بعد أسبوع من الحريق الذي تعرضت إليه أسرة سعودية في منطقة تبوك، شمالي السعودية، وراحت ضحيته طفلتان، توفيتا اختناقاً، أُعلن وفاة الابنة الثالثة دماغياً. ولاتزال الأم، التي حاولت بكل بسالة وشجاعة إنقاذ فلذات كبدها، ترقد في العناية المركزة في حالة غيبوبة، تأثُّراً بإصابتها بحروق بالغة، وتلف في الرئة اليمنى جراء الدخان الكثيف، إضافة إلى فقدانها جنينها الذي كانت حاملاً به في الشهر الثالث.
أما الزوج، والابن البالغ ستة أعوام، فكتب الله لهما النجاة من هذه المأساة التي حلت بالأسرة، لكنهما يعيشان مرارة الصبر ولوعة الفقدان.
ولكشف تفاصيل الحادث، التقت "سيدتي" علي الحويطي، الأب، فتحدث لنا بنبرة حزينة عن ذاك اليوم المشؤوم في حياة أسرته، الذي سيبقى راسخاً في أذهانهم إلى الأبد، قائلاً: استيقظت وزوجتي أم يزن مع أذان صلاة الفجر، كما استيقظ معنا ابننا يزن، وابنتنا رجاء "٤ أعوام"، حيث ناما في وقت مبكر ليلة أمس، وبعد أداء الصلاة، تناولنا وجبة الإفطار في أجواء أسرية جميلة، وتطرقنا إلى الكثير من الأمور، بينما بقيت جود، ابنتا الكبرى، "9 أعوام" نائمة، وكذلك بسمة "عام وأربعة أشهر"، بعدها في تمام الساعة الثامنة ودعت زوجتي وطفلَي لقضاء بعض الأعمال خارج المنزل، ومراجعة قطاع التعليم ، فيما توجهت زوجتي إلى غرفة النوم لتنام إلى جوار بسمة، بعدها بدقائق تلقيت اتصالاً من زوجتي، تطلب مني العودة إلى المنزل بشكل عاجل لاندلاع حريق في المنزل، ولا أعلم حينها كيف تمالكت نفسي، واستجمعت قواي، وقدت سيارتي عائداً إلى المنزل، فقد كنت خائفاً جداً على زوجتي وأطفالي، وبدأت الأفكار والهواجس والأسئلة تحاصرني، وتكاد تفتك بي وتشل تفكيري، وعندما وصلت ورأيت بيتي يحترق، والدخان يتصاعد منه بشكل كثيف، صُدِمت بالمنظر، خاصة أن زوجتي وبناتي في الداخل، وجيراني وابني يزن في الخارج في حالة هلع شديدة، وبمجرد وصول رجال الدفاع المدني، الذين تم استدعاؤهم من قِبل الجيران، رافقتهم إلى داخل المنزل لأجد زوجتي في غرفة بناتي مغمى عليها وهي تحتضن جود ورجاء، اللتين فارقتا الحياة اختناقاً بالدخان الكثيف، أما ابنتنا الصغرى، فنُقِلَت مع زوجتي إلى المستشفى، وهناك أعلن الأطباء بعد إجراء الفحوصات والإسعافات الأولية تعرض بسمة إلى حروق في منطقة الظهر، ووفاتها دماغياً نتيجة توقف قلبها لمدة ٤٠ دقيقة، ولاتزال أم يزيد في غرفة العناية المركزة بعد تعرضها إلى حروق بنسبة ٣٠% من جسمها، وتضرر رئتها اليسرى بنسبة ٤٠%، إضافة إلى فقدانها جنينها الذي كانت حاملاً به في شهرها الثالث.
وإجابةً عن سؤالٍ لـ "سيدتي" حول أسباب اندلاع الحريق، قال الحويطي، استناداً إلى التفاصيل التي رواها له ابنه يزن، كونه الشاهد الوحيد حتى الآن على فصول المأساة في ظل وجود الأم في حالة غيبوبة: بعد خروجي من المنزل، وعودة أم يزن إلى غرفتها لتكمل نومها، استغلت طفلتنا رجاء الوضع، وحصلت على "الولاعة" من المطبخ، وبدافع طفولي "فضولي"، أشعلت النار في ستارة صالة المنزل، وما إن اندلعت النيران حتى سارع يزيد إلى إخبار والدته بالأمر، بينما توجهت رجاء إلى الغرفة الأخرى مع شقيقتها جود، فأخرجت زوجتي، وهي في حالة هلع، ابننا يزيد من المنزل، خاصة أن ألسنة النيران بدأت تتصاعد، وتصل إلى سقف الصالة، وما إن عادت زوجتي إلى المنزل لتنقذ جود ورجاء حتى سقط سقف الصالة الخشبي بالكامل، لذا لم تتمكَّن مع الأسف من إنقاذهما، حيث لفظتا أنفاسهما الأخيرة في أحضان والدتهما التي ضحت بنفسها وغامرت بشجاعة لإنقاذهما من النيران، فيما تعرضت بسمة إلى حروق في منطقة الظهر، وتم نقلها مع والدتها إلى المستشفى في حالة فقدان للوعي.
وأضاف علي "الحمد لله على قضائه وقدره. مازالت زوجتي تعاني من غيبوبة وحروق متفرقة في جسدها، لكنها فتحت عينيها اليوم لمدة نصف دقيقة فقط، وكل ما أرجوه هو نقل زوجتي وابنتي الصغرى من مستشفى الملك سلمان في تبوك إلى أحد المستشفيات المتخصصة الكبرى في إحدى المدن الرئيسية، أو إلى خارج السعودية، خاصة بسمة، وأدعو الله أن يعين زوجتي على تلقي صدمة فقدانها ابنتينا فقد كانتا لها، وبقية أطفالنا، كل حياتها، وأتمنى إخضاعها لعلاج نفسي لتتمكَّن من تجاوز الأزمة".