في شهر رمضان المبارك، ومع العد التنازلي لأذان المغرب يتم إعلان حالة الاستنفار القصوى داخل البيوت السعودية، ومهما كانت ربة المنزل من الحرص والنظام والدقة في إعداد وجبة الإفطار في الوقت المحدد فلابد أن يداهمها الوقت، وتصبح وكأنها أشبه ما تكون في ملعب صابوني. «سيدتي نت» ومن خلال التحقيق الآتي ترصد لكم تلك اللحظات.
مداهمة الوقت
«ساعة الإفطار يفترض أن تكون وقتاً للسكينة والطمأنينة، ولكن ما يحصل هو العكس تماماً من التشتت والربكة ومداهمة الوقت». تلك كانت وجهة نظر «إزدهار باتوبارا» سيدة الأعمال التي تبرر ذلك بقولها: «وغالباً ما يتوقف الأمر على عملية القلي، التي لابد أن تكون في الدقائق الأخيرة، وعلى الرغم من أنني حريصة على عمل الطعام بنفسي وتجهيز الطلبات الخاصة بالأبناء وعدم ترك ذلك للخادمة، إلا أنني وأحياناً في حالات الضرورة القصوى أضطر للذهاب إلى العمل، وغالباً ما يسرقني الوقت لأجد نفسي قد تورطت في زحام الطريق، وقد يدخل وقت المغرب وأنا لم أعد للمنزل».
حالة استنفار
تتعجب المذيعة «مها السراج» من حالة الاستنفار التي تشهدها البيوت قبل دقائق من انطلاق مدفع الإفطار، والزنقة التي تتعرض لها الزوجات، وكأنّ رمضان شهر للأكل وليس للصيام، وكما تشهد المطاعم والمحلات التجارية في هذه اللحظات ازدحاماً وإقبالاً على الشراء، وخصوصاً محلات الفول، التي يقبل عليها الناس بطريقة عجيبة، رغم أنه متوفر طوال العام، وليس كبعض المأكولات المرتبطة بهذا الشهر الفضيل، والأكثر عجباً هو الانتظار لما قبل الإفطار بساعة؛ كي يذهب الناس لشرائه، الأمر الذي يؤدي للزحام والوقوف في هيئة طوابير طويلة، وفي بعض الأوقات يتسبب ذلك بفقد الأعصاب وحصول المشاحنات.
وكان يمكن تفادي الكثير من ذلك لو أنّ الزوجة قامت بطبخ الفول في البيت، خاصة أنّ عمله بسيط جداً، وأيضاً سيكون أكثر شهية». لمة رمضان وتعتبر «بديعة أبو خلف» سيدة الأعمال، لحظة الإفطار وما يحصل فيها من زحمة وإرباك من أجمل الذكريات التي تميز شهر رمضان المبارك، ولا فرار من حدوثها، ومن اكتشاف نسيان شيء ما، والحاجة الماسة لإرسال من يحضرها من خارج المنزل، حيث يجتمع أبناؤها وأحفادها على مائدة الإفطار، وتسعى لتلبية رغبات الجميع بمساعدة طباختها، التي تعمل لديها منذ خمس وعشرين سنة، وتسعى لتطوير مهاراتها في الطبخ عاماً بعد الآخر؛ بإلحاقها بدورات لتعلم إعداد أشهر الأطباق العالمية والحلويات العربية.
الإفطار خارج المنزل
وفي رأي مخالف تعتبر الفنانة «شيرين خطاب» أنّ الوضع في المنزل في لحظات الإفطار غالباً ما يكون تحت سيطرة ربة المنزل، التي تعمل على تنظيم وقتها، بحيث تنتهي من تجهيز المائدة في الوقت المحدد، ولكن المدهش حاليّاً هو خروج العائلات السعودية للإفطار خارج المنزل، سواء كان على الكورنيش أو في الفنادق، والتي يقف فيها طوابير من البشر في مشهد لا يتكرر إلا في هذا الشهر من العام. وتضيف شيرين: «أذكر أنني اتجهت في أحد الأيام للإفطار في أحد الفنادق، وصعقت من الهجوم الهمجي على البوفيه، والمنظر غير الحضاري، وكأننا مقبلون على مجاعة».
المساعد المطيع
في حين يرى «حاتم الشلاحي» أنه من الطبيعي أن تحصل ربكة في كل بيت ساعة الإفطار، وأن يفزع الجميع لتقديم المساعدة، ويضيف: «أنا عن نفسي كنت المساعد المطيع، باعتبار أنني أصغر الأبناء، وأذكر أنني في إحدى المرات أنهكني التعب والجوع، وقررت أن أفطر بتناول بعض البسكويت، ولم أكن أعلم أنّ والدي كان يراقبني؛ ليلقنني درساً لازلت أذكره رغم مرور سنوات طويلة على الحادثة».
رأي الشرع
يشير الدكتور «خالد المشيقح» أستاذ الفقه بجامعة القصيم إلى أنّ شهر رمضان شهر مبارك وبركاته متعددة، منها: أنّ فيه ساعات إجابة تجاب فيها الدعوات، ومن أهمها ساعتا الإفطار والسحر لقوله _صلى الله عليه وسلم_ «للصائم دعوة لا ترد». ولذلك فحري بالمسلمة أن تستغل هاتين الفترتين لعلها توافق باباً مفتوحاً فيشملها الله برحمته وفضله، ولكن ما تفعله بعض المسلمات اليوم هو الانشغال بالطعام وما يتعلق بالإفطار وما يترتب عليه من تفويت هذا الخير، وتضييع لهذه البركة، وكان بالإمكان استدراكه بالإعداد المسبق للطعام والتفرغ ولو دقائق للدعاء، وكما أنّ بإمكانها وهي تعنى بالتهيئة أن تكثر من الاستغفار والدعاء؛ فلعلها توافق ساعة الإجابة ويستجاب لها، مع أنّ ذلك لا يتماشى مع آداب الدعاء وسننه الذي يجتمع فيه الذل والعبادة والرهبة والتوكل عليه، مع التوجه للقبلة ورفع اليدين.