تزايد في الفترة الأخيرة الاهتمام العالمي بالبيئة في محاولة جادة للحد من تلويثها وتدمير مقوماتها، وإنقاذ مستقبل البشرية من الخطر، خاصةً أن الإنسان يعد السبب الأول والأخير وراء ما تتعرض له من تخريب بعد الثورة الصناعية.
وفي هذا الإطار، تم تخصيص 22 إبريل من كل عام كيوم لتعزيز اهتمام الرأي العام بالبيئة والحفاظ عليها، وإبراز قضية البيئة بوصفها إحدى القضايا الأساسية في العالم، ودفع القادة السياسيين إلى التركيز على وضع حلول لما تعانيه من مشكلات، وجرى الاحتفاء به للمرة الأولى عام 1970.
«سيدتي» التقت عدداً من الأكاديميين المختصين في مجال حماية البيئة، واستفسرت منهم حول أكثر المشكلات التي تواجه البيئة، وكيفية حلها، وطرق توعية الجيل الجديد بالحفاظ عليها.
جيل بيئي
بدايةً، تطرق الدكتور فهد تركستاني، أستاذ الكيمياء المشارك في جامعة أم القرى والخبير البيئي، إلى ذكرى «يوم الأرض»، قائلاً: «علينا أن نسأل أنفسنا اليوم سؤالاً مهماً: ماذا نريد بعد مضي 49 عاماً على إطلاق يوم الأرض، في 22 إبريل 1970، هل تشبَّع الموطن بمفاهيم البيئة، وأحسَّ بقيمتها على صعيد الوطن، أو العالم؟ نحن حالياً في صراع مع الزمن، في البناء والنمو والتقدم، لتحقيق حلمٍ، أطلقه أميرنا الشاب محمد بن سلمان، هذه الرؤية تؤكد على ضرورة بناء جيلٍ واعٍ، يواكب رؤيتنا الوطنية التي تؤكد على ضرورة خلو البيئة من أي ملوثات، وبناء مدنٍ سياحية وصناعية ومحلية سليمة وصحية وخالية من أي تلوث بيئي.
وأضاف «أطلقت هذا العام مبادرةً، بالمشاركة مع إدارة التعليم، بزيارة المدارس بهدف بناء هذا الجيل، ونشر الوعي البيئي بينه عبر غرس مفهوم الحفاظ على البيئة في نفوس الطلاب، والروح الإيجابية فيه لتعزيز شعوره بأهمية الحفاظ على البيئة، وأتمنى نشر هذه المبادرة في جميع مدارس بلادنا.
أخطار حقيقية
البروفيسور الدكتور فيصل بغدادي، عميد الكلية الجامعية في الجموم أوضح أن الإنسان السبب الرئيس وراء تدهور الوضع البيئي، قائلاً: «على الرغم من كل اهتمامه بالبيئة، إلا أن الإنسان نفسه، بسلوكياته وتصرفاته، السبب الرئيس وراء خراب البيئة! لو فكَّرنا وتعمَّقنا في هذه المشكلة، فسنخرج بنتيجة مفادها، أن إعمار الأرض لا يكون إلا بما علَّمنا إياه الله عز وجل. اليوم نعيش في ظل الثورات التكنولوجية والصناعية، ونرى ازدياد عدد المصانع دون توفر أسس سليمة فيها للحفاظ على البيئة، وأيضاً نشاهد محاولات عشوائية للتحكم في توفير الغذاء ومنتجاته بإنشاء البيوت الزجاجية التي تعتمد على الوقود البترولي، هذا إضافة إلى التسابق في إنتاج الأسلحة البيولوجية والنووية بمختلف أنواعها، كل ذلك يترك أثراً مدمراً على البيئة».
وأضاف «العلماء المختصون في مجال البيئة، أبدوا مراراً وتكراراً قلقهم البالغ من تلك التصرفات، وسلطوا الضوء كثيراً على العوامل الجغرافية والاقتصادية والبشرية التي تلعب دوراً كبيراً في سياسات الدول وتغاضيها عن التغيير المناخي بهدف كسب صراع البقاء والتفوق حتى لو أدى هذا الأمر إلى حروب مناخية بينها. العالم اليوم يواجه أخطاراً حقيقية، منها الجفاف وشح المياه في بعض المناطق، والمجاعة، وأرى أن هذا النوع من الحروب سيكون سبباً في انتهاء الحياة البشرية في كثير من مناطق الأرض، إذ كلما تسابقت الدول الصناعية الكبرى في إنتاج التكنولوجيا الذكية والسلاح، وغزو الفضاء للسيطرة على الأرض، زادت المشكلات المناخية وتأثيراتها السلبية على عالمنا. علينا أن نعي أن الله عز وجل خلق هذه الأرض، وجعلها صالحة للحياة والسكن، لكنَّ الإنسان بتهافته على جعل بيئته أكثر رفاهية عبر توفير جميع الموارد، شوَّه وجهها الجميل، ودخل في صراعات ستأكل الأخضر واليابس».
رفع الوعي
من جهتها، شدَّدت رقية محمد قشقري، الأستاذ وبروفيسور الأحياء الدقيقة في جامعة جدة، على أن البشر في العالم كله مطالبون بإعلان التزامهم بالحفاظ على كوكبنا، وجعل بيئتهم أكثر أمناً وملاءمةً للحياة، وقالت: «أدعو إلى رفع الوعي بقضايا البيئة والمشكلات التي نعاني منها جراء تدهورها، وذلك بنشر الأسس البيئية السليمة، مع التركيز كثيراً على مشكلة تلوث مياه الشرب، كونها من أكثر المشكلات التي يعاني منها الإنسان حالياً. الماء يغطي نحو 75% من سطح الكرة الأرضية، ويعد المكوِّن الأصلي في تركيب الخلية الحية للإنسان والنبات والحيوان، لذا يجب الحفاظ عليه».
وأضافت «يقول العلماء: إن الأعوام المقبلة قد تشهد حروباً مدمرة بسبب المياه. لذا يجب الحفاظ على هذه المياه من الملوثات، مثل الملوثات الفيزيائية والكيميائية والإشعاعية والأحيائية.
خلال السنوات الأخيرة، غزت أسواق الخليج ما يُعرف بالمياه المعدنية المعبأة، وقد ساعد على انتشار هذا النوع من المياه عديدٌ من العوامل، من أبرزها الحملات الإعلانية، التي أظهرت هذه المياه على أنها طبيعية وذات فوائد صحية أكبر، من ذلك أنها تشبه مياه الينابيع الطبيعية التي يمكن أن تشفي من كثير من الأمراض، فاعتقد بعضهم خطأً أن هذه الزجاجات البلاستيكية، ستكون بمنزلة قارب النجاة لهم، وأنها أفضل بكثير من مياه الصنبور، على الرغم من أن الأخيرة تخضع لإجراءات المراقبة وعمليات التنقية أكثر من تلك التي تخضع لها المياه المعبأة في هذه الزجاجات، ومع الأسف، نجحت الشركات المنتجة بالفعل في اجتذاب جمهور كبير من المستهلكين لهذه المياه بدليل إقبال الناس عليها بأعداد كبيرة».