تختلف الشعوب في عاداتها وتقاليدها في شهر رمضان وإن جمعها صوت المدفع ونداء المسحراتي، لكن رمضان الحجاز له طعمه ونكهته الخاصة، التي تستشعرها في كل ركن وحارة وشارع وبيت، وحتى علاقتك بأهلك وأصدقائك يحكمها هذا الشهر الكريم، فتتبدل أماكن اللقاء وأوقاته، فبمجرد إعلان رمضان بعد صلاة المغرب تبدأ أجواء رمضان عند أهل الحجاز؛ فتزدحم الشوارع، وتعلق الفوانيس عند الأبواب، وتتفقد ربات البيوت أغراض رمضان؛ من أجل المأكولات الحجازيَّة التي لا غنى عنها على أي سفرة حجازيَّة، فبين رائحة بخور العود والمستكة، والفول المبخر وشوربة الحبِّ والسمبوسك المضفرة، «سيدتي نت» تذهب في رحلة مع أهل الحجاز؛ للاطلاع على عاداتهم وتقاليدهم الرمضانيَّة.
بخور الزير وإشعال الفوانيس بداية، أوضحت الخالة زين مدني (55 عاماً) من أهل الطائف، ربة منزل، أنَّ فرحتهم بدخول شهر البركة والغفران تجعلهم يستعدون له قبل شهر؛ بتجهيز متطلباته، فنحضر الفوانيس ونبخر المشروبات والزير، ونزرع الفول والترمس والحلبة، ويزداد التواصل بين الأهل والجيران، ويسكن سماء المدينة بالقرآن وصلاة التراويح. مدشوش المدينة.. نكهة خاصة أما أم ماهر (50 عاماً)، ربة منزل من المدينة المنورة، فأضافت: لأهل المدينة عادات وتقاليد لا بد من اتباعها، خاصة ما يتعلق بالسفرة الرمضانيَّة التي لها نكهتها الخاصة وأطباقها التي لا نعدها إلا في شهر الغفران، وقد تميز أهل المدينة بطبق شوربة الحب «المدشوش»، والمعجنات بأنواعها.
أهل مكَّة أولى برمضان أما الرجل الحجازي فبالطبع له عاداته وأجواؤه المميزة في رمضان، ويحكي لنا عبد الرحمن عبد الهادي، (60 عاماً) من مكَّة المكرَّمة، وكله حنين للماضي عن عادات حجازية قديمة شبه انقرضت، أو لم تعد كما كانت. ففي السابق -كما قال- كانت البيوت تدهن من الداخل والخارج؛ ترحيباً بقدوم رمضان، وتحضر الإنارة (الأتاريك)، وتجهز الجلسات في الشوارع بالقرب من المنازل، وهو المكان الذي يسهر فيه الرجال في رمضان، وتنظف الستائر والمفارش والمساند، وقبل دخول رمضان بيومين لا بد من تحضير السوبيا التي اشتهر بها أهل الحجاز بنوعيها الحمراء والبيضاء.
أما عن عادات الإفطار، فأضاف عمَّنا عبد الهادي: كنا نذهب إلى الكعبة المشرَّفة ونرص الدوارق ونطوف، ومن ثمَّ نفطر بتمر وماء زمزم ولبن و«قهوة عربي»، وبعد صلاة المغرب ننطلق لبيوتنا؛ لنجد السفرة التي تحتوي على الفول المبخر بالبصل، والفول بالطحينة بالسمن البري، والشوربة والسمبوسك المضفرة، والبف الفرني، والدقة (ملح المدينة)، والدقس، وعيش باللحم، وبعد راحة قصيرة يتجمع الرجال بعد صلاة التراويح بـ(البزرة)، وتجهز صواني الحلويات الرمضانية؛ مثل السقدانة، والتطلي، واللقيمات، وغيرها، ونشرب الشاي، ونقضي بقيَّة الوقت إلى حين موعد السحور. إلا.. جدة وأوضحت سميرة عزب، من جدة، أنَّهم يستعدون لرمضان قبل شهر، فنبدأ بتنظيف المنزل بأكمله، وتلبيس المساند، وتنصب (الكراويته) للشاي، وتبخر (كاسات الزجاج) وفناجين القهوة، ويحمّص البن، وتجهز المكسرات، ويخمر اللبن، ويبلّ قمر الدين، و(تبس) الكنافة بالسمن. وبصورة عامة أوضحت عزب أنَّ رمضان في جدة يلخص بمقولة «العشرة الأولى للجزار، والعشرة الثانية للقماش، والعشرة الأخيرة للخياط».
اقرئي المزيد من المواضيع في رمضانيات