لطالما كانت الطبيعة مصدر إلهام لا ينضب لصناع المجوهرات، ولكن ما يميز فريدريك بوشرون عن غيره من المعاصرين هو رؤيته الفريدة التي كانت ترى في الطبيعة كائناً حياً ينبض بحرية ومن دون حدود. كان بوشرون يرى الطبيعة على أنها ليست مجرد مشهد ثابت، بل روحاً حية تتنفس وتنبض في كل تفاصيلها، تتميز بجمالية عفوية تنبذ التكلف وتحتفي بالتحرر. ومن هنا، استلهم أعماله من الطبيعة البرية، وزخرت أرشيفات دار بوشرون برسومات وتصاميم تبرز جمال الورود البرية، وأوراق اللبلاب، والأشواك، وصولاً إلى حركات الحياة التي تُمثلها النحل والذباب.
اليوم، تواصل كلير شوان، المديرة الإبداعية لدار بوشرون، هذا التقليد الفني الأصيل بتقديم مجموعة جديدة تفتح آفاقاً جديدة للاحتفاء بالطبيعة، وتحاكي رؤيتها المبدعة في عالم المجوهرات الراقية. تحت عنوان Untamed Nature "الطبيعة الجامحة"، تنطلق هذه المجموعة الاستثنائية التي تروي حكايات الطبيعة وجمالها بأسلوب معاصر، لتندمج التفاصيل الراقية مع الجسد في تناغم مثالي، وتمد الجسر بين الإنسان ومحيطه البيئي.
تتكون هذه المجموعة من 28 قطعة فنية، حيث تتجسد في كل قطعة رؤية مبتكرة تدمج الحرفية الرفيعة مع الأبعاد الطبيعية التي تُعبر عن حرية الحركة، والنمو، والتجدد. تُعد Histoire de Style 2025 بمنزلة موسوعة حية تُعيد ابتكار الطبيعة في طابع عصري، حيث تندمج الأشكال البرية مع الأحجار الكريمة في تصاميم تبث حياةً وجمالاً من خلال الأبعاد الدقيقة التي تروي قصصاً مختبئة في تفاصيل الطبيعة.
بوشرون والطبيعة.. حكاية عشق لا تنتهي
منذ بداياته في عالم المجوهرات، اختار فريدريك بوشرون أن يصنع صلةً فريدة مع الطبيعة البرية التي ترفض الانقياد. في متجره الأول الذي افتتحه عام 1858 في قصر رويال، اكتشف بوشرون أسراراً خفية في الطبيعة كان غيره من الفنانين يتجاهلونها، مثل الأوراق المتسلقة، والأزهار المتناثرة، والتفاصيل العفوية التي تروي قصصاً حية.
بينما كانت باقي دور المجوهرات تهتم بتصاميم الأزهار الفاخرة والحيوانات الملكية، اتجه بوشرون نحو الجمال العميق في التفاصيل البسيطة: أوراق الشجر، الأشواك، والبرسيم. وكان يرى في الفراشات واليعاسيب والحشرات الأخرى كأنها رسل من الطبيعة، تروي قصصاً ضائعة في زوايا العالم.
مع شغفه بالكمال، قام بوشرون بتأسيس مكتبة ضخمة تحتوي على أكثر من 600 مرجع علمي في مجال الطبيعة. من خلال هذه الدراسات، عكف على إعادة تجسيد تفاصيل الطبيعة في أعماله، محاولاً أن يصورها بكمال تفاصيلها الدقيقة، حتى في لحظات ضعفها، لتظل الطبيعة في أعماله دائماً في حالة تنقل مستمر وتجدد حي.
تابعي أيضاً: بوشرون تحلق فوق السحاب في مهرجان كان 2024
