المدن، هي شأننا اليومي، شوارعنا وقلوبنا التي تنبض بين المارة الكثيرين حولنا، هي الأحاديث الكثيرة في حديقة عامة، أو النظرات التي تبحث في فضول عن دواخلنا، هي أماكننا المفضلة، وفيها نمسك يد ذكرياتنا ونمضي بها إلى مستقبلنا. وفي كل زاوية من هذه المدن، نجد مكاناً يلمُّ قلوب الجميع حوله، حتى يصير وجهاً من وجوه هويتنا، وهوية مدننا الشاهقة.
وكما تحمل المدن العربية تاريخاً ضارباً جذوره في تاريخ الحضارة البشرية، فهي أيضاً تحمل حاضراً مهماً، له معالمه وشكله وهويته، وفي كل زاوية من هذه المدن، هناك العديد من المعالم التي تعبر عن روح المدينة وسكانها، وفي هذا التحقيق، سنقدم لكم أبرز المعالم الموجودة في المدن العربية.
ساعة مكة - المملكة العربية السعودية
"ساعة مكة" الشهيرة، التي تعدّ أكبر ساعة في العالم، وأحد أبرز معالم مدينة مكة المكرمة، في المملكة العربية السعودية، منذ أن تم الإنتهاء من بنائها خلال العام 2010. حيث أن كل تفاصيلها تجعلها فريدة من نوعها، وقِبلة لكل زوار المدينة الشريفة، إذ توجد الساعة الضخمة في أعلى برج السّاعة الملكي، بالقرب من المسجد الحرام، البرج الذي بطوابقه الـ 120، وارتفاعه البالغ أكثر من 600 متر، يعدّ خامس أطول مبنى مستقل وثالث أكبر مبنى في العالم.
ما يُميز "ساعة مكة"، أنه تم بناؤها على الطراز الهندسة الإسلامية الفنية القديمة، ويعلوها مجسم لهلال ضخم مُزيّن بقرابة الـ 98 مليون قطعة من الفسيفساء المطلية بالذهب من عيار 24 قيراط، ويحتوي الهلال على أعلى مُصلى في العالم، ويقع على ارتفاع 592 متراً. ويبلغ عرض الساعة، قرابة الـ 45 متراً، وارتفاعها من قاعدتها فوق البرج حتى أعلاها 43 متراً لكل جهة من الجهات الأربعة. أما فيما يخص طول عقارب السّاعة فيصل طول عقرب الساعات إلى 17 متراً، وعقرب الدقائق 22 متراً.
دار الأوبرا - مصر
على الرغم من أن فنّون الـ"أوبرا" ورقص الـ"باليه"، ليست من الفنون المنتشرة في منطقتنا العربية، إلا أن مصر – أمّ الفنون – لديها اهتمام كبير في هذين الفنين الراقيين العالميين، وانطلاقاً من هذا الإهتمام، تم تشييد "دار الأوبرا" المصرية، التي تقع في منطقة "أرض الجزيرة" في العاصمة المصرية القاهرة، وتعتبر أبرز معلم ثقافي وفني في البلاد منذ لحظاتها الأولى وحتى يومنا الحاضر.
وتم بناء دار الأوبرا المصرية، أو الهيئة العامة للمركز الثقافي القومي، على الطراز الإسلامي القديم، ليحاكي ثقافة وحال البلاد في مصر، وافتتح لأول مرة في تاريخ 28 تشرين الأول / أكتوبر من العام 1988، كمنحة من الحكومة اليابانية لنظيرتها المصرية، وتقام فيه حتى الوقت الحاضر، العديد من الفعاليات الثقافية والفنية المهمة والكبيرة، كما أن أسعار تذاكرها متاحة للجميع، حتى يتمكن جميع المصريين من الإستمتاع بما يقدمه هذا الصرح الكبير.
ومن الجدير بالذكر، أن دار الأوبرا المصرية الحالية، هي البديل عن دار الأوبرا الخديوية، التي كان قد بناها "الخديوي إسماعيل" خلال العام 1869، والتي احترقت في تاريخ 28 تشرين الأول / أكتوبر من العام 1971، لذلك تم افتتاح الجديدة في التاريخ نفسه، تعبيراً عن استمرار الحالة الفنية والثقافية في البلاد.
