بلا أي شك تمكنت وسائل التواصل الاجتماعي، والتكنولوجيا الحديثة التي انفجرت بشكل مفاجئ منذ بداية الألفية الثالثة – العام 2000 – من تغيير شكل حياتنا بالكامل، ورغم أنها جعلت الشعار القديم «العالم قرية صغيرة» إلى واقع حقيقي، وربما أصبح أصغر من غرفة واحدة أيضاً، ولكن بكل تأكيد تسببت بالعديد من المشاكل الأخرى، والأشياء الجميلة التي بدأت بالاختفاء شيئاً فشيئاً.
ومن بين هذه الأمور التي كان تأثير الثورة التكنولوجية ووسائل التواصل الاجتماعي سلبياً عليها، المكتبات والكتب، إذ أنه وبخبر صادم لكل محبي القراءة والمطالعة، كشف المسح السنوي للمكتبات البريطانية، الذي تم إجراؤه مؤخراً، أن ما يقارب 130 مكتبة عامة، كانت قد أغلقت أبوابها خلال العام الماضي 2017، في مختلف أرجاء بريطانيا بسبب «التقشف»، في حين تم جلب 300 متطوع إضافي لتشغيل الخدمات المتبقية.
ونقلت العديد من وسائل الإعلام البريطانية، بعضاً من نتائج المسح الذي أجراه «معهد تشارتر للمال العام والمحاسبة»، والتي كشفت أنه كان قد انخفض الإنفاق على المكتبات من السلطات المحلية نفسها خلال العام الماضي، بمقدار 30 مليون جنيه إسترليني. إلى جانب ذلك، فقد كانت هناك خسارة صافية في 127 مكتبة عامة في كل من «انجلترا، وويلز، واسكتلندا» بالمملكة المتحدة، في حين فقد 712 موظفاً بدوام كامل وظائفهم، وارتفع عدد المتطوعين من 3 آلاف إلى 51 ألفاً و394 شخصاً خلال هذه الفترة.
وبعد انتشار هذه الأخبار التي اعتبرت صادمة بالنسبة إلى الكثيرين، أرجع العديد من الأشخاص المعلقين عليها، أسباب ما حدث إلى «تغــوّل« التكنولوجيا الحديثة، ووسائل التواصل الاجتماعي على هذه المكتبات، التي بعضها يعتبر تاريخياً، وأن مصادر المعلومات للأشخاص تغيرت تماماً، فحلت الهواتف والأجهزة الذكية والمنصات الاجتماعية، بدلاً من الكتب والأبحاث والدراسات في كونها مصدراً للمعلومة، إلى جانب ذلك، وصف البعض أن ما يحدث اليوم في هذا العصر، هو أمر «خطير للغاية»، وذلك لسهولة فبركة المعلومة التي تصل إلى الناس وتزييفها من جهة، ومن جهة أخرى، أن الثقافة التي قد تنتشر في العالم ستكون ثقافة سطحية، بعيدة عن الحقائق والبحث والمجهود اللازم في الحصول على المعلومة.