تعد مهنة "المسحراتي"، أو "أبو طبيلة" من المهن التراثية التي تشتهر بها مدن ومحافظات المنطقة الشرقية بالسعودية في شهر رمضان المبارك.
وتقاوم هذه المهنة الاندثار بإحيائها كل عام لتبقى خالدة إلى الأبد، ويتعرَّف عليها الجيل الجديد.
ولا يكتمل الشهر الفضيل إلا بوجود "المسحراتي"، الذي يطوف شوارع المدن والقرى في محافظتَي الأحساء والقطيف في ليالي الشهر الكريم، ويوقظ الناس لتناول وجبة السحور قبل أذان الفجر بنحو ساعتين.
ومع بدء شهر رمضان المبارك، عاد ممارسو هذه المهنة إلى السير في الشوارع والأزقة داخل الأحياء ممسكين بـ "طبلة" صغيرة، يقرعون عليها، مرددين في الوقت نفسه عبارات وأهازيج محبَّبة برفقة الأطفال، منها "اقعد اقعد يا نايم.. اقعد اقعد تسحر. لا إله إلا الله محمد رسول الله. اقعد اقعد يا نايم، واذكر ربك الدايم. اصحى يا نايم.. اصحى يا نايم، قوم وحِّد الدايم. سحور يا عباد الله".
وعادةً ما ينادي "المسحراتي" بصوت جهوري ليسمعه كل مَن يسكن في الحي.
من جهته، أوضح لـ "سيدتي" خميس المجيبل، "مسحراتي من بلدة الشعبة، أن محافظة الأحساء وقراها ما زالت تتمسك بتقليد "أبو طبيلة" على الرغم من أن هذه العادة لا تستمر سوى 30 يوماً كل عام، وقال: "هذه المهنة تقتصر على شهر رمضان المبارك، لذا لا توفر دخلاً جيداً لمَن يعملون بها، لكنَّ بعضهم يفضِّل ممارستها حفاظاً عليها من الاندثار".
وأشار المجيبل إلى أن المسحراتي أحياناً ينادي الأهالي بأسمائهم، وهو يطرق على أبوابهم، ولا يتركهم إلا بعد التأكد من استيقاظهم من النوم، وقال: "لعل النمو السكاني، وقلة عدد العاملين في هذه المهنة، جعلتا الأغلبية ينادون الأهالي بأسماء عامة، أو يكتفون بذكر بعض العبارات التي تذكِّرهم بتقوى الله، وتدعوهم إلى الاستيقاظ لتناول السحور".
أما المسحراتي حسين آل عاشور من القطيف، الذي ورث المهنة من والده، فأكد أنه سيستمر في ممارستها، لأنها جزء من تراث المنطقة العريق، وقال: "قديماً كان المسحراتي لا يأخذ أجراً عن عمله خلال شهر رمضان، بل ينتظر حتى أول أيام العيد، ويمر على المنازل، وطبلته في يده، ويعايد على الأهالي، الذين يعطونه بعض الهدايا والأموال والحلويات لقاء تعبه طوال الشهر، ويتبادلون معه عبارات التهنئة".