هل تساءلت يوماً ما الذي يدور في ذهن زميلتك في العمل؟ قد يبدو لك أن كل شيء واضح وشفاف، ولكن الحقيقة أن هناك أسراراً صغيرة تخفيها، وربما لو عرفتها، لتغيرت نظرتك تماماً. قد تكون أموراً بسيطة تتعلق برأيها في أدائك، أو ربما استراتيجياتها للحصول على الترقيات، وربما حتى الطريقة التي تحافظ بها على هدوئها وسط العاصفة. هذه الأسرار لا تُقال بصوت عالٍ، لكنها تملك قوة التأثير على بيئة العمل بأكملها. فهل أنت مستعد لاكتشاف ما وراء الابتسامة المهنية؟ بحسب ما تخبرك عنه تقدم الدكتورة والمحاضرة "نائلة مهيدات" في علم النفس التربوي في جامعة قطر.
ما الذي تعرفه زميلتك ولا تخبرك به؟
سر الملاحظات
قد تبدو زميلتك وكأنها تكتفي بالمشاهدة أو الاستماع من دون أن تعلّق بشكل واضح على الأفكار المطروحة، ولكن ما لا تعرفه هو أنها ربما تُدير في عقلها عملية تقييم دقيقة لكل كلمة تُقال. زميلتك تعرف أن التسرع في إبداء الرأي قد يؤثر على صورتها أمام الجميع، لذا تكتفي بالصمت أو بتقديم ملاحظات مدروسة بعناية فائقة. هي تدرك تماماً متى تكون الملاحظة ضرورية ومتى يكون السكوت أفضل. وراء هذه الاستراتيجية تكمن قدرة على التأثير من دون إثارة الانتباه. هل فكرت يوماً أن كلماتها القليلة قد تكون أكثر تأثيراً من حديث مطول؟
هل تؤمن بذلك: المنطق يهزم المشاعر.. تعلم كبح العواطف والتحكم في قراراتك
لماذا تبتسم؟
ابتسامتها التي تراها بشكل يومي ليست دائماً مجرد تعبير عن السعادة أو الرضا. الابتسامة بالنسبة لها أداة تستخدمها بذكاء لتجنب إثارة النقاشات التي ترى أنها غير مثمرة، أو لتخفي شعوراً قد لا ترغب في إظهاره. قد تبتسم في موقف يزعجها فقط للحفاظ على الاحترافية، أو ربما لتهدئة الأجواء في لحظة توتر. الابتسامة هنا ليست عشوائية، بل مدروسة بعناية. هل يمكنك أن تفك شفرة تلك الابتسامة وتفهم ما تعنيه حقاً؟
تحركات خفية
في بعض الأوقات، تبدو زميلتك وكأنها غير مهتمة أو ليست في دائرة التفاعل، لكنها في الحقيقة تعمل بهدوء على بناء خططها الخاصة. هي تدرك أن أفضل الاستراتيجيات تُبنى في صمت بعيداً عن الأنظار. ربما تضع نصب عينيها هدفاً محدداً وتسعى لتحقيقه من خلال خطوات صغيرة وغير معلنة. هذا النوع من التحركات يتطلب صبراً وحكمة، وهي تعرف أن الوقت المناسب للكشف عما تعمل عليه سيمنحها التميز. هل يمكنك أن تلاحظ تلك التفاصيل الصغيرة التي تُمهد لتحركاتها القادمة؟
رأيها فيك
زميلتك تتعامل معك بود واحترام، ولكن هل تساءلت يوماً ما إذا كانت لديها آراء عميقة حول أسلوبك في العمل؟ قد تكون لاحظت أخطاءً لم تصارحك بها، أو أعجبت بجوانب فيك لم تُفصح عنها. هي تعرف أن الحديث المباشر عن هذه الأمور قد يثير حساسيتك، لذا تفضل الاحتفاظ بها لنفسها. ومع ذلك، يمكن أن تلمح تلك الآراء في طريقة تعاملها معك أو في تفاعلها مع أفكارك. هل يمكنك أن تستشف رأيها الحقيقي بين السطور؟
صندوق أفكارها
عندما تقدم فكرة أو اقتراحاً جديداً، قد تبدو زميلتك وكأنها موافقة أو غير معترضة، ولكن الحقيقة أن عقلها يزخر بأفكار قد تفوق ما طرحته أنت. هي تفضل الاحتفاظ بهذه الأفكار لنفسها، إما لأنها تنتظر اللحظة المناسبة للكشف عنها أو لأنها تعرف أن الكشف عنها الآن قد لا يخدم مصلحتها. هذه الأفكار قد تكون إبداعية أو عملية، لكنها تشكل جزءاً من طريقتها في التميز. هل فكرت في أن موافقتها الصامتة قد تخفي رؤية مختلفة تماماً؟
شبكة علاقاتها
زميلتك قد تكون على دراية بما يحدث في الأرجاء أكثر مما تعتقد. هي تستثمر وقتها في بناء علاقات قوية مع زملاء آخرين، أو في فهم الديناميكيات الخفية التي تحكم بيئة العمل. هذه المعرفة تمنحها ميزة تجعلها تتخذ قرارات أكثر ذكاءً ومرونة. دون أن تُعلن ذلك، تستخدم هذه الشبكة لتعزيز مكانتها وحماية مصالحها. ربما تلاحظ ذلك في كيفية تعاملها مع المواقف المختلفة بحكمة وهدوء. هل فكرت في أن خلف كواليس هذا الهدوء شبكة معقدة من العلاقات؟
سر نجاحها
رغم التحديات والضغوط التي يواجهها الجميع، تبدو زميلتك وكأنها تعرف دائماً كيف تُحافظ على توازنها وإنتاجيتها. قد تكون لديها عادات صغيرة تصنع فارقاً كبيراً، مثل تقسيم وقتها بطريقة ذكية، أو تركيزها على أولويات واضحة. الأهم أنها لا تستهلك طاقتها في الأمور التي لا تضيف قيمة لعملها. هذا النهج ليس وليد الصدفة، بل نتيجة وعي عميق بكيفية تحقيق النجاح وسط الفوضى. هل فكرت يوماً أن هذه العادات قد تكون المفتاح لتحسين أدائك أنت أيضاً؟
في الختام، هناك دائماً ما يدور خلف الكواليس، حيث تُنسج خيوط الأفكار وتُبنى العلاقات وتُصنع القرارات. زميلتك ليست مجرد شخص يشاركك المكتب؛ هي كتاب مليء بالفصول غير المقروءة، كل صفحة تحمل درساً وأحياناً لغزاً. الأسرار التي تحملها ليست أسراراً عادية، بل هي أدوات تُثري تجربتها وتجعلها تتميز بخطوات هادئة ولكنها ثابتة. تأمل لوهلة: ماذا لو استطعت أن تقرأ بين السطور، أن تفهم الإشارات الخفية، وأن تستخلص من كل موقف دروساً تُضيف لرؤيتك؟ هذا ليس فضولاً عابراً، بل مفتاحاً لبناء مهاراتك وتحقيق نقلة نوعية في مسيرتك المهنية.
دع هذه الأسرار تلهمك لتكون أنت أيضاً ذلك الشخص الذي يتفوق ليس فقط بما يعرفه، بل بما يخفيه خلف ابتسامة واثقة وصمت مليء بالحكمة. العالم ليس كما يبدو، والمكتب ليس مجرد مساحة عمل، بل مسرح للأدوار الخفية. فهل أنت مستعد لإعادة صياغة دورك في هذا المسرح؟
مهم للموظفين.. كيف تتوقف عن الشعور بجنون العظمة في العمل؟