عندما أصيبت والدتها بالمرض في بداية عام 2012، كانت الفتاة الآسيوية البالغة من العمر27 عاماً في حاجة ماسة للمال لدفع ثمن دواء أمها. لم تتمكن من تحمل كلفة الأدوية العالية. وبدأت تبحث بين الأصدقاء على من يقرضها المال، لكن جهودها فشلت. وأوصلتها لحل آخر.
هي قصة تابعتها «سيدتي نت» في قسم الشرطة، وكواليس المحكمة.
طلبت الفتاة من أعز صديقة لها إقراضها المال، ولكن الأخيرة كانت مترددة في القيام بذلك. وبعد عدة محاولات، أبلغتها صديقتها أن لديها أختاً في دبي، تدير متجراً للملابس الجاهزة، وتخطط لتوسيع أعمالها التجارية وفتح صالون للتجميل.
ورددت صديقتها: «شقيقتي تبحث عن موظفين براتب يتراوح بين 2000، و3000 دولار».
التردد كان طبيعياً في التوجه لبلد غريب، وقبول الوظيفة، ولكن تدهور الوضع الطبي للأم، والحاجة الماسة للمال جعل الفتاة توافق على التوجه إلى دبي.
الفتاة التي التقتها «سيدتي نت» اختارت لنفسها اسم «ليلى» لأسباب تتعلق بالخصوصية القانونية، وتابعت: «كل أملي كان القدرة على القيام بعمل جيد لأتمكن من دفع ثمن علاج والدتي. أنا تعيسة جداً لم أتوقع ما هو غير متوقع، فقد سقطت في أيدي عصابة من مهربي البشر».
في المطار
تتكون العصابة من أربعة آسيويين من نفس بلدها، ثلاث نساء ورجل أعمال، استغلوا فقرها وحاجتها الماسة للمال، وأجبروها على ممارسة الدعارة تحت الترهيب النفسي والجسدي.
تعود ليلى بذاكرتها إلى ذلك الحديث الخاص مع صديقتها: «منذ البداية قلت لها إنني غير قادرة على دفع سعر التذكرة والتأشيرة. فقالت لي لا داعي للقلق فشقيقتها، [إحدى المتهمات النساء] ستدفع ما تتطلبه التأشيرة والتذكرة، وسيكون عليّ التنازل عن الراتبين الأولين لتغطية نفقاتهما».
لم تتردد ليلى في تسليم نسخة من جواز سفرها، وقدموا لها تذكرة الطائرة والتأشيرة، ووصلت إلى الإمارات عبر مطار الشارقة، واستقبلتها شقيقة صديقتها في المطار، وذهبتا معاً إلى شقة في دبي.
تعلمي اللغة
طلبت الشقيقة منها أن تعطيها جواز سفرها؛ حتى تتمكن من شراء هاتف محمول، وبطاقة SIM، سلمتها بطاقة الهاتف واحتفظت بجواز سفرها معها بدعوى أنها ستحفظه لها، حتى لا يضيع، تتابع ليلى: «أخبرتني أن محل التجميل لم يفتتح بعد، وطلبت مني تعلم اللغة الإنجليزية في فترة بقائي في المنزل. بقيت في الشقة ما يقرب من شهرين، وعندما انتهت تأشيرتي طلبت مني أن أعود إلى بلدي؛ لأن افتتاح المحل سيتأخر. وبالفعل سافرت، وبقيت في وطني حوالي 40 يوماً ثم عدت إلى دبي مرة أخرى. لتخبرني شقيقة صديقتي أن هناك امرأة أخرى [أيضاً من المشتبهين النساء] هي صاحبة محل الملابس وصالون التجميل.
