يواصل الدكتور أحمد إسماعيل حديثه عن تقنية أطفال الأنابيب، وأهم التطورات التي حدثت بعد أربعين عامًا على نجاح أول ولادة بهذه الطريقة:
• بعد أربعين عامًا، ما هو حجم التطورات التي حدثت على تقنية أطفال الأنابيب؟
- حصلت تغيرات هامة خلال الأربعين عامًا، منها: تطورات في أجهزة الحضن (Incubator)، وفي طريقة تجهيز المختبر والمحطة، وفي المحافظة على مستويات مدروسة من الضغط والحرارة والتهوية داخلها، وطريقة أخذ عينات من الحيوانات المنوية والبويضات، وكيفية تناول الأدوية وأنواعها، وكل ذلك أدى إلى زيادة في نسب النجاح في هذه العملية، وقبل أربعين عامًا كانت الطفلة "لويزا براون"، هي الوحيدة التي ولدت بهذه التقنية من بين مئات الحالات الفاشلة، وعندما وصلت نسبة النجاح إلى 6% و7%، كانت الفرحة في الأوساط الطبية كبيرة، ثم قفزت النسبة إلى 13%، والآن وصلت إلى ما بين 60% إلى 70%.
• وهل سايرت هذه التقنية تطورات العصر؟
- بصفتي طبيبًا متخصصًا بالعقم؛ فأنا أنظر إلى نسبة 30% من الفشل في عملية أطفال الأنابيب، أكثر مما أنظر إلى نسبة النجاح؛ لأنني كمهني، آمُل أن تأتي السيدة الراغبة بالأمومة إلى عيادتي، وأقول لها هذا هو برنامج العلاج، وفي نهاية المطاف تذهب إلى البيت وهي تحمل وليدها، ولكنني لا أنكر حدوث تطورات كبيرة، إلى حد وصول أغلب المراكز الطبية إلى نتائج متشابهة، ولكن هل يوازي هذا التطور مرور كل هذه السنين؟ بالتأكيد لا، ولو قارنّا بين تطور تقنية أطفال الأنابيب وما حصل من تطور في تكنولوجيا الهواتف مثلاً؛ لوجدنا أن الطب في هذا المجال متأخر كثيرًا؛ خاصة من ناحية التكلفة العالية لهذه التقنية؛ بسبب رفض شركات الأدوية الكبرى تقليل الأسعار، وعلى عاتقنا كأطباء مهمة البحث عن طرق علمية جديدة من أجل تخفيض الكلفة، وتقليل الوقت الذي تستغرقه هذه العملية، وتقليل نسب الفشل، وأعتقد أن هذه التقنية تعتبر قديمة (old fashioned) ونحن نلجأ إليها لأنها الوحيدة الموجودة حاليًا، وقد بدأنا كأطباء وباحثين في تجريب طرق متطورة، ولكنها ماتزال غير متداولة، وهي من ضمن الطب المستقبلي، وستكون لها مزايا أفضل بكثير من أطفال الأنابيب.
• تسأل قارئة عن إمكانية الذهاب هي وزوجها مباشرة إلى مركز أطفال الأنابيب؟
- عملية أطفال الأنابيب، هي آخر العلاجات، وعندما أحوّل الزوجين إلى هذا القسم؛ فهذا يعني أن لا وجود لحل آخر في الوقت الحالي، وربما يتوفر في المستقبل ونكون أول من يعتمده، والنصيحة الكبرى للزوجين، هي ألا يذهبا مباشرة إلى عملية أطفال الأنابيب؛ لأنهما قد لا يكونان في حاجة لها، وربما يمكن علاج المشاكل الصحية التي يعانيان منها دون الدخول في تعقيدات هذه التقنية ذات التكلفة العالية، والتي تأخذ الكثير من وقت وجهد الزوجين، وتخضعهما لفحوصات يومية وأدوية وأشعات صوتية، مع ضغوط نفسية بسبب النسبة المئوية المحددة للنجاح.
