كريمة أحداد كاتبة وصحافية مغربية، ولدت في مدينة الحسيمة عام 1993. حصلت مجموعتها القصصية «نزيف آخر الحلم» على جائزة اتحاد كتاب المغرب للأدباء الشباب عام 2015، وصدرت لها مؤخراً مجموعة قصصية تحت عنوان: «بنات الصبار» ترصد فيها صوراً لمتناقضات تعيشها النساء في مشاهد يومية وبلغة إبداعية نالت إعجاب النقاد، الذين استبشروا بميلاد كاتبة شابة برؤية مغايرة للعالم. في هذا اللقاء نتعرف إلى طموحات ورؤى مبدعة قادمة بقوة.
كريمة أحداد الكاتبة والصحفية المغربية
كيف فكرت في كتابة مجموعة قصصية؟
-لم تأتِ فكرة كتابة مجموعة قصصية بالنسبة إليّ عن نية مسبقة بالنشر، بل كان ذلك نتيجةَ انكبابي اليومي على الكتابة بطريقة عشوائية. كنتُ أكتب كلّ يومٍ قصة وأتركها جانباً. بعد ذلك، جمّعتُ هذه القصص في ملفّ وعرضتُها على الأستاذ حسن أوريد الذي قرأها وقدّمها وشجعني على نشرها.
شاركتُ بالمجموعة في جائزة اتحاد كتاب المغرب للأدباء الشباب صنف القصة القصيرة، وحصلتُ على الجائزة سنة 2015
من سبق الصحافة أم الكتابة؟
-الكتابةُ طبعاً. اختياري للصحافة جاء تبعاً لرغبتي في الدراسة والاشتغال في مجالٍ له علاقةٌ وطيدة بالكتابة.
من هنّ «بنات الصبّار» ؟
-«بنات الصبّار» إحالةٌ إلى نساء المغرب وظروفهنّ الصعبة، ومعاناتهنّ المزدوجة الناتجة عن التهميش والفقر من جهة والعقلية الذكورية من جهةٍ ثانية. نساء الرّيف كنّ مجرّد نموذجٍ عن النساء المغربيات اللواتي يكافحن من أجل العيش. إنهنّ يشبهن الصبّار في مقاومته للجفاف، في أشواكه الحمائية، وفي ازدهاره رغم العطش.
أول إصدار لك بعد إصدار آخر نلت به جائزة اتحاد كتاب المغرب، فماذا تغير في كريمة الكاتبة بين العملين؟
-تناولت مجموعتي القصصية «نزيف آخر الحلم» في مجملها حيوات نساء وسط مجتمع ذكوري يسوده النفاق الاجتماعي، لكنّ الانطباع العامّ الذي تعطيه هؤلاء النساء هو الضعف والعجز عن المواجهة. نساءُ «بنات الصبار» كنّ أكثر قوةً وأكثر تحمّلاً للمسؤولية وأكثر شجاعةً في مواجهة ظروف الحياة، كنّ نساءً «يفعلن» ولا يقمن بردود أفعالٍ فقط.
بحكم حتمية التطور، أرى أنّ «بنات الصبّار» أكثر نضجاً من «نزيف آخر الحلم»، فقد كتبتُها في الرابعة والعشرين. أيضاً، كانت «بنات الصبّار» أول لبنةٍ في حياتي الروائية التي حلُمت بها دائماً.
جودةُ العمل الأدبي
ماذا يشغلك ككاتبة شابة في الإبداع الأدبي؟
-كأيّ كاتبة تشغلني جودةُ العمل الأدبي، الأفكارُ الجديدة التي يمكن أن أنتجها، تطوير أسلوبي الخاصّ، وأيضاً الابتعاد عن النمطية في التعبير وعن الأفكار الجاهزة في رؤية العالم والأشياء.
هل في حالات «بنات الصبّار» شيء من حياة وذات "كريمة" الإنسانة؟
-«بنات الصبّار» تنتمي إلى التيار الواقعي في الأدب، وهي تحكي عن حيوات نساء مغربيات من فئات اجتماعية وثقافية مختلفة، ولابدّ أن تتقاطع هذه الحيوات، في نقطٍ معيّنة، مع حياتي كإنسانة وكامرأة عاشت حياتها وسط نفس المجتمع.
