورأى بعض الاختصاصيين، أن عنصر العنف الموجود في اللعبة مقبول، ولن يؤثر على الأطفال، بينما قال آخرون: إن الأسلحة المستخدمة في اللعبة موجودة في الواقع، وقد يؤثر ذلك على الأطفال. وربطوا خطورتها بكثرة التوتر أيضاً.
وأكد بعضهم أنها لا تصح للأطفال أصغر من 12 عاماً، ويجب ألا يتعدى لعبهم بها الساعة الواحدة، لكنهم اتفقوا على أن منعهم منها سيضر بنفسيتهم.
رأي اجتماعي
فيما قالت منى العيد، أخصائية اجتماعية، ومذيعة في إذاعة جدة، إن ظهور مثل هذه الألعاب وانتشارها بشكل جنوني بين الأطفال، يُهدّد أمن الصغار، ويُظهِر بوضوح مدى عجز الأسرة (الوالدان والكبار) عن احتواء هذا التسلُّط أو التغلغل التقني الذي يغزو عقولهم الصغيرة، ويسيطر عليها، ويصنع ثقافةً عالمية يتبناها هذا الجيل الناشئ.
وقد أصبح الطفل أكثر دراية من والديه بخفايا هذه الألعاب وأسرارها، وللأسف يعاني الكبار من قلة الوعي والفهم لكل ما يدور داخل غرف الأطفال، الذين هجروا ساحات اللعب والمشاركة الحقيقية مع أقرانهم في الحي والأسرة، وارتموا في أحضان أجهزة ذكية لا يدركون مَنْ قد يتلاعب بهم، ويقودهم إلى نهاية مجهولة.
والحقيقة أننا أمام جيل ذكي للغاية، ولكنه يفتقد الرعاية والاهتمام من قِبَل الوالدين والمجتمع، لتوظيف قدراتهم العالية ونشاطهم فيما يفيدهم مستقبلاً، وينعكس على بلدانهم بالتطور والنماء.
وينبغي للوالدين التقرُّب أكثر من عقول أبنائهم، وإدراك أنه ما لم تكن قريبًا من أطفالك الآن، فقد تفقدهم للأبد، كما حدث بالفعل في حالات الانتحار التي تصدَّرت المشهد في كثير من مناطق العالم.