بعد إكمال 63 عاماً من العمر، لم تمنع ظروف ضعف البصر، ثم زواله لاحقاً السيدة تحية فرغلي، إحدى المستفيدات من جمعية المكفوفين الخيرية في المدينة المنورة "رؤية"، من المضي قدماً نحو تحقيق هدفها بإكمال تعليمها، فها هي اليوم تحتفل مع أحفادها بنيل شهادة البكالوريوس من جامعة طيبة بوصفها طالبةً منتظمةً بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف في تخصص التربية الخاصة لتسطِّر بمداد من ذهب مسيرة كفاح وصمود طويلة زاخرة بالإنجازات.
السيدة تحية "أم نرجس"، المولودة عام 1377هـ في المدينة المنورة، أصيبت بالعمى ثلاث مرات، الأولى حينما كانت في الصف الرابع الابتدائي، يومها استيقظت من النوم لتجد نفسها وقد فقدت بصرها، لكنه عاد إليها بعد فترةٍ من العلاج، وخلال دراستها، تزوَّجت، وأنجبت ابنتها الأولى، وبعد ذلك بأشهرٍ، اصطدم رأسها بقوة في جدارٍ، فنصحها الأطباء بالتوقف عن القراءة والتعلم للحفاظ على نظرها.
وأشارت فرغلي إلى أن حزنها على وفاة زوجها عام 1402هـ تسبَّب في فقدانها البصر مجدداً، وقد حصلت على مكرمة من القيادة الرشيدة بالعلاج في إسكتلندا بهدف إعادة الإبصار إليها لمسافة مترٍ واحدٍ، لكنَّ العملية لم تنجح، وحدث أن عاد إليها نظرها بعد ستة أشهر، وأخيراً أصيبت بالعمى عام 1418هـ بعد ارتفاعٍ في ضغط العين، أثَّر في العصب البصري، وقد أدَّت محاولات إنقاذه إلى فقدانها النظر نهائياً عام 1420هـ.
ولفتت "أم نرجس" إلى أنها بدأت الدراسة أولاً بوصفها مستمعةً، قبل أن تصدر توجيهاتٌ من ولاة الأمر بقبولها في المعهد طالبةً منتظمةً، فحصلت على الابتدائية بطريقة "برايل" عام 1430هـ، ثم الشهادة المتوسطة عام 1433هـ بنسبة 99%، فالثانوية في 1436هـ بنسبة 97%، قبل أن تُتم المرحلة الجامعية هذا العام بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف في تخصص التربية الخاصة.
قصة تحية ملهمة للكثيرين، حيث إنها تملك طموحاً لا حدود له، وهي اليوم تتطلع إلى إكمال مسيرتها التعليمية، والحصول على الماجستير والدكتوراه، بإذن الله.