في الوقت الذي يرى الكثيرون بأن المرأة هي "نصف المجتمع"، يرى كثيرون غيرهم أنها أكثر من ذلك، وربما تكون هي المجتمع كاملاً، فالمرأة هي الأم التي تحمل لُبّنَ المستقبل في رحمها، وهي المعلم الأول لجميع الأفكار، والطفلة التي قد تبني العالم عندما تكبر، والتي تقف جنباً إلى جنب مع الرجل.
لقد كانت المرأة ولازالت، تتحدى ظروف الظلم التي وقعت عليها في مختلف بقاع وثقافات العالم، ولأنها تعرضت للعنف بجميع أشكاله وأنواعه، فكان لا بد من تحرك أممي لمواجهة هذا الأمر، فكان من الأمم المتحدة، أن تطلق "اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة"، ليكون في يوم 25 نوفمبر من كل عام، كنداء عالمي كبير لمناهضة العنف ضد المرأة بكل أشكاله.
كيف بدأ اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة
حادثة اغتيال الناشطات السياسيات الثلاث من جمهورية الدومينيكان، وهن الأخوات "ميرابال"، والتي وقعت خلال العام 1960، بأوامر من الحاكم الدومينيكي السابق "رافاييل ترخيو"، كانت هي الشرارة الأولى لإطلاق صرخة عالمية بشأن العنف على المرأة، إذ أنه وخلال العام 1981، اختار عدد من الناشطين الحقوقيين العالميين، تاريخ يوم اغتيالهم 25 نوفمبر، ليكون يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، وفي تاريخ 20 ديسمبر من العام 1993، اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قرارها رقم "48/104"، الذي اعتمدت فيه الإعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة.
وفي العام 1999، حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 نوفمبر، ليكون "اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة"، ودعت الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية، للإحتفال به في كل عام، من خلال تنظيم فعاليات خاصة للتعريف بما تعانيه المرأة من عنف واعتداءات بمختلف أرجاء العالم، مما يمهد الطريق نحو القضاء على العنف ضد النساء والفتيات.
العنف ضد المرأة كما تعرفه الأمم المتحدة
وبحسب إعلان القضاء على العنف ضد المرأة الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال العام 1993، فإن العنف ضد المرأة هو: "أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس، ويترتب عنه أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة."
وأشارت الأمم المتحدة، أن العواقب السلبية المترتبة عن العنف ضد المرأة والفتاة، تؤثر على صحة النساء النفسية والجنسية والإنجابية في جميع مراحل حياتهن، على سبيل المثال، لا تمثل سلبيات انعدام التعليم المبكر العائق الرئيسي لحق الفتيات في التعليم وتعميمه فقط بل في النهاية تقيد الوصول إلى التعليم العالي وتؤدي إلى محدودية خلق فرص الشغل للمرأة داخل سوق العمل.
معلومات خطيرة حول العنف ضد المرأة..
ونشرت الأمم المتحدة، عدداً من المعلومات الخطيرة في هذا الشأن، ومنها، أن امرأة واﺣﺪة ﻣﻦ ﺛﻼثة ﻧﺴﺎء وﻓﺘﻴﺎت، ﺗﺘﻌﺮض ﻟﻠﻌﻨﻒ اﻟﺠﺴﺪي أو اﻟﺠﻨﺴﻲ خلال ﺣﻴﺎﺗﻬﻦ، ويكون ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ اﻷﺣﻴﺎن من طرف الزوج. وأن ما نسبته 52% فقط من النساء المتزوجات أو المرتبطات، يتخذن بحرية قراراتهن بشأن العلاقات الجنسية واستخدام وسائل منع الحمل والرعاية الصحية.
كما أنه يتم تزويج ما يقارب الـ 750 مليون امرأة وفتاة على قيد الحياة اليوم في جميع أنحاء العالم، قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة؛ في حين أنه كانت قد خضعت 200 مليون امرأة وفتاة لـ "ختان الإناث". إلى جانب أنه تم قتل امرأة أو فتاة واحدة من كل اثنتين من النساء اللاتي قُتلن في جميع أنحاء العالم على أيدي أزواجهن أو أسرهن في عام 2012؛ بينما قتل واحد فقط من بين 20 رجلًا في ظروف مماثلة.
حملة "العالم برتقالي" ..
واختارت هيئة الأمم المتحدة للمرأة، يوم 25 من كل شهر، ليكون "اليوم البرتقالي" لحملتها "اتحدوا - قُل لا "، التي تم إطلاقها خلال العام 2009، والتي تهدف إلى تعبئة المجتمع المدني والناشطين والحكومات ومنظومة الأمم المتحدة، من أجل تقوية تأثير حملة الأمين العام للأمم المتحدة "اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة"، ويتم تشجيع المشاركين في جميع أنحاء العالم على ارتداء لمسة برتقالية، حيث يرمز اللون البرتقالي إلى مستقبل أكثر إشراقاً وعالماً خالٍ من العنف ضد النساء والفتيات تضامنا مع قضية الحد من العنف ضد المرأة.
موضوع العام الجاري : العالم البرتقالي #اسمعني
واختارت الأمم المتحدة، أن يكون موضوع العام الجاري 2018 هو "العالم البرتقالي #اسمعني"، وأشارت إلى أنه مثل الإصدارات السابقة لهذا اليوم سيتم إطلاق 16 يوماً من النضال لمناهضة العنف ضد المرأة، والتي ستستمر بدءاً من 25 نوفمبر 2018، وحتى 10 ديسمبر المقبل، الذي يوافق "اليوم العالمي لحقوق الإنسان". حيث أنه كان قد تم التنسيق مع مجموعة كبيرة من الفعاليات العامة حيث ستضاف لمسة برتقالية على المباني البارزة والمعالم التذكارية للتذكير بالحاجة الماسة إلى مستقبل خالٍ من العنف.