أن تكون شخصاً لا يستطيع القراءة والكتابة، وأن تعمل في واحدة من أهم المدارس في أوروبا، يبدو أنه أمر مستحيل للغاية، ولا يمكن أن يخطر على بال أي أحد. ولكن هذا "المستحيل" كان قد حدث فعلاً خلال الفترات الماضية، في مدرسة "سانت توماس مور"، الواقعة في منطقة "وود غرين" شمالي العاصمة البريطانية لندن.
وبحسب ما نقله موقع صحيفة "البيان" الإماراتية عن صحيفة "ميل أونلاين" البريطانية، أن مدرسة "سانت توماس مور" التي تعدّ من بين أبرز الصروح التعليمية "النخبة" في المملكة المتحدة، كانت قد وافقت على تعيين "فيصل أحمد"، ليكون واحداً من كوادرها التعليمية، على الرغم من أنه لا يستطيع القراءة والكتابة.
وكان قرار التعيين الغريب هذا، قد جاء من خلال برنامج تعيين المعلمين "عَلّم أولاً"، وهو برنامج تدريبي يعمل على استقطاب الخريجين المتميزين من الجامعات، الذين يتقدمون للحصول على مؤهلات التعليم أثناء فترة الدراسة ويظهرون قدرات متقدمة في هذا المجال. ويبدو أن "أحمد" كان قد تمكن – بطريقة أو بأخرى – من اجتياز هذا البرنامج التدريبي، على الرغم من أنه يعاني من مشاكل كبيرة في ما يخص قدرته على الكتابة، وتمكنه من قراءة وفهم الاختبارات المكتوبة.
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن هذا الأمر لم يدم طويلاً بالنسبة إلى "أحمد"، إذ أنه وبعد أيام قليلة من بدء عمله في تعليم الطُلاب، لوحظ أن هنالك العديد من المشاكل التي عاني منها. فقامت إدارة المدرسة باستدعائه وإيقافه عن العمل.
ويعاني "فيصل أحمد"، من مرض يدعى الـ"ديسبراكسيا"، أو "خلل الأداء التنموي". وهو مرض عصبي يعد من النوع المزمن، يعيش مع المُصاب منذ سنين الطفولة الأولى. وهذا ما أبلغ به "أحمد" الإدارة عند استدعائه -موضحاً لـ"مارك رولاند" مدير المدرسة- بأن مرضه يجعله غير قادر على الكتابة أكثر من عدة دقائق فقط، وأن ممارسة الكتابة تسبب له ألماً شديداً للغاية.
كما أنه مرض الـ"ديسبراكسيا"، يجعل أحمد غير قادر على القراءة بشكل جيد، ولا يستطيع فهم النصوص أبداً. رغم أنه كان يُفترض به تعليم الطُلاب تخصص "الدراسات الاقتصادية" للمستوى الأول في نظام شهادة الثانوية العامة البريطانية.
وظل الأمر بين المعلم الذي لا يستطيع القراءة ولا الكتابة، وبين المدرسة البريطانية، إلى أن جاءت اللحظة التي قرر فيها أحمد أن يقوم برفع دعوى قضائية على المدرسة. جراء الإستقالة التي اعتبر أنها نوع من "التعسف والتمييز القائم على أساس الإعاقة". وذلك بعد أن قدمها بنفسه بلحظة غضب عارمة. وحينها انتشر الأمر في مختلف وسائل الإعلام في المملكة المتحدة.
من جهتهم، رفض أعضاء "لجنة التوظيف المركزية" في العاصمة لندن، جميع ادعاءات فيصل أحمد التي تقدم بها، وقامت اللجنة بإسقاط القضية التي رفعها بالأيام الأخيرة من شهر آذار/ مارس الماضي. ومن جهة أخرى اعترف القائمون على برنامج "عَلّم أولاً"، أنهم اعتبروا أن أحمد لائق ومناسب لمهنة التدريس، مشيرين أنه لم يقم يإبلاغهم أو إبلاغ المدرسة بالحالة المرضية التي يعاني منها.