من شجعك على الكتابة؟
-يمكنني القول إن الكتابة هي التي اختارتني وليس العكس، إذ لا أستطيع أن أتذكّر أنني كنت أحبّ شيئاً منذ الطفولة وحتى الآن كما أحببتُ الكتابة.
عندما كنت طفلة، كنتُ أقرأ نصوصي على أمي التي لم تتوان عن الإطراء عليها، وكان هذا يشجعني أكثر على الاستمرار. بعد ذلك، صرتُ أعرضها على أخواتي وصديقاتي وأساتذتي الذين كانوا يتنبؤون لي بمستقبلٍ أدبي زاهر. الموهبة ضرورية للكتابة، لكنّ التشجيع، بالنسبة لي، هو الذي يغذي هذه الموهبة لتنمو وتزهر.
هل تعملين في كتابة عملٍ جديد؟
-في الوقتِ الراهن، يصعب القول إنني أشتغل على عمل جديد بطريقةٍ جادّة ومنظّمة، بالرغم من أنني أكتب بطريقة يومية، والسبب هو طبيعة عملي في الصحافة التي تُجهد الفكر وتستهلك الطاقة، وبالتالي تضيّق مجال الإلهام الذي يعتبرُ أساسياً في الإنتاج الأدبي.
آخر كتاب قرأتِ؟
-«حليب أسود» للكاتبة التركية إليف شافاق. كتابٌ ينتمي إلى أدب المذكّرات تحكي فيه الكاتبة عن تجربتها مع الأمومة والكتابة، وعن تجارب أديبات رائعات من مختلف أنحاء العالم. ولا أخفي أنّ الكتاب أزعجني وأقلقني وأعمَل تفكيري في قضايا ومفاهيم مختلفة مرتبطة بالكتابة والإبداع والأنوثة والأمومة.
الأدب لا جنس له
هل ترين أنّ هناك اختلافاً بين كتابات النساء وكتابات الرجال؟
- من خلال قراءتي أعمالاً لكتّابٍ ذكور كثيرين من طينة نجيب محفوظ وتولستوي وحنا مينة وأورهان باموك وغيرهم، وأيضاً لكاتباتٍ نساء كفيرجينيا وولف وجورج صاند وسيمون دو بوفوار وإليف شافاق وغيرهنّ، يمكنني أن أقول أن الإبداع الأدبي لا جنس له، فالأدباء الجيّدون، ذكوراً وإناثاً على حدّ سواء، يشتركون في القدرةِ العجيبة على التعبير، بأسلوب سلس عن القلق الوجودي، وطرح الأسئلة العميقة عن الكون والإنسان، وخلق الدهشة لدى القارئ وإزعاجه وإعمال تفكيره...
ما الذي يجعل من الأدب لغة عالمية في تقديرك؟
-الأدبُ هو ذلك الصوتُ الذي يخاطب الإنسان ويلامس همومه وجروحه وأسئلته وقلقه، بغضّ النظر عن ثقافته ولغته والرقعة الجغرافية التي ينتمي إليها.
هل تكتبين لمناصرة المرأة؟
-أكتبُ لمناصرة الإنسان أولاً، ومن خلال هذه الفكرة، أكتبُ لمناصرة النساء.
*ما هو الهاجس الذي يسيطر لديك عند كتابة كل نص جديد؟
جودة العمل كما قلتُ سابقاً، وإعادةُ خلق العالم بطريقة مختلفة وجميلة ومدهشة.
من أنتِ بكلّ اختصار؟
-إنسانةٌ تنتمي إلى العالم، تنظر إليه بدهشة الأطفال، وتستمتع ببناء احتمالاتٍ لعوالم جديدة كلّ يوم.
كيف تقدّمين نفسك للقراء الشباب في العالم العربي؟
-كاتبةٌ شابة تحاول أن تكتب عنهم وعن عالمهم وهمومهم وأحلامهم بطريقةٍ مختلفة وجديدة.