الأمر لا يقتصر على أنهم جزء مهم ورئيس منّا ومن مجتمعاتنا فقط، ولا أن ما "يميزهم" حالة صحية، بل هو أكبر من ذلك بكثير، فهؤلاء المصابين بـ"متلازمة داون"، قد يكونون أكثر البشر طيبة ونقاءً، وقلوبهم هي الأجمل من بين جميع من التقينا أو سوف نلتقي بهم. وقليل علينا أن نحتفل بهذه القلوب مرة واحدة في العام، لكن الأمر بمثابة تكريم لنا أنهم يعيشون بيننا، وتذكير كم أنهم ممتلئون بالطيبة.
يوم الـ21 من آذار / مارس في كل عام، يكون مليئاً بالمناسبات العالمية المهمة، وكأنه اليوم الأهم خلال السنة كاملة. ومن أبز هذه المناسبات، الإحتفال السنوي بـ"اليوم العالمي لمتلازمة داون"، الذي يأتي لتذكير العالم كله أن المصابين بهذه المتلازمة هم أشخاص مثلنا، ولديهم قدرات عظيمة من الممكن أن يقدموها لمجتمعاتهم. بالإضافة إلى لفت الإنتباه أن قلوبهم الطبية، تجعلم كاملين تماماً وربما أكثر من الأشخاص الأصحاء أيضاً.
وفي هذا اليوم العالمي، أشارت منظمة الأمم المتحدة عبر موقعها الإلكتروني، إلى أن "متلازمة داون"، هي ترتيب طبيعي للـ"كروموسومات" يُمثل حالة وجدت على الدوام لدى الإنسان، وأنها حالة موجودة في جميع مناطق العالم بلا استثناء، ولها في الغالب تأثيرات متباينة في أساليب التعلم أو السمات البدنية أو الصحة. وتابعت المنظمة الأممية، أن الحصول على الرعاية الصحية، والاستفادة من برامج التدخل المبكر والتعليم الشامل للجميع على نحو ملائم، وإجراء البحوث المناسبة، كلها تعتبر أمور أساسية لنماء الفرد وتنميته.
الإعلان الأول عن "اليوم العالمي لمتلازمة داون"
خلال شهر كانون الأول / ديسمبر من العام 2011، وخلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، تم الإعلان أن يوم 21 آذار / مارس، سيكون يوماً عالمياً لـ"متلازمة داون"، وأنه سيبدأ الإحتفال به سنوياً اعتباراً من العام التالي 2012. ودعت الأمم المتحدة حينها، جميع الدول الأعضاء ومؤسسات منظومة الأمم المتحدة المعنية والمنظمات الدولية الأخرى والمجتمع المدني، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص، إلى الاحتفال بـ"اليوم العالمي لمتلازمة داون" بطريقة مناسبة لتوعية الجمهور بهذه الحالة.
موضوع 2019: "الأ يتخلف أحد على الركب"
وحددت منظمة الأمم المتحدة موضوع اليوم العالمي لمتلازمة داون لهذا العام الجاري 2019، حيث جاء تحت عنوان "الأ يتخلف أحد على الركب". وأشارت المنظمة الأممية، أن تتاح أمام الأفراد الذين يعانون من "متلازمة داون"، فرصاً للعيش حياة كاملة، بما في ذلك التنعم بالمساواة مع غيرهم في كل الجوانب المجتمعية. وهناك التزامات بموضوع هذا العام في جدول أعمال التنمية المستدامة 2030، الذي هو خطة عمل للناس وللكوكب وللرخاء.
وعلى جهة أخرى، دعت منظمة الأمم المتحدة، في اليوم العالمي لمتلازمة داون، العالم أجمع إلى العمل لضمان "ألا يتخلف أحد عن الركب"، ولتحقيق الهدف الرئيسي من موضوع هذا العام، حتى يتمكن جميع المصابين بهذه الحالة، من الإندماج والشعور بأنهم مكون رئيسي كغيرهم من الأشخاص في مجتمعاتهم، وحتى تتمكن هذه المجتمعات نفسها، من الإستفادة مما يمكن للمصابين بـ"متلازمة داون" تقديمه لها.
ما هي "متلازمة داون"...؟
وبحسب ما نشره الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة، فإن "متلازمة داون" تعتبر حالة جينية ناجمة عن زيادة إضافية في مادة الـ"كروموسوم الصبغي 21"، الذي يؤدي إلى الإعاقة الذهنية. ولا يعرف حتى هذه اللحظة السبب وراء هذه الظاهرة. كما أنه وبحسب الإحصائيات الرسمية، يقدر عدد المصابين بهذه الحالة ما نسبته بين 1 في 1000، إلى 1 في 1100 من الولادات الحية في جميع أنحاء العالم. كما أنه يولد في كل عام ما يقرب من 3 آلاف إلى 5 آلاف من الأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب الجيني. ويعتقد بأنه يوجد حوالي 250 ألف عائلة في الولايات المتحدة الأمريكية فقط، ممن تأثروا بـ"متلازمة داون".
كيف لنا أن نُحسّن حياتهم..
وبحسب ما توصي به المنظمة الأممية، فإنه من الممكن تحسين نوعية حياة المصابين الذين يعانون من "متلازمة داون"، من خلال تلبية احتياجاتهم من توفير الرعاية الصحية والتي تشمل إجراء الفحوص الطبية المنتظمة لمراقبة النمو العقلي والبدني، وتوفير التدخل في الوقت المناسب سواء كان ذلك في مجال العلاج الطبيعي أو تقديم المشورة أو التعليم الخاص. كما أنه من الممكن للمصابين بمتلازمة داون تحقيق نوعية حياة مثلى من خلال الرعاية الأبوية والدعم والتوجيه الطبي ونظم الدعم القائمة في المجتمع، مثل توفير المدارس الخاصة مثلاً. وتساعد جميع هذه الترتيبات على إشراك المصابين بمتلازمة داون في المجتمع لتمكينهم ولتحقيق ذاتهم.