عيد الفطر في تونس يسميه الناس "العيد الصغير"، وتستعد له العائلات منذ النصف الثاني من شهر رمضان، ومن بين أهم الاستعدادات هو التفكير في شراء الملابس الجديدة والأحذية للأطفال وإعداد الحلويات.
فالزوجات الشابات يفضلن شراء الحلويات الجاهزة من المحلات، وأكثر النساء الموظفات، بل وحتى ربات البيوت، يلتجئن للسوق لشراء ما يسمى هنا بـ"حلو العيد"، وبدأت تقاليد إعداد حلويات العيد في المنازل تندثر.
تقول الخالة سلمى، وهي تتذكّر أيام العيد في شبابها أن العائلات كانت في الأسبوع الأخير من رمضان تسهر حتى مطلع الفجر لإعداد الحلويات، فيجتمع شمل "السلفات" و"الأخوات والأمهات، وكل نساء البيت في سهرات شيقة ورائقة، ويشتركن جميعهن في إعداد البقلاوة و"الغريبة" و"المقروض" وغير ذلك من أنواع الحلويات.
الأندلسيون
ومن ألذ حلويات العيد وأطيبها "كعك الورقة"، وقد جاء به الأندلسيون عندما طردهم الإسبان واستوطنوا ببعض المدن والقرى، ويقال إن المهاجرين الأندلسيين استعملوا "كعك الورقة" لإخفاء مجوهراتهم ومصوغاتهم بحشوها داخلها؛ حتى لا يتفطن إليها الإسبان.
ويشتكي الناس هذا العام من الارتفاع المشطّ للعديد من مكونات الحلويات الأساسية من فواكه جافة بكل أنواعها.
أيام العيد
من خصائص عيد الفطر المبارك أن العاصمة تونس تكاد تكون يومها شاغرة بسبب عودة القاطنين بها إلى مدنهم وقراهم داخل البلاد، ولا يبقى بالعاصمة إلا سكانها الأصليون وهم قليلون. فتونس العاصمة يوم العيد هي مدينة هادئة، فالمحلات مغلقة وحركة المرور لا تكاد تذكر، ولا تجد جمعاً من الناس إلا في الحدائق التي يقبل عليها الأطفال وفي قاعات السينما التي تزدحم بالجمهور بعد ظهر يوم العيد.
ومن أهم مظاهر العيد في البلاد التونسية هو التزاور بين الأقارب للمعايدة ولا بد عند كل محطة من تناول بعض الحلويات والمرطبات.
وإذا كانت كل العائلات التونسية في الماضي تعد بنفسها في المنزل حلويات العيد في جو من المرح والفرح فإن الحال قد تغير اليوم،
ومن أشهر عادات العيد والتي تختص بها مدينة "صفاقس"(280 كلم جنوب تونس العاصمة) تناولهم يوم العيد أكلة "الشرمولة"، وهو سمك مجفف ومالح يطبخ مع الزبيب ومكونات أخرى، ويقول خبراء التغذية إن هذه الأكلة المميزة التي يختلط فيها المالح بالحلو أكلة صحية ومفيدة للصائمين في شهر رمضان.
عادت متوارثة
ومن العادات المتوارثة جيلاً بعد آخر منح الأطفال يوم عيد الفطر "المهبة" (وهي مبالغ متفاوتة من المال)؛ مما يسعدهم ويدخل البهجة إلى قلوبهم. كما يحرص الخاطب على إهداء خطيبته بمناسبة العيد هدية (وغالباً ما تكون ذهباً)، وهي عادة متوارثة، وتعرف باسم "الموسم" وكانت في الماضي بمثابة الهبة وعربون محبة وسعياً من الشاب لإرضاء الخطيبة، وكسب ود أهلها ولكنها أصبحت اليوم وبمرور الزمن "إلزامية" ولا تتنازل عنها الخطيبات أبداً.
وعموماً فإن احتفال التونسيين بالعيد وتمسكهم الشديد ببعض عاداته يعكس تشبثهم بجذورهم ووفائهم لأصالتهم رغم زحف مظاهر الحداثة والعصرنة.
ومن عادات التونسيين أيضاً زيارة المقابر يوم العيد والترحم على الأموات.