لاشك أنّ الرضا عن الذات، وتقبلها والتصالح معها، أحد الأمور الهامة للحياة بسعادة وبطريقة إيجابية ومتفائلة، إلا أنّ الكثيرين في عالمنا اليوم يعانون من قلة الرضا عن الذات، بل والسخط عنها، وبين هذا وذاك توجد فئة لا ترضى عن مجهوداتها مهما بذلت وعن نفسها بشكل عام، حيث سيطر عليها الخوف فترى أنّها دون المستوى، أطلق الباحثون على هذا النوع من الخوف اسم "أتيلوفوبيا"، فهل هذا الخوف ناتج عن اضطراب نفسي أو اجتماعي؟! ما أسبابه وكيفية التخلص منه؟.
يجيبنا على هذه التساؤلات الأخصائي النفسي بندر الجميعي، الذي بين أن "الأتيلوفوبيا" علمياً تندرج تحت اضطرابات القلق، كما هو الحال في معظم أنواع الرهاب، وهي تعني الخوف من عدم الكمال، بمعنى الشعور بالنقص في الأحداث الحياتية، وعدم القدرة في التغلب على شكوك الذات والإحباط.
وقال "يهتم الأشخاص الذين لديهم هذا النوع من الفوبيا بانطباع واعتقاد الناس عنهم خلال المواقف، مثل المكالمات الهاتفية، أو في المقابلات الوظيفية أو تناول الطعام أمام الآخرين أو التحدث علناً، لأنهم يصنعون هدف مثالي في مخيلتهم ليس من السهل الوصول له، مما يجعلهم بائسين وفاقدين للثقة في ذواتهم حتى يُعزز الاعتقاد لديهم أنه لا يمكنهم فعل أي شيء صحيح، مما يؤثر على علاقاتهم بالمجتمع نتيجة فشلهم في رحلة البحث عن الكمال وقد يصل ذلك إلى العزلة والانطواء وقد يتطور إلى نوبات هلع".
واستطرد :"بالرغم من أنّ المصابين بالفوبيا هم أشخاص عاديين والبعض منهم موهوبين، لكنهم يخفون قدراتهم ولا يقدمون على التنافس بسبب خوفهم من الهزيمة".
وأضاف : "أما أسباب الإصابة غير محددة لكنها غالباً ما تعود لظروف بيئية وأسرية واجهها الشخص في حياته، مثل الانتقاد والقسوة والتعنيف في الطفولة والمقارنة مع الأقران، وتلعب طبيعة المنافسة دور هام، إذ أنّ المضطرب بهذا النوع من الرهاب يأخذها على محمل الجد مما يصعب مواجهته للفشل، لذا عند شعور الإنسان بتوفر غالبية هذه الأعراض لديه يجب أن لا يتردد في الذهاب للعيادة".
وأشار إلى أن التدخل الطبي في مثل هذه الحالات، يراعى فيه التشخيص العلمي، ودرجة الشدة، ويبدأ بجلسات نفسية مع الأخصائي النفسي، ينفذ من خلالها فنيات علاجية ومهام يومية للحالة لمواجهة تلك المخاوف عند التعرض لها، وتعتبر دافعية طالب العلاج أمر هام كما يُقدّر مدى التدخل الدوائي من قبل الطبيب النفسي" .
ويرى الأخصائي الاجتماعي ماجد الميموني، أنّ "الأتيلوفوبيا" هي اضطراب قد يحدث نتيجة لمشاكل نفسية عديدة، أبرز أسبابها الضغوط النفسية وتأثيرها حين الاتصال بالآخرين، وإقامة العلاقات وتأثيرها السلبي أيضاً على الطاقة المهنية أو العملية، ويعتقد أنّ الحل الأنجع هو محاولة دمج المصاب مع المجتمع ومحاوله تشجيعه للابتعاد عن الوسوسة الزائدة والتفاؤل بالحياة.