بنفس الوقت التي أظهرت فيه مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة حول العالم، العديد من الجوانب الإنسانية لدى الأشخاص، مثل حملات الدعم والتبرعات وعرض القضايا التي تهم الجميع بتنوع خلفياتهم الثقافية والعرقية وغيرها، وتسليط الضوء على هذه القضايا، تمكنت هذه المواقع بالوقت نفسه، من إظهار الجانب المظلم من البشر أيضاً، وصرنا نحن المستخدمين لها على مفترق طرق واختيار واضح بين إنسانيتنا وشيطانيتنا – إن صح التعبير-
وبحسب ما نشره موقع «سكاي نيوز»، فقد أثار مؤخراً، مزاد علني لبيع «طفــلة» في جنوب السودان، تم نشره على موقع التواصل الاجتماعي الأشهر عالمياً «فيسبوك»، الكثير من الغضب والجدل بين مستخدميه، كما لاقى الموقع العالمي انتقادات شديدة وواسعة بما يخص رقابته على مثل هذه الأمور التي يتم نشرها عبر منصته.
وفي التفاصيل، أن عائلة الطفلة التي تبلغ من العمر 13 عاماً فقط، كانت قد عرضت ابنتها في مزاد علني من أجل الزواج، مقابل أعلى سعر سيدفعه الأشخاص مقابل ذلك، وكان ذلك قد تم في 25 تشرين الأول / أكتوبر الماضي 2018، إلا أن موقع «فيسبوك»، كان قد أعلن بأنه لم يَتَنَبّه إلى هذا المزاد الذي نُشر عبره إلا مؤخراً في تاريخ 9 تشرين الثاني / نوفمبر 2018، وأعلن المتحدث الرسمي باسم الشركة أنه تم على الفور إزالة هذا الإعلان نهائياً عن الموقع، إلا أن هذا الإجراء كان قد جاء متأخراً، وذلك لأن الفتاة القاصر، كانت قد تزوجت فعلاً.
الزواج البشع..
ونقلت وسائل الإعلام المختلفة، عن منظمة «إنترناشيول بلان»، وهي منظمة إنسانية تركز على حقوق الطفل، بأن الطفلة المسكينة كانت قد تزوجت بالفعل في تاريخ 3 تشرين الثاني / نوفمبر 2018، في ولاية «البحيرات الشرقية» في جنوب السودان، وأن العريس الذي تزوجها بعد أن دفع المبلغ الأكبر من خلال المزاد العلني على الـ«فيسبوك»، كان قد دفع فيها 500 بقرة و3 سيارات بالإضافة إلى مبلغ 10 آلاف دولار.
ونقل موقع «ماشابل» المحلي في البلاد، عن «جورج أوتيم»، وهو مدير فرع منظمة «إنترناشيول بلان» في جنوب السودان، تصريحاته التي جاء فيها: «هذا الاستخدام البربري للتكنولوجيا، يعيد إلى الأذهان فكرة أسواق الرقيق، إن بيع فتاة قاصر للزواج على أكبر موقع للتواصل الاجتماعي لا يمكن أن يخطر ببال أي أحد».
ومن جهتها، ردت شركة «فيسبوك» عبر بيان رسمي لها أن: «أي شكل من أشكال الاتجار بالبشر، سواء كانت المشاركات أو الصفحات أو الإعلانات أو المجموعات التي تنسق هذا النشاط، غير مسموح بها على منصتنا على الإطلاق. وبمجرد علمنا بهذه المشاركة، عمدنا بسرعة إلى إزالة المحتوى والملف الشخصي لوالد الطفلة».
ومن الجدير بالذكر، أنه وبموجب القانون في جنوب السودان، ينبغي موافقة النساء والفتيات على الزواج، كما لا يجوز أن يتعرض الطفل الذي يقل عمره عن 18 عاماً للاستغلال أو الإساءة، وعلى رغم من ذلك ذكرت منظمة «بنات غير عرائس» لمكافحة زواج الأطفال، بأن هناك العديد من مجتمعات جنوب السودان تنظر إلى زواج الأطفال، كطريقة لحماية الفتيات من ممارسة الرذيلة قبل الزواج، والحمل غير المرغوب فيه».
وبدورها، تقدر منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» أن أكثر من نصف الفتيات في جنوب السودان يتزوجن قبل أن يبلغن سن الثامنة عشرة، مع استمرار الصراعات والحروب داخل البلاد تسعى العائلات إلى تزويج بناتهن عنوة للحصول على المال في ظل أوضاع الفقر التي تعيشها البلاد.