ما أعذب حلاوة الكتاب ومتعة القراءة في قلوب الشغوفين بالمطالعة؛ للتزود بالمعارف واختزال الكثير من التجارب الحية والمذهلة؛ لذا تحظى المكتبة في كل ومكان بالكثير من الاهتمام والتقدير وسط المجتمعات.. بل تعد قبلة للمثقفين والدارسين والمعلمين، ولا عجب إذا قلنا إن الإنسان تفنن في حمل المكتبة بذراعين سخيتين ممدودتين لاستحضار أصدقاء الكتاب، أينما كانوا، ولا غرابة أن تتخذ هذه المكتبة رفوفاً مدهشة، وتصاميم لافتة؛ بهدف إحداث التغيير الذهني.. لذلك لايزال عشاق المطالعة في مطاردة مستمرة؛ للظفر بثروتها الفكرية في كل مكان.
مكتبة الموتى
تطلق عليها تسمية غريبة ومريبة في آن واحد.. اختزلت في اسم «مكتبة سراديب الموتى»؛ لأنها تتواجد تحت مباني وشوارع باريس، وتحجز مكتبة «سراديب الموتى» رفوفاً لها وتضرب للقارئ موعداً دقيقاً، في عنوان يتمركز على عمق 20 متراً تحت الأرض.
وبالنظر إلى عراقتها؛ كونها تنتمي زمنياً إلى القرن الثامن عشر، لكنها تبدو مكتبة غير عادية؛ لأن خلفية نشأتها تعود إلى المشاكل الصحة العامة الكبرى التي شهدتها فرنسا، وأفضت إلى تكدس الجثث في مقابر المدينة، وبعد ذلك انتشار رائحتها الكريهة؛ فتقرر نقل الجثث إلى موقعٍ تحت الأرض، والذي أسست تحت ثناياه هذه المكتبة؛ علماً بأنه قلة من السياح من يزور هذه المكتبة بدافع الفضول، بالنظر إلى المخاطر المسجلة في ظل غياب الكهرباء في الممرات وهشاشة الجدران، لكن الفضوليين يرتدون خوذات عمال المناجم ويجدون في طريقهم الجماجم والعظام مرتبة ترتيباً منظماً، يصل عددها إلى 6 ملايين جثة.
ويعيش وسطهم مجتمع يطلق على نفسه اسم، cataphiles؛ حيث يرسمون ويحفرون ويبتكرون فنوناً متنوعة تحت الأرض، وأسسوا مكتبة تحتوي على رفوف محفورة باليد مليئة بالكتب، يطلقون عليها La Librairie، ووحدهم من يستطيعون تنظيم زيارة للسياح الشغوفين بالمغامرة والمطالعة.
المكتبة اللغز
مكتبة الكهف في الصين، أنشئت قبل أكثر من 1000 سنة، من طرف محبي القراءة والمولعين بالكتاب، لكنهم بهوية مجهولة؛ حيث خصصوا حجرة في كهف يقع في صحراء غوبي بالصين، يصل ارتفاعها إلى 3 أمتار، ولا يقل طول مخطوطاتها عن 152 متراً، واكتشفت المكتبة في القرن العشرين بالصدفة، عقب العثور على أبواب سرية أوصلت مكتشفها إلى حجرات مرصوصة بمخطوطات ووثائق قديمة، وإرث هذه المكتبة يعتبر كنزاً معرفياً يضم 50 ألف وثيقة مكتوبة بنحو 17 لغة.
نشر السلم والأدب
فضل الفنان الأرجنتيني «راؤول لميسوف» الاستعانة بدبابة لنشر الأدب والسلام معاً، أو ما يطلق عليه سلاح التعليم الشامل؛ لذا أنشأ مكتبة على شكل دبابة؛ إذ نجح في تحويل واحدة من سيارات «فورد فالكون» من طراز 1979، إلى ما يشبه دبابة، وتضم المكتبة الدبابة نحو 900 كتاب، وتطوف بمدن وأرياف الأرجنتين لنشر متعة القراءة ونبذ العنف.
فضاء الترام
أما في التشيك، يمكن ذكر مكتبة متنقلة بـ «برنو»، التي صنعت بتحويل سيارة ترام قديمة إلى مكتبة متنقلة، ذات ألوان جذابة وأداة ترويجية يطلق عليها Jiří Mahen، يذكر أن الترام مجهز بشاشات خاصة ورموز QR لتحميل كتب إلكترونية مجانية، يجوب مسافة بطول 35 ميلاً في المدينة يومياً.
الطبق الطائر
تأخذ هذه المكتبة المشيدة في منطقة «سان سيستو بيروجيا» في إيطاليا منذ عام 2004 شكل صحن طائر، وتعد جزءاً من مكتبة البلدية مختصة في قضايا السلام وحقوق الإنسان والثقافات والحوار بين الأديان، ومن ميزاتها أنها مكتبة متنقلة تضيء ليلاً بشكل طبيعي.