يعتبر المقهى التاريخي: "الحافة" في مدينة طنجة، المكان الأمثل للباحثين عن الهدوء والسكينة والسلام؛ فإطلالته الرائعة على مضيق جبل طارق وسواحل أسبانيا، مع صوت النوارس التي تحوم حوله، وكأس الشاي الأخضر بالنعناع الذي يطلبه الزائرون لتكتمل الجلسة، جعل زوار المدينة والسياح، لا يترددون في زيارته، ولطالما كان وجهة لأهم الكتاب والشعراء والفنانين في العالم.
فمنذ إنشاء المقهى سنة 1921، من طرف "با محمد"، هذا الرجل الذي يحكي سكان منطقة المقهى عن صبره وتفانيه، من تحويله من مكان مهجور ومجمع للسكارى والمشردين، إلى مقهى عالمي بشعبية كبيرة، يرتاده أهم الشخصيات العالمية؛ لموقعه الإستراتيجي وجمالية الفضاء.
ويقع هذا المقهى، في منطقة مُميزة بالمدينة القديمة بطنجة، وهو حيّ "مرشان"، الذي يقطنه سكان المدينة الأصليون، الذين توارثوا منازلهم عن أهاليهم، ويتميّز مقهى الحافة، بتصميمه الجميل الذي يسمح للجميع بالتمتع بمشهد البحر؛ فهو مُصمم على 5 مستويات رأسية، كل مستوى توجد فيه كراسي وطاولات صغيرة، ويمتلئ هذا الفضاء بالزوار الباحثين عن الجمال والوحي والهدوء، وفي كثير من الأحيان، يزور المقهى بعض الشباب الموسيقيين، الذين يُحضرون آلاتهم الموسيقية ليجمّلوا المكان بفنهم، ويمتعوا الزوار بوصلات موسيقية رائعة، وحتى الطلاب الذين يحضرون لامتحاناتهم في جو بديع.
مقهى لرواد الفن و الأدب
على مقاعد هذا المقهى البسيط، جلس أهم الأدباء والشعراء والفلاسفة والفنانين، المغاربة والعالميين؛ فمقهى الحافة، كان اختيار الكاتب والمترجم الأميريكي بول بولز، الذي سُحر بالمدينة وبهذا المقهى، وكان كثيرًا ما يزورهما حتى قرّر أن تكون مدينة طنجة مكان إقامته، وكذلك الحال مع الفيلسوف الفرنسي المعاصر بيرنار هنري ليفي، الذي اقتنى منزلاً تطل شرفاته مباشرة على مدرجات المقهى، وهناك سطّر الروائي المغربي محمد شكري أسطر روايته الشهيرة "الخبز الحافي"؛ حيث اجتمعت في المقهى ذكرياته مع مدينته طنجة، وذكر أنه كان يجالس هناك الروائي المغربي الطاهر بنجلون...
وقد وصل سحر هذا المكان الهادئ والبسيط أيضًا إلى قادات سياسيين، وجدوا فيه المكان الأمثل للابتعاد عن البروتوكولات وحياة البذخ، والاستمتاع بزرقة الماء والبحر، كرئيس وزراء إنجلترا الأسبق وينستون تشرتشل، والأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان.
ولازالت لائحة الشخصيات المهمة التي زارت المقهى طويلة؛ لأن المكان يمدّ الرائد بطاقة حيوية، ويترك لك فسحة التأمل الجميل في جو بسيط؛ بعيدًا عن صخب المدينة.