حديقة الورود – الإمارات العربية المتحدة
بـ72 ألف متر مُربّع من مختلف أنواع الورود والزهور، وبأكثر من 109 ملايين زهرة طبيعيّة، تعتبر "حديقة الورود" في إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، أكبر حديقة زهور طبيعيّة في العالم، كما أنها المشروع الأضخم في منطقة الشرق الأوسط عامّة. وكل هذه الأمور تجعل من يزورها، يعيش تجربة مذهلة من الجمال الذي لن يتكرر، حتى ولو كان من صنع الإنسان، فهذه "الحديقة المعجزة" كما يصفونها، والتي تم إنشاؤها وافتتاحها في يوم الحبّ "الفالنتاين" 14 شباط / فبراير من العام 2013، اجتذبت ما يزيد عن 200 ألف زائر في الشهر الأول من افتتاحها فقط.
وقد بلغت تكاليف بنائها ما يُقارب 11 مليون دولار أمريكي، وتعتبر من أهم معالم المدينة، والتي لا يمكن لأي شخص يسافر إلى دبي أن يفوت هذه التجربة ، خاصة أنها تضم أحدث المرافق والخدمات، والمواقف العديدة المفتوحة للسيارات، إلى جانب أماكن الجلوس والصلاة وغيرها. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحديقة الفريدة من نوعها، والتي تحدت طقس وطبيعة البلاد، كانت قد دخلت موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية، مع أضخم ترتيب للزهور.
مدينة سيدي بو سعيد - تونس
يحدث أن يكون هناك مَعلَم أو اثنين وربما عشر معالم مهمة وشهيرة في المدينة نفسها، ولكن في تونس الأمر مختلف تماماً، فمدينة "سيدي بو سعيد" الساحلية الساحرة، تعتبر بمجملها معلماً يحلم الكثيرون بزيارته. فبيوتها الزرقاء والبيضاء، المُطلة من سفح جبلي على مدينة قرطاج وخليج تونس، تُشكل مشهداً خلّاباً آسراً لمن يراها من بعيد ولمن يعيش فيها أيضاً، فأن تكون جاراً للبحر والنوارس، ليس بالأمر العادي على الإطلاق، بل هو ضرب من الخيال الذي تقدمه مدينة "سيدي بو سعيد"، ولا يجب أن ننسى أسواقها الشعبية الجميلة، ومقاهيها البسيطة الإستثنائية.
وتبعد المدينة الشاهقة الساحلية حوالي 20 كيلومتراً عن العاصمة التونسية، تم اختيارها خلال العام الماضي 2018، كواحدة من أجمل الوجهات السياحية في العالم، وهذا أمر بديهي نظراً لشهرتها وتفضيلها من قبل الكثيرين من السُيّاح العرب والأجانب، على الكثير من الوجهات الأخرى، فهي ليست مدينة عابرة على الإطلاق. ومن أشهر معالم المدينة التونسية، "قصر النجمة الزهراء"، الذي بناه الكونت الإنكليزي "إرلانجر"، والذي تحول إلى متحف يعرض الآلات الموسيقية.
نافورة دبي – الإمارات العربية المتحدة
في وقت سابق، وضعت شبكة "سي إن إن CNN" الإخبارية الإمريكية، نافورة دبي أو "دبي فاونتن"، كواحدة من ضمن أجمل 15 نافورة في العالم. وهذا التصنيف لم يكن عبثياً ولم يأتِ من الفراغ، فهذه النافورة المدهشة التي تقع في بحيرة "برج خليفة"، في المنطقة الخارجية لـ"دبي مول" وسط المدينة، والتي تعتبر أكبر نافورة في العالم، تستمر في كل مرة بإدهاش جميع زوارها الذين يأتون بشكل خاص لرؤيتها والإستمتاع فيها.
وصممت هذه النافورة الساحرة، التي تم افتتاحها في 8 أيار / مايو من العام 2009 ، باستخدام نظام مياه متراقصة متطور للغاية، وتشغل ما مساحته 30 فداناً من بحيرة برج خليفة الإصطناعية، ويصل طولها إلى ما يقارب الـ 275 متراً، وارتفاعها لـ 150 متراً. وكان قد بلغت كلفة بنائها ما يقارب 800 مليون درهم إماراتي، أي ما يعادل تقريباً 218 مليون دولار أمريكي. كما أنها مزودة بـ 6 آلاف و600 وحدة إنارة، إلى جانب 25 جهاز عرض ملون، وهي قادرة على قذف المياه في الهواء لمسافة تزيد عن 73 متراً، على أنغام العديد من المقطوعات الموسيقية والأغاني العربية والأجنبية الشهيرة.