يقول محمود درويش: «الموت لا يوجع الموتى، الموت يوجع الأحياء»، بلا شك أنّ آلام الفقد بسبب وفاة أحد المقربيّن لا يُضاهيه ألم آخر في الحياة، فقد تترك هذه الأحداث آثاراً سلبيةً عميقة في نفوس بعض الأشخاص جرّاء تعاملهم مع هذه الصدمات بشكل خاطئ، من هنا التقى «سيدتي نت»
مدربة الوعي الذاتي/ نائلة السقاف، لتُخبرنا عن المراحل التي يمرّ بها الشخص الذي يُعاني من آلام الفقد والحزن، وما هي أبرز النقاط التي ينبغي أنّ يلتفت لها المحيطون وهي:
تقبل واحتضان المشاعر
تقول السقاف: «لا أؤيد بعض روّاد التنمية البشرية الذين يدعون إلى الإيجابية والأمل في هذه الأوقات العصيبة التي قد يمرّ بها الشخص، فالأمر أكبر من أن يكون مجرد «دراما» لذا:
- ينبغي أنّ نحتضن المشاعر البشرية التي بداخلنا إذا ما حلّت علينا أي مصيبة أو كارثة فقدنا فيها أحد الأشخاص، خاصةً عندما يكون الشخص مقرّباً سواءً من الأهل أو الأصدقاء أو الأحباء، فمن الطبيعي أنّ يحزن الشخص، وقد يحزن بشدة أيضاً لفترة معينة، لذا لابد أنّ نستشعر هذه المشاعر؛ لأننا بشر فلا ينبغي إنكارها أو كبتها، بل إعطاؤها حقها من الوقت وليس أكثر من حقها، لذا ينبغي تقبل هذه المشاعر، وعدم ربطها بقلة الإيمان أو ضعف الشخصية، فالمشاعر لا تعترف بالمنطق.
مراحل الحزن الخمسة والتعامل معها
- أنّ لا يتوقع الشخص من نفسه شيئاً، ولا يُحدد وقتاً ينتظر فيه انتهاء هذه المشاعر، أي نترك لأنفسنا العيش في المراحل كافة التي تلحق صدمة الفقد، ومراحل الفقد هي كالتالي:
1- مرحلة الإنكار
الحياة تصبح بلا معنى في عيني الشخص، وقد يُنكر الشخص هذا الحدث من داخله ويتوقع أنّه كابوس وسينتهي فلا يعي ما يدور حوله، وهنا ينبغي التنبه إلى عدم تخدير المشاعر أي عدم الإقبال على الحياة وملذاتها بغرض النسيان، ففي هذه الخطوة عندما نرى شخصاً قوياً ومتماسكاً فغالباً هو ليس بقوي، بل يقوم بتخدير إحساسه، وهذا يستدعي القلق حياله.
2- الغضب
الغضب على النفس، وعلى العالم أيضاً حين يرى الشخص الفاقد أنّ الحياة تسير بشكل طبيعي لدى الآخرين ولا يُبالون، وبعض الأحيان قد يكون الغضب تجاه الرب!
3- المساومة
هنا يجد الشخص في داخله شيئاً من المساومة في بعض الأوقات تجاه الإله، وذلك بأنّ يُعيد له المفقود مقابل قيامه ببعض الأمور الحسنة أو الصالحة، وهنا في هذه المرحلة يشعر بعض الأشخاص بالذنب تجاه العالم فيرون أنّه ربما يوجد به شيء خاطئ بعد فقدان هذا الشخص، ما يجعلهم يلجئون لمحاولة التأثير وإعطاء مجهود أكبر؛ من أجل إبقاء أو تخليد ذكر هذا الإنسان والقيام ببعض الأعمال له مثل القيام بوقف خيري باسمه أو صدقات جارية أو الحديث عنه في المجالس، أو إصدار بعض المؤلفات عنه وغيرها من الأعمال، وهذه المرحلة يدخل من ضمنها الشعور بالذنب ولوم النفس، فيشعر الشخص بأنّه كان مُقصراً أو غير مُدرك لأهمية الشخص المفقود.
4- الكآبة
هنا الشخص لا يُريد أنّ يعيش فتظهر عليه بعض السلوكيات غير المألوفة عنه، مثل النوم الكثير وعدم مغادرة المنزل وعدم القيام بمهام حياته الطبيعية كالمعتاد.
5- القبول
يبدأ الشخص بتقبل الوضع الجديد ومحاولة الاندماج مع المجتمع.
استحضار الشخص المفقود
- بعد أنّ يمر الشخص بهذه المراحل كافة، وحتى لا تترك هذه الحادثة أثراً سلبياً عميقاً على حياته المستقبلية، ينبغي عليه استحضار المفقود أمامه، هل سيكون سعيداً برؤيته في هذه الحالة كشخص غير مبالٍ أو غير ناجح في حياته المهنية أو علاقاته، وحين يتجاوز الشخص هذه المراحل سيبدأ التفكير بمنطقية تدريجياً بعيداً عن وطأة المشاعر القاسية، وسيُدرك أنّه مازال على قيد الحياة فينبغي أنّ يُقدم رسالة ما.
دور المحيطين
- المطلوب من البيئة المحيطة من الشخص من أقارب وأصدقاء ألا يقوموا بنصحه وإظهار التفهم لهذا الألم والمعاناة، وتقديم الدعم والاحتواء له.