في العدد 412 من مجلة "سيدتي" الصادر في الثلاثين من يناير عام 1989 م، وبالتحديد في صفحة "طفلك عالم خاص" ظهرت صورة لطفلة صغيرة؛ لتكون محور مادة تحريرية حول العادات المكتسبة للطفل. هذه الطفلة التي كانت عادتها المكتسبة حب القراءة والكتب والمجلات والصور الملونة، هي ضيفة "سيدتي" اليوم بعد 35 عاماً تقريباً على صورتها تلك؛ لتروي قصة امرأة سعودية طموحة، نشأت على حب العلم والعمل، واستثمرت تجاربها الحياتية وتفكيرها الإبداعي في مشاريع ريادية متنوعة.
هند الثروه، رائدة أعمال سعودية، بدأت مسارها بتأسيس متجر لمستلزمات الأطفال مرتكزة إلى تجربتها كأمّ، وكانت لها بعدها خطوة ككاتبة وناشرة لكتاب "ألف باء السعودية" الذي تم طرحه في "معرض الرياض الدولي للكتاب 2023"، وهو كتاب تعليمي يسلط الضوء على التراث والثقافة السعودية؛ لتتجه اليوم وهي العاشقة للتصميم والأزياء والتراث منذ الصغر لتأسيس علامتها الخاصة بالتصاميم التراثية.
ثقافتنا قوية
نترك لك بداية كلمة افتتاحية هذا الحوار الذي ينشر بالتزامن مع يوم التأسيس السعودي؟
سأبدأ بالقول إن هويتنا السعودية هي مصدر قوتنا وتميزنا، وبهذه المناسبة العزيزة أقول: كل عام والمملكة العربية السعودية في عزة وخير، شعباً وقيادة.
كيف تشعرين اليوم وأنت ضيفة "سيدتي" بعد 35 عاماً من ظهورك فيها كطفلة؟
احتفظت أمي بهذا العدد منذ ٣٥ عاماً، وأنا أعتز بظهوري فيه جداً، في "سيدتي" مجلتنا، وتحتل مكانة عزيزة في ذاكرتنا وطفولتنا وشبابنا، وسعيدة أنني معكم الآن وأتمنى أن ترافقونا في كل ما نحققه.
ما بين: رائدة أعمال، مؤلفة وناشرة، أو مصممة أين تجد هند الثروه نفسها أكثر اليوم؟
أعتبر ما أقوم به شكلاً من أشكال ريادة الأعمال؛ لأن كل مشاريعي عبارة عن اجتهاد للبحث عن فكرة مميزة ومن ثم التركيز على تطبيقها كعمل ربحي بما يتطلبه ذلك من أنشطة.
في مشاريعك المختلفة تحاولين دوماً تسليط الضوء على البعد الثقافي والتراثي للمملكة، ما أهمية هذا الأمر؟
الثقافات والعادات القوية هي التي تجعل للمجتمع هوية وهي أول ما يجذب الزائر، فالزوار يبحثون عما يختلف عنهم، ونحن ثقافتنا ولله الحمد قوية وعاداتنا حميدة من شأنها أن تكون نقطة قوة لنا في أي عمل نقوم به.
تعرفي إلى رائدات سعوديات في مجالات أخرى ومنهن بشرى كيماوي: ريادية سعودية في استكشاف الكهوف والإرشاد السياحي
مشاريع ريادية مختلفة
ريادة الأعمال: كيف بدأ طريقك فيها؟ وكيف حددت توجهاتك؟
بدأت أول مشروع باستيراد بعض المنتجات التي كنت أشتريها لنفسي، ثم باتت عندي رغبة في مشاركتها مع أقاربي وصديقاتي، وفكرت أن أبدأ بمشروع تجاري بالقطع التي أستوردها، بحيث أساهم في توفيرها لهم هنا من ناحية، ومن ناحية أخرى أنشئ مشروعاً مربحاً لي.
كيف أثر دورك كأمّ في تحديد هذه التوجهات؟
خلال المراحل العمرية المختلفة لأبنائي، لاحظت أني أقوم بشراء العديد من احتياجاتهم من الخارج رغبة مني في الحصول على جودة ممتازة وتصاميم مميزة، لذلك أسست متجراً إلكترونياً لمستلزمات الأطفال. بعدها لاحظت أن الكثير من الأشياء التي أشتريها فيها بعض من معالم من بلدان كثيرة حول العالم، لكن لم أجد منتجات تظهر أي معلم يخص السعودية بأي شكل من الأشكال، وقررت أنني في يوم من الأيام سأقوم بصناعة أشياء مميزة تعبر عن وطننا وشعبنا وثقافتنا.
