وجوه الأمَّهات اللاتي صرخن لـ«سيِّدتي»، وهنَّ يروين قصصهنَّ مع أبنائهن، رافعات شعار «نار الدِّراسة... ولا فوضى الإجازة».
ما بين القناعة بأنَّ الإجازة وقت الرَّاحة من كل التزام، والمخاوف من تبديد طاقة الأبناء هدراً، ترفع الأمَّهات شعار «نار الدِّراسة، ولا فوضى الإجازة»، لكن تبقى مساحة من الحريَّة تمنحها الأمَّهات للأبناء والبنات أيام الإجازة لا تكون بالطَّبع أيام الدِّراسة.
وعن ذلك تقول (حورية. ب): «كل هذا الانضباط الذي أبنيه لأشهر طويلة يضيع مع أول يوم في الإجازة، حيث لا تكون لدى زوجي مهمَّة توصيلهم ذهاباً وإياباً إلى المدرسة، ولا مهمَّة المذاكرة لهم، فيكون معظم وقته بعد عمله مع أصدقائه، كما أنَّ الأولاد يمضون السَّاعات الطَّويلة أمام الألعاب الإلكترونيَّة، واللعب والسَّهر، ولا أستطيع إقناعهم بعد نجاحهم بتفوُّق؛ لذا بالفعل «نار الدِّراسة ولا فوضى الإجازة».
تتفق (سارة) التي لديها ولدان وبنت مع الرأي السَّابق، حيث تقول: «البنت تكون معي في المطبخ رغم اعتراضها الدَّائم على لعب أخويها، بينما أخواها يلهوان مع أصدقائهما في المساء كل ليلة، إضافةً إلى أقاربنا القريبين من عمريهما، فتكون تجمعاتهم، والعودة في وقت متأخر، ومواصلة السَّهر إلى ساعات الصَّباح الأولى، لا نجتمع أبداً طوال أيام الإجازة على مائدة طعام واحدة، وطاقتنا الماديَّة لا تتحمَّل الخروج إلى المولات كل يوم، خصوصاً أنَّهم أصبحوا في عمر الشَّباب».
السفر واللقاء العائلي
أفلتت بعض الأسر من هذه الفوضى بالسَّفر إلى خارج المملكة؛ لتمضية شهرين من أشهر الصيف، وعن ذلك تقول (بسمة): «سافرت مع أولادي إلى بيروت من أول أيام الإجازة؛ لتمضية شهر ونصف؛ هروباً من حر الصيف في الرياض، والآن أنا أعيش مع الأولاد أحلى الأيام؛ لأنَّ أيام الدِّراسة كلَّها تكون انشغالاً دائماً، أمَّا أيام الإجازة، خصوصاً مع السَّفر فتختلف تماماً، حيث نكون سعداء بتجمعنا، خاصَّةً أنَّ زوجي رجل أعمال، وهو مشغول أغلب وقته، أمَّا عن شعار الأمهات الذي يرفعنه «نار الدِّراسة ولا فوضى الإجازة»، فهذا لا أوافق عليه؛ لأنَّ الأم هي المسؤولة رقم واحد عن الأسرة داخل البيت».
الآباء يؤيِّدون الأمَّهات
يتَّفق الإعلاميّ الرياضيّ (نبيل العبودي) مع شعار الأمهات «نار الدِّراسة ولا فوضى الإجازة»، مبرراً ذلك بقوله: «وقت الإجازة، بناتي لا ينمن إلا بعد الفجر تقريباً، وحين أداعبهنَّ وألاعبهنَّ لأحثهنَّ على النَّوم مبكراً، تختصر ابنتي الكبرى كل الكلام بقولها: «الإجازة يا بابا»، وفي ذلك الوقت لا أعرف بم أرد عليها».
ويتَّفق معه الإعلاميّ السعوديّ (محمد العيدروس)، حيث يقول: «أنا أوافق الأمَّهات على شعارهنَّ «نار الدِّراسة ولا فوضى الإجازة»، فالنَّوادي الصيفيَّة تكلفتها مرتفعة، كما أنَّ هناك الكثير من الأسر ترتِّب للسَّفر خلال الإجازة، بينما هناك أسر تبقى في المملكة، والأبناء المراهقون لا يعرفون ما الذي يقومون به طوال شهر الإجازة، وهذا مردّه إلى طول فترة الإجازة، والتي أقترح أن تقسَّم على أشهر الدِّراسة».
تقول الاختصاصيَّة النفسيَّة والاجتماعيَّة (حصة العزاز): «عن الفوضى من عدمها داخل الأسر، فهذا مردّه الأسرة نفسها، فهناك أسر لا تتأثَّر بفوضى الإجازة، وهناك أسر لا تستطيع السيطرة على أبنائها المراهقين الذين يعتبرون الإجازة تعبيراً عن الحرية المطلقة، التي يفهمونها على أنَّها فوضى مطلقة، وهذه هي الإشكاليَّة في مفهوم الإجازة، والتي يدعمها المجتمع، فكثير من محلات الوجبات الجاهزة تفتح لساعات متأخِّرة من الليل، كذلك الاستراحات تغلق أبوابها في الثانية صباحاً، وترتيب كل هذه الأمور داخل الأسر تقع مسؤوليَّته على عاتق الآباء والأمَّهات».