بائعة هوى
سافرت ليلى إلى جزيرة Qushm في إيران حيث مكثت مدة أسبوع واحد حتى غيرت مضيفتها تأشيرة زيارتها لعمل. وكان كفيلي شركة تجارية تملكها تلك المرأة التي قدمت إلى الشقة في اليوم التالي، وقالت لليلى إنها مدينة لها بمبلغ 40,000 دولار، وهي التكلفة التي ادعت أنها دفعتها لها مقابل مصاريف السفر وتأشيرة السفر، تتابع ليلى: «عادت وأخبرتني أن هناك تأخيراً في افتتاح صالون التجميل، وأنني سوف أعمل في الملاهي الليلية في البداية ظناً مني أنني سوف أعمل كنادلة، أخبرت شقيقة صديقتي أن لغتي الإنجليزية ليست جيدة، فأجابتني بأنني سوف أعمل كبائعة هوى وليس كنادلة. لكنني رفضت، وطلبت منها إعادتي إلى وطني».
ادعت ليلى خلال الاستجواب أن محنتها قد بدأت. فقد قامت الفتاتان الأخريان بتهديدها وترهيبها. وقالت لها صاحبة العمل: سأبيع جواز سفرك، وسوف تضطرين إلى العمل في الدعارة مهما كان».
تتابع ليلى: «أصررت على موقفي، ورفضت العمل في الدعارة، لكنهم أبقوني محبوسة في الشقة لفترة طويلة ولم يكن يسمح لي بالخروج. وأخيراً، أجبرت على الخضوع لأنني لم أكن أعرف أي شخص في البلاد، فبعد أن هددوني أجبرت على ممارسة الجنس مع الغرباء».
بمساعدة البواب
ورد في المحاضر أن ليلى انتظرت أفضل فرصة للهرب لإبلاغ الشرطة. ولم تر أي خيار آخر سوى محاولة التظاهر بأنها قد وافقت على العمل في الدعارة.
تروي ليلى: «في البداية بقيت في الشقة لمدة شهرين تقريباً دون فعل شيء باستثناء تعلم اللغة الإنجليزية، والطبخ للنساء. فيما جواز سفري محجوز، حاولت شقيقة صديقتي مراراً التحدث معي للعمل في مجال العلاقات الحميمة. وادعت أنني سأجني 400 دولار يومياً. بعد ذلك بدأت بالخروج مع النساء إلى النوادي الليلية دون اشتراكي في ممارسة الرذيلة، ثم قبلت تحت الضغط، وانتظرت أقرب فرصة للهرب».
وثقت صاحبة العمل بليلى، وأوصلتها إلى الفندق، وهناك تظاهرت ليلى وكأنها تتحدث إلى عميل قبل أن تختبئ وراء عمود بالقرب من الاستقبال... ثم ساعدها البواب على إيقاف سيارة أجرة وتوجهت إلى أقرب مركز للشرطة، وأبلغتهم ما حدث لها.
دار إيواء
اتهمت النيابة العامة في دبي ثلاث نساء آسيويات ورجل الأعمال بخداع ليلى للحضور إلى دبي، والعمل في الصالون قبل الضغط عليها لممارسة الدعارة.. بعد أن استخدموا جميع وسائل التخويف والتهديد لإكراهها على ممارسة البغاء.
قصة ليلى كشفت عن شبكة خطيرة، فقد تم القبض أيضاً على ست نساء من البلد نفسه وواحدة أوروبية؛ يعملن في الدعارة ترأسهن إحداهن بحجة إدارة بيت لإيواء النساء. فأحالت النيابة العامة المتهمين العشرة إلى المحكمة الجنائية في دبي، وطلبت تنفيذ أقصى عقوبة مطبقة.
في قاعة المحكمة، وكالعادة، ادعى المتهمون براءتهم، ونفوا اتهاماتهم عندما مثلوا أمام محكمة دبي الابتدائية، حتى أن صديقة الشقيقة ادعت أنها لا تعرف الباقيات، وفي الوقت نفسه دافع رجل الأعمال عن نفسه: «أنا لست مذنباً. ولا شيء يربطني بهذه القضية على الإطلاق».
وشهد شرطيان إماراتيان أن إلقاء القبض تم على المتهمين مرة واحدة، وتم بعد إبلاغ الضحية الموضوع للشرطة، في شقتين مختلفتين بدبي، في حين اعتقلت رئيستهم في شقتها في الشارقة.
وتستمر المحاكمة