«ضحك ولعب وجد وحب» هي أغنية عبد الحليم الوردية التي صورت حال طلاب الجامعة من الدراسة إلى فترة قضاء الإجازات سوياً. الواقع في تلك الأغنية زاهٍ لا يشوبه قلق خريجي وخريجات هذه الأيام، الذين يحسبون ألف حساب لما سيواجهونه بعد الجامعة.
هم يلجأون إلى ما يسمى «بالتدريب العملي» من دون مقابل مادي، لتقديم رسالة تخرجهم، أو للحصول على عمل، بعضهم كان حظه عثراً، وبعضهم سعى بجهده لنيل الحظ، فيما كثيرون اصطدموا بالواقع الغريب.
ترتيب المكتب!
عندما قررت ليسا ماثيو 21 سنة بعد إتمامها دراسة إدارة وأعمال الحصول على عمل بأجر، أو تدريب مجاني خلال فترة عطلتها الصيفية وضعت سيرتها الذاتية على مواقع التوظيف، ظنت في البداية أنها سوف تقوم بالأمور الإدارية فحسب، ولكنها وجدت نفسها تساعد جميع من في المكتب، أول عمل قابلها هو إعادة نسخ كتاب متكون من 100 صفحة على الحاسوب لمدة 5 أيام فقط، تتابع ليسا: «حتى أنني لم أكن أجد وقتاً لتناول غدائي، ومن الواجبات الغريبة التي كنت أقوم بها هي التبضع للمكتب وشراء القهوة والشاي والحليب، وترتيب المكان في حال قدوم شخص مهم، أما أغرب وأكثر الأعمال مللاً وصعوبة فكان إعادة ترتيب كل المجلات التي تصل إلى مئتي مجلة أو أكثر، حيث طلب مني أرشفتها وأنا أحتمل نكاتهم السخيفة».
تستدرك ليسا: «أمضيت شهرين في مكان يحتوي على أقل من عشرة أفراد يقومون بوظائف 30 فرداً! وأتأخر في العودة للمنزل لأكمل عملي، ولكن عندما أتأخر في الوصول للمكتب 10 دقائق تلاحقني النظرات المؤنبة، والملاحظات اللاذعة. فاعتذرت من عدم تمكني إتمام الشهر الأخير بحجة إعداد أوراق التحاقي بالجامعة البريطانية.
لم أتلق في هذا التدريب غير التعب المفرط والإهانة، ولن أكرر ذلك إلى أن أتأكد من طبيعة الواجبات المنسوبة إليّ، وكيفية العمل».
تجربة ناجحة
زكريا بوزكريا 22 سنة -مهندس في نقل وتوزيع المحروقات- لا يشاطر ليسا الرأي بل عكسها تماماً حصل على تدريب جيد جداً في الشركة التي انتسب لها، والسبب أن اختصاصه لا يحتمل أي خطأ، يتابع: «الأيام الأولى كانت نظرية نوعاً ما حيث كنا نتعلم كيفية استخدام البرامج المتخصصة، وأسس وإرشادات الأمن والسلامة، ومن ثم الانطلاق إلى ميدان العمل، حيث استقبلنا بعض المهندسين بحفاوة وترحيب كبيرين، والبعض الآخر لم يعرنا اهتماماً مطلقاً، باشرنا العمل مباشرة بعد القيام بجولة عامة حول المكان والتعرف إلى المرافق الهامة، ثم بدأنا العمل الفعلي على الأنابيب تحت إشراف أحد المسؤولين».
لا يكترثون
حنين الحواري، 21 سنة، طالبة في الإعلام السمعي والبصري، أجرت تدريبها العملي في عامها الجامعي الثالث في إحدى الإذاعات الوطنية؛ لتطبق ما تعلمته في مدرجات على أرض الواقع، وكلها حماس وسعادة، لكن الواقع صدمها وخيب كل آمالها، فكل ما طمحت فيه وخططت أن تطبقه وتستفيض فيه ذهب هباء، حسب تعبيرها، وتابعت: «بعد أن ذهبت إلى الإذاعة وقابلني المسؤول الذي استغرب وجودي باكراً قال لي ليس عليك المجيء باكراً كل يوم، يمكنك أن تأتي في آخر اليوم توقعين لي الحضور وتذهبين!".
مع الشركات
كثير من الطلاب قدموا شكاواهم على الشركات التي تقصر في تدريبهم ولا تعيرهم أي اهتمام، أحد المديرين الذي طلب الاحتفاظ باسمه واسم شركته الإعلامية، لا ينسى كيف رحب بمجوعة طالبات خليجيات، وفي أول أيام التدريب جاءت اثنتان منهن إلى مكتبه لتسألا فقط عن ساعات الدوام، وحددتا 4 ساعات لا غير وطلبتا منه الموافقة عليها، يعلّق المدير: «علمت من الموظفين أن اثنتين أخريين يقضيان أوقاتهما على الفيس بوك الخاص بهما، وبصراحة أنا لا يمكنني تشغيل الموظفين فيما لا فائدة منه».
الدكتورة ناريمان حاج حمو المديرة التنفيذية لمركز الابتكارات العلمية وحلول المعرفة التخصصية (كليكس)، تعاقد مركزها مع الجامعة الأميركية في دبي والجامعة الأميركية في الشارقة على إرسال طلبة للتدريب في كل فترة، وتؤكد أن المركز يضمن لهم التدريب الجيد والصرامة والجدية، تتابع: «لدينا في الفترة الحالية 3 طلبة متدربين اثنان منهم يعملان بجد ونشاط لكن الطالبة الثالثة تتعذر بأعذار واهية في كل مرة وتتحجج للخروج وعدم الحضور، وتحدثت إليها بصرامة وحذرتها من عواقب التهاون بالطرد، وعدم توقيع شهادة التدريب، فتغير حالها وأصبحت ملتزمة بالعمل أكثر مما سبق».
رغم أن الحال، في شركتهم كما وصفته الدكتورة حاج حمو، نظامي، إلا أنها لم تنكر وجود عدد كبير من الشركات الذين لا يعيرون الطلبة المتدربين اهتماماً وكلفوهم بواجبات ليست لها علاقة بتطويرهم ودعم دراستهم، وترى أن على الطالب أن يسعى للتعلم والبحث، وإذا رأى أن الأمر مستحيل يلجأ إلى شركة أخرى، ولا يضيع وقته فيما لا يفيده؛ لأن إيجاد تدريب عملي أمر سهل جداً مقارنة بإيجاد وظيفة!
مواقع إلكترونية مفيدة لإيجاد شركات للتدريب، فهي فضاء افتراضي يجمع الشركات الراغبة في تبني طلبة للتدريب، وطلبة يبحثون عن التدريب، حيث يقوم الطرفان بوضع المعلومات الضرورية حول الاختصاص وأرقام التواصل، وبالتالي يكون همزة وصل بينهم:
http://www.internsme.com
http://www.me-grad.com
http://beta.gradberry.com