إحساس المرأة بالأمان في التنقل هو الدافع الأهم الذي دفع بشابين من مصر، لإنشاء تطبيق «فيونكة» الخاص الذي يوفر مواصلات للفتيات والسيدات فقط، وقد وصلت عدد الرحلات عبر هذا التطبيق قرابة الـ1000 في أقل من أسبوعين، نتيجة للتفاعل الشديد الذي لقيه التطبيق فور تدشينه، حيث تفاعلت السيدات معه، فهو لم يختلف من ناحية السعر عن التطبيقات الأخرى والذي يمكن من خلاله طلب وسيلة مواصلات تقودها الفتيات لخدمة النساء فقط، وتوصيلهن إلى مناطق المهندسين، الدقي، الزمالك، المعادي، 6 أكتوبر، الشيخ زايد، القطامية، التجمع، مدينة نصر، مصر الجديدة ووسط البلد.
قصة ابتكار تطبيق
عبد الله حسين، أحد مبتكري التطبيق يقول: «كنا نعيش أنا وشريكي مصطفى في لندن، ورأينا الدور الفعال للمرأة في المجتمع وخوضها في جميع المجالات. عند عودتنا إلى مصر كنا نبحث عن عمل يطور وضع المرأة في مصر ويشجعها، فقمنا بعملية بحث عن عمل يمكن للسيدات القيام به بأمان وأريحية، فأجرينا دراسة للسوق ووجدنا أن تطبيقات طلب السيارات في بدايتها. توصلنا إلى فكرة «فيونكة»! هو تطبيق مصري 100% يهدف إلى توفير سيارات تعمل عليها السيدات لتوصيل الفتيات والسيدات فقط، خصوصاً أن هناك حالة من عدم الآمان في المواصلات، وخوفاً من البعض على نسائهم من الركوب مع الرجال منعاً للتحرش أو الخطف.تطبيق «فيونكة» يقضي على ذلك»!
يضيف قائلاً: «وجدنا سببين يقفان حائلاً أمام قيام السيدات في مصر بالعمل في هذا المجال. السبب الأول، عامل الأمان، فالسيدة نفسها تكون خائفة أن يركب معها رجل ويطلب منها توصيله لأماكن قد لا تكون آمنة، والسبب الثاني، الثقافة المصرية، وهي اعتراض الزوج أو الأخ أو الأب على عمل السيدة في قيادة السيارات وركوب الرجال معها، والوضع نفسه بالنسبة للعملاء، فبعض السيدات بحاجة لراحة بال وأمان أكثر، فوجود سيدة مثلها يمنحها مزيداً من الأمان والراحة».
هناك أيضاً من تتعرض للتحرش في المواصلات، فبحسب «منظمة الأمم المتحدة»، فإن 4 من 5 سيدات يعانين شكلاً من أشكال التحرش الجنسي في سيارات الأجرة والمواصلات العامة بشكل يومي في مصر، ومن أجل هذا كله أراد مؤسسا التطبيق تقديم شيء للسيدات في مصر وحمايتهن من التحرش. ولم تقف مهمة «فيونكة» على كونه تطبيقاً لسيارات الأجرة، ولكنه امتد للتعاون مع الهيئات المعنية بالمرأة، فهناك تعاون مع المجلس القومي للمرأة والذي تحدّث عنه «عبد الله» قائلاً: «نقوم معهم بمشاريع لصالح السيدات، من محو أمية في القرى إلى ورش لتعليم السيدات مهارات مختلفة لتطوير مهاراتهن بشكل أكبر وموسع».
كيفية اختيار الفتيات للعمل
أما عن اختيار أي فتاة للعمل من خلال التطبيق، فكل ما تحتاجه السيدة رخصة قيادة، من ثم تمر أي سيدة تريد الانضمام للتطبيق بثلاث مراحل:
- المرحلة الأولى: المقابلة الشخصية.
- المرحلة الثانية: إعداد الأوراق المطلوبة، وهي رخصة القيادة.
- المرحلة الثالثة: وهي جزئين: الأول، التدريب على التطبيق، والثاني: اختبار قيادة وتدريب بحيث يتم التأكد من أنها مؤهلة للقيادة بشكل ممتاز.
الشركة قامت بالفعل بتدريب 250 سائقة من النساء في القاهرة، وسجلت أكثر من 1200 عملية تنزيل لتطبيقات الهاتف المحمول في الشهر الأول من إطلاقها الناجح، واستكملت حواليّ 1000 رحلة. هذا وتخطط الآن لإطلاق خدماتها في الإسكندرية، ثم أسيوط خلال الأشهر الستة المقبلة، وللوصول إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وتلقت الشركة قدراً كبيراً من الاهتمام من المستثمرين في قمة Rise Up لهذا العام وتتطلع إلى زيادة الاستثمار في أوائل العام المقبل.
خطوات الأمان
يقدم التطبيق ميزة تسمى «التحقق من الصور» كخطوة أمان، فعندما تصل السائقة إلى نقطة التقاط العميلة، تتلقى العميلة صورة القائدة، اسمها ورقم هاتفها المحمول، حتى تتحقق من أنها هي القائدة التي تم اختيارها، وبالعكس أيضاً تتأكد أنها العميلة، بالإضافة إلى وجود شراكة مع MAYDAY ، أول تطبيق للمساعدة على الطريق، في حال حدوث أي مكروه، فستحصلين على مساعدة من شخص ما في غضون 30 دقيقة.
ويؤكد «عبد الله» أنهم يعملون على تطوير السيدات بداية من توفير فرصة عمل بدخل جيد، وفي جزء ثان من السيدات في الأرياف من خلال محو أميتهن، والجزء الثالث تطوير المهارات الخاصة بالسيدات لمواجهة المجتمع بإيجابية، فتهدف الشركة إلى أن تكون أكثر من مجرد خدمة نقل، وتسعى إلى تحقيق المزيد من الإنتاج الإيجابي للمرأة.
العمل ضمن فريق السائقات
هناك إقبال من العديد من الفتيات للتعامل مع التطبيق والعمل من خلاله، ومنهن «أسماء يحيى» التي تقول: «قررت الانضمام إلى سائقات «فيونكة» لشعوري بأني أستطيع العمل بأمان، خصوصاً أن التعامل يكون مع فتيات فقط، ولا أجد أي مشكلة في العمل كسائقة طالما أن الأمان موجود، كما أن أسرتي لم تعترض على ذلك بعد أن علمت أني أعمل مع فتيات فقط، فمن الصعب أن أعمل مع رجال، وخصوصاً أن هذا الأمر يكون مرفوضاً أن تكون السائقة فتاة والراكب رجل، حتى إن عادات المجتمع ترفض ذلك، ولكن طالما أن التعامل مع الفتيات فقط، فليس هناك أي مانع، كما أني أعمل حسب الأوقات المتاحة لي».