• ترغب إحدى القارئات في استخدام هذه التقنية لإنجاب توائم وتحديد جنس الأطفال؟
- في إنكلترا هنالك تحديد لعدد الأجنة التي ننقلها إلى رحم الأم، ولا يسمح بنقل أكثر من اثنين فقط، وسابقًا كان الاختيار مفتوحًا مع وجود دراسات تؤكد على أن زيادة عدد الأجنة المنقولة إلى الرحم يزيد من فرص النجاح، وهذه حقيقة علمية، ولكن المشكلة تحدث حين تحمل المرأة بخمسة أو ستة توائم، ثم يموت أغلبهم أو نضطر أحيانًا إلى إنزال بعضهم، والإبقاء على واحد أو اثنين لأسباب طبية، ولو عاشوا كلهم، من يضمن أن يكونوا أصحاء؟ وما هي نسبة ذكائهم؟ وطبعًا أنا كطبيب متخصص، أفضل الطفل الواحد، وأقصى حالة عندنا في إنكلترا هي طفلان، ولكن لو كانت السيدة في دولة ثانية؛ فإن القوانين قد تسمح لها بإنجاب ثلاثة أو أربعة، ونفس الحال بالنسبة لاختيار جنس المولود؛ فهو ممنوع في بريطانيا؛ حفاظًا على التوازن الاجتماعي، ولكنه مسموح به في كثير من الدول، ومنها العربية.
• تسأل إحدى القارئات عن الفرق بين طفل الأنابيب والطفل العادي؟
- الطفل العادي مولود بطريقة طبيعية، وطفل الأنابيب جاء إلى الحياة نتيجة تدخلات طبية، وهنالك تقارير حديثة تشير إلى بعض الزيادة في نسب أمراض معينة يمكن أن تصيب طفل الأنابيب أكثر من الطفل العادي، ولكن السؤال هو: هل هذه تقارير مبنية على قاعدة علمية أم لا؟ أنا لا أملك الإجابة الوافية، ولكنني أقول إن هذه التقارير صادرة عن مراكز لا يمكن الاعتماد عليها بشكل مؤكد؛ لأن متابعة نمو أطفال الأنابيب بمرور السنين، يتطلب وجود مراكز حكومية متفرغة لمتابعتهم من كل الجوانب، وأعتقد أنه أمر صعب ومكلف ماديًا؛ لأن السيدة تحمل بطفل أنابيب وتلد، ثم تأخذ طفلها وتذهب به، وهنالك حوالي 5 مليون ولدوا بتقنية أطفال الانابيب حتى الآن، وهم متفرقون في دول العالم، وكل دولة عليها أن تتابع الأطفال وهم يكبرون، وتُسجل نسبة الأمراض والمشاكل الصحية التي يتعرضون لها؛ إضافة إلى قياس نسبة الذكاء، وهذا كله غير متابع حاليًا، ولا أعتقد أنه سيتابع في المستقبل القريب.
• من خلال خبرتك الطويلة مع هذه التقنية، هل تفضل المرأة عادة طفلاً واحدًا أم توأمين؟
- السيدة التي تعاني من العقم، تريد أن تنجب طفلاً بأية طريقة، ولو شعرت بالثقة والاطمئنان للدكتور؛ فإنها يمكن أن تطلب طفلين معًا، وتسأل عن إمكانية ذلك، وعمومًا نحن ننقل جنينًا واحدًا، ولو أصرت المرأة على التوأمين فإننا ننقل جنينين، وأحيانًا يبقى واحد فقط، وأحيانًا يبقى الاثنان، ونحن عادة ما نقدم نصيحتنا للمرأة ونخبرها بأن فرصة النجاح مع جنين واحد ينمو ويتحول إلى طفل، أكبر من فرصة النجاح مع توأمين قد لا يُكملان حتى الآخر، والقرار بالنهاية لها.
راسلونا على الإيميل:
[email protected]
وابعثوا لنا كل ما يدور في أذهانكم من أسئلة تتعلق بالأمراض النسائية والتوليد والعقم، وسيتولى الدكتور أحمد إسماعيل الإجابة عليها عبر هذه الصفحة.