لا تزال العادات في المجتمع الكويتي تحافظ على أصالتها خصوصاً في شهر رمضان المبارك.
من بين العادات الرمضانية التي لم تقل عن السابق بل زادت بكثافة "الغبقة"، وهي تراث كويتي يزيد من الترابط، ويسمو بالعلاقات في ترابط ليس له نظير لتمتين العلاقات الودية بين الأهل والجيران على مائدة رمضانية خلال السهرة.
الغبقة الرمضانية في الكويت هي مائدة طعام تعد ما بين السحور والإفطار، تهدف إلى جمع الأهل من العائلة أو الأسرة الواحدة أو الجيران، بعد صلاة العشاء داخل منزل أحدهم، والغبقة مصطلح دارج في التراث الكويتي منذ عقود مشتقة من لفظ الغبوق، وهي من مفردات اللغة العربية الفصحى، وتعبّر عما يتناوله المرء ليلاً من اللبن والتمر، وهي وليمة يتخللها تقديم أصناف متنوعة من المأكولات الشعبية الشهية والتي غالباً ما تكون خاصة بالشهر الفضيل.
ما لذ وطاب
ومع التطور اللافت وتغير الزمن عن السابق لم تصمد الغبقة بشكلها القديم الحاضر، وأصبحت تقدم فيها كل ما لذ وطاب من الأطعمة والمقبلات بأنواعها المختلفة والحلويات الكويتية والعربية والمشروبات الباردة والساخنة في أشكال ابتعدت عن التقليدية والبساطة في السابق.
في المؤسسات
وتوسعت الغبقة، وتجاوزت مرحلة البيوت والجيران وصولاً الى المؤسسات والشركات، ولم تعد تقام في المنازل والأحياء بل أصبح معظمها يقام في الفنادق والمطاعم طوال الشهر الفضيل لدرجة أن البعض في الكويت بات يطلق على شهر رمضان بشهر الغبقات كناية عن دأب الغالبية العظمى من المجتمع على إقامة الغبقات خلال الشهر المبارك لإشاعة جو مميز ودافئ بين الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء والموظفين والقياديين وضيوفهم”.
وبدأت كل مؤسسة في غبقتها تبتكر في طريقة عرض الأجواء الرمضانية المختلفة لا سيما وأنها تعتبر من تراث الكويت الأصيل، و“غالباً ما تقام في أحد الفنادق” حتى باتت “الغبقة الرمضانية”، “سمة مميزة للكثير من هذه الجهات في الكويت ووسيلة لتجمع أبناء الجهة الواحدة؛ ليتعارفوا ويتواصلوا مع بعضهم البعض ويتحدثوا في الكثير من الأمور الخاصة والعامة”.
في الماضي
الغبقة في السابق كانت عبارة عن أطباق الهريس، والجريش وهما أهم طبقين في الغبقة، والهريس يتكون من حب “القمح” يضاف إليه البعض من الدجاج أو اللحم والسمن.
والنخي وهو “الحمص” وباجيلا وهي “الفول المطبوخ”، وبعض المقبلات مثل السمبوسة والكوبة بأنواعها وهي عبارة عن بطاطس مطحونة مع لحم، بالإضافة إلى الحلويات بأنواعها مثل كريم الكرميل والجيلي وبلح الشام والكنافة والقطايف وغيرها، وليس كما يحدث الآن من الإعداد لولائم كبيرة تصرف عليها مبالغ كبيرة للتفاخر.
وتطلب بعض الجهات فقرات شعبية أثناء الغبقة مثل رقصة العرضة الشعبية، وغيرها من الفنون التي تقدمها الفرق الكويتية.
ارتفاع الأسعار
تساهم الغبقة في ارتفاع أسعار أصناف الأكلات الكويتية في رمضان، وذلك بسبب الاستهلاك المرتفع، فلا تخلو وجبة الإفطار من الغبقة، وقد تتكون وجبة السحور أيضاً من الأصناف الكويتية مثل ‘الخثرة’ وهي عبارة عن أرز مع مرق السمك، و’القبوط’ وهو عبارة عن عجين محشو بالبصل والفلفل الأسود ومطبوخ بالصلصة مع اللحم” و”محروق صبعه” وهو عبارة عن خبز مقطع صغيراً ومطبوخ بالصلصة مع البطاطا والباذنجان، و”ميدم” وهو عبارة عن أرز مطبوخ مع سمك قرش صغير، و”المربين” وهو عبارة عن أرز مطبوخ مع الروبيان.