الزمان: فصل صيف
المكان: فندق فخم في إحدى المدن السويسرية الجميلة
جلست امرأة في السادسة والأربعين من العمر، تبدو للوهلة الأولى أنها عادية في شكلها ولباسها، ترتشف قهوة الصباح، تركت زوجها وأبناءها الثلاثة في ألمانيا، واختارت هذا المكان الجميل الهادئ؛ لتنعم بأيام من الاسترخاء.
اقترب منها رجل سويسري أنيق لطيف في الرابعة والأربعين من العمر، طويل القامة ورياضي، واستأذنها في الجلوس إلى طاولتها بشكل عفوي، ودار بينهما حديث عادي، أعلمها فيه -وهو يقدم لها نفسه- أنه يعمل مبعوثاً خاصاً للحكومة السويسرية إلى مناطق النزاعات الساخنة في العالم، الرجل متحدث لبق، لا تمل سماعه، وأسلوبه في رواية أحداث يقول إنه عاشها، يجمع فيه بين الإفادة والإمتاع، يتقن خمس لغات، ومثقف، وله في كل مسألة رأي، وفي كل موضوع إلمام واطلاع.
أدب وذوق
كان الرجل يتحدث باتزان وبكامل الأدب والذوق، وابتسامة عذبة لا تفارقه، وهويدرج بين حين وآخر كلمات غزل رقيقة؛ حركت فيها من دون إرادة منها إحساساً جميلاً. تكررت اللقاءات بينهما بشكل؛ يبدوعفوياً، وكانت المرأة في كل جلسة معه؛ تكتشف جانباً من شخصيته الآسرة، وما زاد في إعجابها أن الرجل لا يعرف من هي؟
سيناريو ولا في الأفلام
المرأة في الحقيقة هي سوزان كلاتن Klatten Susan أغنى امرأة في ألمانيا، وتملك 12.5 من أسهم شركة السيارات الشهيرة BMW «بي إم دبليو»، وأكثر من 50% من شركة ألطانا Altana الشهيرة جداً في ألمانيا، والمختصّة في المواد الكيمياويّة، وشركات أخرى كثيرة ورثتها كلها عن والدها، وتدير إمبراطوية مالية، يقدر رأسمالها باكثر من 10 مليارات يورو، وهي امرأة متفرغة كلياً لأعمالها، ولا تختلط بالمجتمع المخملي، وهي لا تحب ارتداء الثياب الفاخرة؛ فهي لا تعرف إلا العمل في الظل والصمت، هذا طبعها.
أما الرجل الذي لاقته في الفندق فاسمه هالغ سغاربي Helg Sgarbi، وكان يعرف جيداً من هي، بل ولديه أدق المعلومات عنها وعن شخصيتها، وأنه نصب لها شباكاً لاصطيادها، وقد نزل في الفندق نفسه عن سابق إصرار وترصد، وإنه معتاد على اصطياد النساء الثريات اللاتي يعانين من الملل أو الوحدة، والإيقاع بهن.
تلاقيا مجدداً في جنوبي فرنسا وسويسرا وألمانيا، فالمرأة أصبحت تشتاق إليه، ومتلهفة لمواعيده معتقدة دائماً أنه رجل مهم، وقد كشفت له بعد مدة عن شخصيتها الحقيقية التي كانت على يقين بأنه كان يجهلها، وأثناء لقاء رتب موعده بينهما في أحد فنادق مدينة «ميونيخ» أخبرها أنه سيسافر إلى الولايات المتحدة الأمركية في مهمة عمل.
دراما.. ومافيا
ذات يوم، اتصل بها هاتفياً وهو في حالة اضطراب ليخبرها أنه كان في رحلة إلى «ميامي» في الولايات المتحدة الأميركية، وأنه ارتكب حادث مرور خطير، ودهس بسيارته فتاة صغيرة السن، هي اليوم في خطر، تبين لسوء حظه أن الفتاة، هي ابنة أحد أقطاب عصابة «المافيا»، وأنه هدده بعقاب شديد، قد يصل حد القضاء على مستقبله المهني أو اغتياله إن لم يدفع له فدية قدرها 10 ملايين دولار، مشيراً إلى أنه تدبر أمره وجمع 3 ملايين دولار وبقي أن يكمل بقية المبلغ، ترددت المرأة ولكنها كانت عاشقة ومحبة، والحب أعمى؛ فقبلت أن تمنحه باقي المبلغ، جاء مسرعاً إلى ألمانيا وسلمته المبلغ نقداً، وعاد إلى بلاده، وأعلمها أنه حول المبلغ إلى محامي أسرة الطفلة، وأن القضية طويت.
المفاجأة
استمرت اللقاءات الرامية بينهما، وعرض عليها الزواج متقناً دور المتيم بحبها، وانطلت على المرأة المسرحية. فتحين فرصة كانت فيها في شوق للقائه؛ ليطلب منها مبلغ 50 مليون يورو، ولكنه فوجئ بها ترفض مطلبه، وتعلمه بأنها قطعت العلاقة معه نهائياً، ومن دون رجعة، حاول مراراً، ولكن القرار كان «ألمانياً»، ولما أيقن أن المرأة كانت صارمة، مر إلى المرحلة الثانية من خطته، وهي المساومة، فقد أعلمها أنه يملك صوراً وفيديو لليالي الوردية التي قضياها معاً، وأرسل لها بالبريد بعض الصور، وساومها، إما المال، وإما الفضيحة.
وما لم تكن تعرفه سوزان أن عشيقها كان في تحركاته دائماً برفقة شريك آخر اسمه أرناني باريتا، 63 عاماً وهو مهاجر إيطاليّ يعيش في سويسرا، وهو في الأصل سبّاك، والرّأس المدبّر لكلّ هذه العمليّة الجهنمية، والسويسري -وهو في الأصل بائع دجاج- لم يكن سوى منفذ مقابل عمولة، وما لم تكن تعلمه الألمانية الثرية أن عشيقها -باتّفاق مع الإيطالي الموجود دائماً في غرفة مجاورة لهما في الفندق- كان يصوّر عبر كاميرا صغيرة مزروعة في الغرفة كلّ تفاصيل المغامرة العاطفيّة والعلاقة بينهما، ولما واجهت سوزان عشيقها بالرفض، أبدى استعداداً للتفاوض لتنزيل المبلغ المطلوب إلى حد 14 مليون يورو.
حبس 6 سنوات
فكرت المرأة، وقررت إعلام زوجها والشرطة ومواجهة الرأي العام بشجاعة، وتظاهرت وفق الخطة المعدة مع الشرطة الألمانية بقبولها دفع المبلغ بعد التفاوض على تخفيض قيمته؛ ليبلع الطعم، وجاء الرجل مسرعاً إلى ألمانيا، وتم ضبطه متلبساً بالجرم، وانفجرت فضيحة كبرى.
وأثناء محاكمته اعترف السويسري المخادع بما ارتكب، وطلب العفو من ضحاياه، فقد نجح في إيقاع الكثير من النّساء الثّريّات في شباكه.
حكمت المحكمة عليه بالحبس لمدة 6 سنوات، في حين أن الإيطالي خرج منها كالشعرة من العجين.
تابعوا القصة الكاملة في عدد سيدتي 1688.