معطف طبي أبيض، إبر للحقن، غرف عمليات معقمة، سماعة طبية، أشخاص أجهدهم المرض، وغرفة طوارئ تعج بالمصابين والمرضى، كل هذه المشاهد التي تبعث على الكآبة والخوف أحياناً، هي الصورة النمطية لدى معظم الناس عن المستشفيات، خاصة لدى المرضى الأطفال، إلى جانب العديد من الحكايا الدرامية للمرضى الذين يواجهون معاركهم الخاصة مع أمراضهم، وربما يكون هذا كله صحيح إلى حد كبير، ولكن قد يغير هذا الطبيب بطل هذا المقال، رأيك ولو قليلاً حول المستشفيات.
الطبيب الأمريكي "توني آدكينز"، البالغ من العمر قرابة الـ 42 عاماً، من مستشفى "أورانج كاونتي orange country" للأطفال، في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، هو بطل هذه الحكاية، التي قد تغير الصورة النمطية السابقة، تحديداً لدى الأطفال، الذين دون أدنى شك قد يعتبرون المستشفيات إحدى "كوابيسهم" المخيفة، على الرغم من أنها المكان الأمثل لإنهاء معاناتهم وآلامهم من الأمراض.
يعتمد "آدكينز"، طريقة علاج جديدة وغريبة للغاية، أو ربما المصطلح الأدق لها أنها "مرحــــة"، فهو يعتقد بأن "الرقـــص"، يعتبر وسيلة مثالية للمساعدة في علاج الأطفال المرضى، لذلك يقوم هذا الطبيب المرح بتأدية العديد من الرقصات برفقتهم داخل غرفهم في المستشفى. كما يقوم الطبيب الأمريكي بنشر العديد من الفيديوهات التي تم تصويرها له، وهو يؤدي هذه الرقصات برفقة الأطفال، عبر مواقع التواصل الإجتماعي المختلفة، وهو ما جلب له شهرة واسعة، بالإضافة إلى أن الكثير من رواد هذه المواقع، أشادوا كثيراً بطريقته المبتكرة، التي يرون بأنها بكل تأكيد ستكون نافعة جداً في رحلة علاج هؤلاء الأطفال.
وكانت صحيفة الـ"ديلي ميل daily mail" البريطانية، قد ذكرت بأن "توني آدكينز"، يعمل جراحاً للأعصاب، ويرى بأنه من واجب الأطباء القيام بالترفيه عن مرضاهم، تحديداً في حال كانوا أطفالاً، ويعتبر "آدكينز" أن القيام بذلك يعد "هدفـــاً إنسانياً" في المقام الأول، وبعد تداول المقاطع المصورة التي يظهر فيها وهون يرقص برفقة الأطفال المرضى للتخفيف من معاناتهم وآلامهم، أطلق عليه العديد من رواد التواصل الإجتماعي لقب "الطبيب الراقص"، وذلك لتفانيه في إسعاد الأطفال بمساعدة عدد من الموظفين بالمستشفى.
وتتابع الصحيفة البريطانية، بأن الطبيب الأمريكي "أدكينز"، كان قد أكد خلال العديد من المقابلات والحوارات التي أجربت معه، بأن الضحك والمرح، هو الدواء الأمثل للمرضى، خاصة للأطفال منهم، وأشار بأنه يحاول الحفاظ على ما أطلق عليه "سحر الطفولة"، الذي يجعله مليئاً طوال الوقت بالتفاؤل وحب الناس له في الحياة، ويدرك "الطبيب الراقص" بأن الأطفال في طبيعتهم لا يحبون المستشفيات، بسبب تعرضهم للألم أثناء إجراء فحوصات معينة، أو عندما يكون هناك حاجة لبقائهم عدة أيام في غرف المستشفى، لذلك يعتقد أن ما يقوم به يعمل على تهيئتهم نفسياً بشكل جيد للقدوم وإجراء الفحوصات وأخذ العلاجات اللازمة.
ويُشار إلى أن جراح الأعصاب الأمريكي "توني آدكينز"، كان قد بيّن خلال إحدى المقابلات التي أجريت معه، بأن هناك العديد من الدراسات العلمية الطبية، التي أكدت بأنه عندما يضحك الناس ويبتسمون، ويكونون مستمتعين بأوقاتهم، يصبحون أكثر تفاعلية، ويكون تأثير ذلك الأمر على الدماغ أكثر قوة من بعض الأدوية المؤلمة.
تجربة "آدكينز" ليست الوحيدة من نوعها..
ومن الجدير بالذكر، أن تجربة "الطبيب الراقص"، جراح الأعصاب "توني آدكينز"، لا تعتبر الوحيدة من نوعها في تاريخ عالم الطب، حيث خلال حقبتي الستينات والسبعينات من القرن الماضي، كان هناك طبيب أمريكي آخر شهير، وهو "باتش آدمز"، الذي بالإضافة إلى كونه طبيباً، كان ناشطاً اجتماعياً ومؤلفاً. إذ أنه كان يقوم بصنع الضحك والفكاهة لجميع المرضى لا سيما الأطفال منهم، عن طريق ما يفعله من تقليد للمهرجين.
وخلال العام 1971، أسس "باتش آدمز"، معهد "جيزوند هايت"، الذي يقوم في كل عام بتنظيم رحلة لمجموعة من المتطوعين الذين من بينهم أطباء من مختلف أنحاء العالم، للسفر إلى عدة دول حيث يقومون بالتنكر كالمهرجين في محاولة لجلب الفكاهة والفرح والضحك للأيتام والمرضى وغيرهم من الناس. كما أن تجربته الفريدة هذه تحولت إلى أحد أنجح وأشهر الأفلام في تاريخ "هوليوود"، والذي حمل اسم الطبيب نفسه "باتش آدمز"، إذ كان قد جسد شخصيته النجم الأمريكي الراحل، "روبن ويليامز"، وكان هذه العمل السينمائي قد تم إنتاجه وعرضه خلال العام 1998.