ربما يكون الجهل، أو ربما الفقر، أو ربما كلاهما معًا، فهذان الأمران لا يُمكن أن يُوجد أحدهما دون الآخر إلا في حالات قليلة. وهذه معادلة طبيعية كافية لقتل الكثير من الأشخاص –لا سيما الأطفال - حول العالم. فنتيجة لهذين «القاتلين»، تُمارس العديد من السلوكيات التي توصلنا إلى مفترق لثلاثة طرق، إما محاولة الهروب بأي شكل لمستقبل أفضل، وهذا خيار صعب في ظل تلك الظروف. وإما مستقبل مجهول تملأ العتمة كل خطواته، وهذا الخيار الوارد بكثير من الحالات، وأخيرًا مصائر محتومة وموت مُبكر بطرق لا تُعد ولا تُحصى.
هذا الخيار الثالث والأخير، هو ما حدث مع عائلة غينية مهاجرة إلى إيطاليا، ليلة الجمعة 22 مارس (آذار) الماضي 2019. حيث تُوفي ابنهم الرضيع البالغ من العمر 5 أشهر فقط، بعد أن قام والداه بإجراء عملية «خِتان» غير قانونية له في منزلهم الكائن في مدينة «بولونيا» بمقاطعة «ريجيو إميليا» شمال إيطاليا، ورغم أنهم اتصلوا بالطوارئ لإحضار المساعدة، ورغم أنه تم نقل الطفل بواسطة طائرة مروحية «هيليكوبتر» إلى أحد مستشفيات العاصمة روما، إلا أن قلبه كان قد توقف حال وصوله المستشفى، ولم يتمكن الأطباء حينها من عمل أي شيء لإنقاذ حياته.
تحقيق بالحادثة... واتهامات بالقتل
وتنقل لكم «سيدتي»، ما نشرته صحيفتي الـ«ديلي ميل» و«ذي صن» البريطانيتين، أن مكتب المدعي العام في مقاطعة «ريجيو إميليا»، كان قد فتح تحقيقًا عاجلاً وشاملاً في الحادثة، وتم توجيه تهمة «القتل» لوالد الطفل الغيني الرضيع، وذلك لتسببه بمقتل ابنه من خلال إجراء عملية «خِتان» غير قانونية له في المنزل، دون أن تستعين العائلة بالأطباء أو بأي معدات طبية متخصصة. كما أن المدعي العام الإيطالي، أوعز بإجراء تشريح لجثة الطفل في وقت لاحق.
ليست الحادثة الأولى... ومخاوف من أن لا تكون الأخيرة
وتابعت الـ«ديلي ميل»، أن هذه الحادثة البشعة والتي راح ضحيتها رضيع لم يتجاوز شهره الخامس بعد، لا تعتبر الأولى في إيطاليا، إذ إنه وقبل أشهر قليلة فقط، وتحديدًا خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي 2018. كانت سيدة نيجيرية مهاجرة، قد أجرت عملية خِتان غير قانونية في المنزل، لطفلها البالغ من العمر قرابة العامين، ما أصاب الطفل بنزيف حادّ وشديد أدى إلى وفاته. ويُشار إلى أن الأطباء في العاصمة روما، كانوا قد تمكنوا من إنقاذ شقيقه التوأم، الذي كاد أن يلاقي المصير نفسه، لولا أنه نجا بعد وضعه في غرفة العناية الحثيثة.
وكانت قد بدأت القصة المأساوية لهذه السيدة النيجيرية التي لديها 5 أطفال في بلدها نيجيريا، بالإضافة إلى الشقيقين التوأمين اللذين جاءت بهما إلى إيطاليا خلال لجوء سياسي. قد طلبت من شخص يدّعي أنه طبيب أميركي من أصول عربية، أن يقوم بعملية الختان لطفليها، تماشيًا مع عاداتها ومعتقداتها الدينية. إلا أن «الطبيب المزعوم» خلال إجرائه العملية، طلب الإسعاف على الفور، بعد أن بدأ الطفل بالنزيف بشدة. حيث تمكن الأطباء في مستشفى «غيميلي» في روما، من إنقاذ أحد الشقيقين التوأم فقط.
إحصائيات صادمة... ووفيات عديدة
وفقًا لمؤسسة الصحة الخيرية «أمسي Amsi»، فإنه تُجرى قرابة الـ5 آلاف عملية «خِتان» غير قانونية في إيطاليا بشكل سنويّ. وأن هناك عددًا كبيرًا من الأطفال الذين يلقون مصرعهم أو يتضررون صحيًا بشدة من جرّاء هذه العمليات. ويعود انتشار هذه العمليات غير الشرعية –خاصة بين المهاجرين - إلى رفض الحكومة الإيطالية أن تُجري هذه العمليات في مؤسسات الصحة العامة. إضافة إلى تكاليف إجرائها العالية والباهظة جدًا، خاصة بالنسبة إلى المهاجرين الذين أغلبهم فقراء. إذ من الممكن أن تبلغ تكلفة العملية بشكل قانوني، ما يقارب الـ4 آلاف يورو، بينما تنفيذها بشكل غير شرعي قد يتراوح ما بين 20 إلى 50 يورو فقط.