يعد تغيُّر المناخ القضية الأكثر جدلاً في عصرنا الحالي، خاصةً أن البشر يعانون اليوم مما ارتكبوه من تجاوزات جسيمة في حق البيئة بالتعدي على مصادرها بشكل جائر.
أما الآثار العالمية لتغيُّر المناخ فحدث ولا حرج، ولم يسبق لها مثيل من قبل من حيث الحجم وقوة التأثير، في مقدمتها تغيُّر أنماط الطقس الذي يهدِّد الإنتاج الغذائي العالمي، وارتفاع منسوب مياه البحار، ما يزيد من خطر حدوث فيضانات كارثية مدمرة.
ويبدو أن التكيُّف مع هذه التأثيرات، سيكون أكثر صعوبة وكلفة في المستقبل إذا لم يتم اتخاذ إجراءات جدية من الآن.
تأهيل المجتمع وتوعيته بأخطار هذه الظاهرة
يبين الخبراء، أن الغازات المسبِّبة للاحتباس الحراري، يحدث بعضها بشكل طبيعي، وتعد ضرورية لبقاء البشر والملايين من الكائنات الحية الأخرى على قيد الحياة من خلال الحفاظ على جزءٍ من دفء الشمس، وعكسها مرة أخرى إلى الفضاء لجعل الأرض صالحة للعيش.
لكن مع الثورة الصناعية، التي بدأت قبل نحو قرن ونصف القرن، والقطع الجائر للغابات، والحرائق، والانبعاثات الحرارية، ارتفعت كمية الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي إلى مستويات قياسية لم تشهدها الأرض منذ ثلاثة ملايين عام.
ويسلط تقرير أممي، صدر في أكتوبر 2018، الضوء على عدد من تأثيرات تغيُّر المناخ التي يمكن تجنبها عن طريق الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية، مقارنة بـ 2 درجة مئوية أو أكثر، فعلى سبيل المثال، بحلول العام 2100، سيكون ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي أقل بمقدار 10 سم، مع ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية مقارنة بـ 2 درجة مئوية.
كما أن احتمال وجود محيط في القطب الشمالي خالٍ من الجليد البحري في الصيف، سيكون مرة واحدة في كل قرن، وذلك مع ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية مقارنة مع مرة واحدة على الأقل لكل عقد مع 2 درجة مئوية، كذلك ستنخفض الشعاب المرجانية بنسبة 70%-90%، مع ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية، وستضيع مع 2 درجة مئوية.
كل ذلك، يؤكد أهمية نشر الوعي المجتمعي بين الأفراد، والقيام بحملات إعلامية ضخمة، تدعمها منظمات دولية، للتعريف بخطورة هذه الظاهرة، ونتائجها السلبية على كوكب الأرض.
طرق مواجهة تغيُّر المناخ
ويمكن مواجهة ذلك بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، أو النظيفة بيئياً، مثل الطاقة الشمسية والطاقة المائية، والحد من الاعتماد على مصادر الطاقة غير المتجددة، مثل البترول والغاز والفحم، ما يساعد في الحد من استمرار ارتفاع حرارة الأرض.
كذلك، يجب التوسع في زراعة الأشجار، ومنع تدمير الغابات لزيادة نسبة الغطاء النباتي على سطح الأرض.
أيضاً، يجب وضع رقابة شديدة على المصانع للعمل على التقليل من انبعاثاتها، ووضع آلات تنقية على المداخن الخاصة بتلك المصانع، وللتخفيف من الانبعاثات الضارة يمكن الاعتماد على وسائل النقل الجماعية لتقليل نسبة العوادم الصادرة من السيارات وغيرها، وفرض الضرائب والغرامات الكبيرة على مَن يقوم بإحداث الانبعاثات الكربونية من المصانع.
إلى جانب العمل بشكل صارم على منع عمليات التوسع العمراني، وصد زحفها نحو المناطق والمساحات المزروعة، والحد من الصناعات العسكرية التي تقوم بها الدول المتقدمة، وتنتج عنها كميات هائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون.
كما يتوجب علينا تغذية النباتات البحرية عن طريق ضخ كميات كبيرة من المغذيات في أماكن وجودها بالبحر، فقد ثبت أن تلك النباتات لها دور أساس في تنقية الجو، ويجب ترشيد استهلاك الطاقة من خلال إرشاد الأفراد إلى ضرورة بناء منازلهم بحيث تكون معزولة بشكل جيد، لكيلا يحتاجوا إلى التدفئة في الشتاء، والتبريد في الصيف، وتسريع الدورة الخاصة بغاز ثاني أكسيد الكربون للعمل على عودته إلى مكامنه الطبيعية بدلاً من التراكم في طبقات الجو محدثاً ظاهرة الاحتباس الحراري.
ومن ذلك يجب أن تتضافر الجهود بشكل أسرع للحد مما قد ينتج في المستقبل من خسائر للبشرية والطبيعة معاً، وحفاظاً على وجود الحياة على كوكب الأرض.