كل شيء في هذا الكون قابل لسنة التغيير، تغير الزمان وتطور العصر وتبدلت معه الكثير من المفاهيم، فهل طرأت تلك التغيرات على الحب وعلاقاتنا العاطفية؟ وما الذي يميز الحب قديماً، عن الحب اليوم؟ لمعرفة نتيجة تلك المقارنة التقينا بالمُدوّنة السعودية بيان التي وضحت ذلك بقولها: «حينما كنا نسمع كلمة حب قديمًا سرعان ما كان يتبادر إلى أذهاننا أن الحبَّ أمرٌ غير مشروع، ولكن الآن في ٢٠١٩ أصبح لدينا وعي أكبر، وبدأ مفهوم الحب يمشي في مساره الصحيح، فمن الطبيعي أن نسمع هذه الكلمة وتكون دالة على حب طاهر من الأخ لأخته، ومن الأم لأطفالها، والزوج لزوجته، وأنا سعيدة جدًّا بالوعي الموجود الآن تجاه الحب، لشيء أو شخص أو مكان، لذكريات، ولا نحصرها في علاقة مُحرَّمة أو شيء من المفترض موته؛ لأن الحب أسمى وأجمل من ذلك».
الاعتراف بالحب
وعن اختلاف صعوبة إظهار الحب لفظيًّا والاعتراف به قالت: «في آونة بعيدة كنا نرى الحب شيئًا أساسيًّا مُسلَّمًا به، وموجودًا بصورة طبيعية، لكننا لا نتحدث عنه، وكان تبادل الحب والاعتراف بالمشاعر ليس سهلًا، وأعتقد أن كثيرًا منا لمس ذلك أثناء نشأته في بيئة لا يخبر فيها الأب أو الأم بحبهما لأطفالهما، ولا يصرحان أنهما يحاولان إسعادهم قدر الإمكان، إيمانًا منهما بأن: «أنت ولدي أو ابنتي أنا أحبك ولكن لن أخبرك لأنك تعرف ذلك»، مُتَنَاسِيَيْنِ أننا بحاجة لمن يذكِّرنا دائمًا، ويؤكِّد لنا توكيدًا لفظيًّا أنه يحبنا ويخاف علينا، بالإضافة لشعورنا بنبرة الصوت وتعابير الوجه حينها، وتأثيرها على أي علاقة أيًّا كان نوعها».
الرجل لا يحبّ
ساد قديمًا أن الرجل كائن غير عاطفي، بالتالي فكثير من الناس يعتقدون أن الرجل لا يحب، أو أنه غير صادق، وقد علَّقَتْ على ذلك قائلةً: «من المعتقدات الموجودة لدينا أن الرجل لا يعرف الحب، فهو قوي وصلب يتحمل الضغوط، لكنه لا يميل للعاطفة، باعتبار أن ذلك الجزء ضعيف نوعًا ما، ولله الحمد بدأ ذلك الاعتقاد يتغير تدريجيًّا، فجميعنا لديه مشاعر وهرمونات وتركيبة معينة، قد لا تكون نسبُها متشابهة، لكنها موجودة ويختلف ظهورها حسب البيئة والأشخاص المحيطين، فمن الصعب وغير المنصف أن نقرِّرَ أن الرجل ليس عاطفيًّا ولا يعبّر عن مشاعره، وفي النهاية كلنا بشر ولدينا عواطف، نُظهرها أو لا نُظهرها باختيارنا، وليس بضغط من المجتمع أو الناس، والحب شعورٌ جميل غير مُحرَّم نقتدي خلاله بأعظم قدوة، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ويبدو لنا كيف يُفسر الحب، وكيف بدأ يُساء فهمه في فترة من الفترات، ولكن بدأ يتجدَّد معناه ويصبح أفضل وأقرب للقلب».
التعلُّق والحب
وتطرقت إلى الحب والتعلُّق، لتصحيح بعض المفاهيم حيث قالت: «الشيء الذي يجب أن نعرفه أن الحب مختلف عن التعلُّق، وبينهما خيط رفيع من الضروري أن نوازن ماهيته، ونعرف الفرق، فالحب يعني أنني أُكِنُّ لك مشاعر التقدير والاعتزاز، وسأكون مخلصة لك، ولكنه لا يعني أن مصيري وحياتي كلها سوف يتعلقان بك، وأنا لن أعيش دونك، فحين نشعر بهذا نكون خرجنا من دائرة الحب إلى التعلُّق، والتعلُّق غير صحي أبدًا، بل هو شعور مُضرٌّ بصاحبه ومن حوله، ويؤثِّر على سعادته في العلاقة، لذا يجب تعديل الخطأ عند شعورنا بالتعلُّق، ولأن التعلُّق مُضرٌّ ندعو نحن -المسلمين- دائمًا بـ«اللهم لا تعلِّق قلبي إلا بك».
لنحبّ كل شيء
وفي ختام حديثها حثَّت على الحب قائلة: «أحبّوا الكتب التي تقرأونها، أحبّوا أنواع المكياج التي تستخدمونها، أحبوا الشجر الموجود حول منزلكم، أحبُّوا الحيوان الأليف الذي تربُّونه، أحبوا مكان عملكم ودراستكم، أحبُّوا الأب الذي تسلِّمون عليه كل يوم، أحبُّوا أزواجَكم الذين تعيشون معهم تحت سقف واحد في إطار واحد، علاقة مشتركة للأبد، الحب سامٍ جدًّا، ويخرج من أعمق نقطة في القلب، ويتدفَّق للأشخاص الذين من المفترض أن يستحقوه، أتمنى لكم أيامًا مليئة بالحب والسلام والسعادة وراحة البال».