ككاتبة تقولين إنك في بداية طريقك، لكن كتابك حقق أصداء كبيرة، حدِّثينا عنه؟ وما الذي جعل فكرته تصل بسرعة للقراء؟
الحمد لله أولاً وأخيراً، كتابي كان نتيجة رغبة مني أن يتعلم أبنائي ويتمسكوا بهويتهم وعاداتهم وتقاليدهم، خصوصاً في ظل الحياة الحالية التي نعيشها والتحديات التي نواجهها بسبب الانفتاح الكبير على حضارات أخرى. كتاب "ألف باء السعودية" هو كتاب تعليمي عن الحروف الأبجدية، لكن ما جعله مختلفاً كان ربط الحروف بأشياء وأماكن تعكس التراث والثقافة السعودية. قد أكون لامست بذلك ما يبحث عنه الكثير من الناس وهذا سبب انتشاره الواسع.
تصاميم تحاكي التراث
عندما نسمع بكلمة seeds لمنتج، لا يمكن أن نفكر إلا بمنتج من الأرض وصديق للطبيعة والبيئة والمحيط، حدّثينا عن seeds؟
عندما بدأت أفكر في اسم لـ العلامة التجارية، كان كل تركيزي على الأصول وعلى جذورنا التي نرجع لها، وقلت في نفسي إن أي جذر بدأ كبذرة ومن هنا أتيت باسم seeds / سيدز، وتعني البذور.
ندرك أنك تحضرين للكثير من المفاجآت من خلال العلامة، لكن هل يمكن إعطاؤنا تفاصيل أكثر عنها؟
هي علامة تقدم منتجات لأسلوب حياة يجمع ما بين الروح العصرية والجودة العالية واللمسات التي تعكس التراث السعودي، أول مجموعة للعلامة تحمل اسم GEMS OF SAUDI ، وكان أول منتج فيها بطانية خفيفة أو ما يعرف بـ throw blanket، تحمل خارطة المملكة وأبرز معالمها. ما يميز هذه القطعة أنها يمكن أن تستخدم في أي غرفة في المنزل ويمكن حملها خارج المنزل، وهي مناسبة جداً كهدية تراثية تعرف الناس على معالم المملكة الجميلة، لا سيما وأنه يرفق معها كتيب باللغتين العربية والإنجليزية يشرح تفاصيل كل معلم والقيمة التي يمثلها.
تخصصك لم يكن في مجال الأزياء لكنك عشقت التصميم منذ الصغر، هل سيكون هذا مجال عملك من الآن أم يمكن أن نراك في مجالات أخرى كونك تحبين التجارب الجديدة واكتشاف آفاق جديدة؟
في الواقع لا أفكر في مجالات أخرى في الوقت الحالي، تركيزي سيكون بشكل كبير على سيدز وما ستقدمه العلامة خلال الفترة القادمة.
مرحلة استثنائية
تقولين إننا نمر بمرحلة استثنائية تحتاج إلى أفكار مبدعة، ما هي الأفكار التي تلائم هذه المرحلة برأيك؟
أي فكرة من شأنها الإضافة أو المساهمة في تحقيق شيء جديد لبلدنا الغالي تعد فكرة تلائم المرحلة المميزة التي نعيشها الآن.
من خلال خبرتك كرائدة أعمال، برأيك ما أصعب مرحلة في رحلة رواد الأعمال؟
البداية دائماً هي الأصعب في جميع الأعمال، وهكذا في الأعمال الحرة.
ما الصعوبات أو العقبات التي قد تعيق نجاح المشروع؟
على الصعيد الشخصي عدم الثقة بالنفس والإيمان بالفكرة، وعلى الصعيد العملي عدم المعرفة بالسوق الذي يخطط الشخص لدخوله.
وما هي المرحلة الأجمل؟
هناك العديد من المراحل الرائعة التي يمر بها المشروع لا نستطيع اختزالها في مرحلة محددة، لكن قد يكون إطلاق المشروع من أكثر تلك المراحل حماساً.
إذا طلبنا منك توجيه بعض النصائح للفتيات لتنجحن كرائدات أعمال ماذا ستكون؟
لست في موقع إعطاء نصائح، ولكن من خلال تجربتي البسيطة أعتقد أن الثقة بالنفس، الصبر، معرفة السوق، استشارة أهل الخبرة، والمثابرة مهما كانت الصعوبات من أهم عوامل النجاح.
واحتفاء بيوم التأسيس كان لـ"سيدتي" لقاء مع العديد من الرائدات والمبدعات السعوديات، ومنهن نجمة غلاف عدد شهر فبراير من المجلة المطبوعة شهد الشهيل، وها هو الحوار بين أيديكم: شهد الشهيل: الأزياء قوة ناعمة تظهر تميزنا عن غيرنا.