لعل مصدر القلق الأول بالنسبة للأمهات اليوم، هو ألا يقمن بواجباتهن كاملة تجاه أسرهن بفعل الضغوط الحياتية، وتحول النجاح المهني للمرأة من حلم وخيار إلى ضرورة وطموح والتزام، فتجد المرأة نفسها دوماً أمام تساؤل حول الأمومة المثالية، وكيفية تنظيم أولوياتها، والاستمتاع بدورها كأمّ من دون أن يعني ذلك التخلي عن أحلامها المهنية.
لذلك، وبمناسبة يوم الأم، نستضيف رائدة الأعمال ومؤسسة نادي الأمهات Mommies Club منار منشي؛ لتحدثنا عن التحديات التي تواجهها الأمومة في ظل مجتمع الأعمال، وإذا ما كان على الأم العاملة أن تدق ناقوس الخطر في وقت ما.
منْ هي منار منشي؟
أخصائية تغذية، ومعلمة تربية إيجابية، عملت لفترة كمحاضرة في جامعة جدة، ثم أجرت تحولاً كبيراً في مسيرتها المهنية؛ لتلاحق حلماً راودها لفترة طويلة وتعززت أسبابه بعد أن باتت أمّاً؛ إذ وجدت من خلال تبادل الحديث مع أمهات أخريات أنهن يتشاركن التحديات نفسها، وبالبحث عن الحلول ظهرت فكرة نادي الأمهات.
هل هناك أمومة مثالية؟
لا بد وأن نسألك بداية أن تعرّفي لنا الأمومة، وهل هناك أمومة مثالية برأيك؟
الإجابة عن هذا السؤال تعتمد على تعريفنا للمثالية؛ فإذا كنا نقصد بها الحالة الكاملة الخالية من العيوب والأخطاء، فبالتأكيد ليست هناك أمومة مثالية، والحياة بمجملها ليست فيها حالة مثالية؛ لذلك أرى أن نستبدل توصيف الأمومة المثالية بتوصيف آخر هو الأمومة الممتعة، فمهم جداً للأم أن تستمتع بأمومتها، فالطفل الذي أنجبته سيبقى معها طوال حياتها، فهل يعقل أن تضيع وقتها معه في البحث عن المثالية؟ أعتقد أنه من الأفضل أن تسعى للاستمتاع بوقتها مع طفلها بدل البحث عن سراب المثالية.
من خلال نادي الأمهات لا بد وأن استفسارات كثيرة ترِدُك من أمهات طموحات حول مستقبلهن المهني، ما أبرز هذه الاستفسارات؟
الحيرة حول ذهاب الطفل للحضانة أم مرافقته لجدته لترعاه أثناء ساعات عملها، وإجابتي دائماً هي اختيار الحضانة المناسبة والموثوق بها، فالجدات قد قمن بتربية أبنائهن حتى تزوجوا، وليس من واجبهن تقديم الرعاية بشكل دائم للأحفاد خصوصاً وأنهن في مرحلة عمرية تتطلب الراحة والهدوء. ومن جانب آخر فإن للحضانة دوراً فعالاً جداً في تطوير مهارات الطفل اللغوية والاجتماعية والحركية.
بوتيرة سريعة يتحول العالم إلى سلسلة متكاملة من أصحاب الطموحات والمصالح، أين تقف المرأة ضمن هذه السلسلة أو المنظومة؟ وكيف ترسمين صورة المرأة العاملة؟
دور المرأة في سوق العمل في نمو مستمر وتطور، ولكن حين تصبح المرأة أمّاً فإنها تكون أمام الكثير من التحديات، فوقتها دائماً مزدحم وطاقتها توشك على النفاد في أي لحظة.
هل المرأة اليوم تمارس أمومتها باكتفاء وراحة؟
أرى أن ارتفاع الوعي حول الأمومة يصب في مصلحة الأم والطفل، فإجابة كل تساؤل أصبحت في متناول كل أمّ، بالإضافة إلى الدعم النفسي والمعنوي الذي لم يكن متاحاً للأجيال السابقة من الأمهات.
ولقارئتنا العزيزة، نسألكِ: هل تعتقدين بأنك أمّ مثالية؟
تنظيم الأولويات
كيف تُنظم المرأة أولوياتها؛ لتكون قادرة على إتمام دورها كأمّ من دون أن تتخلى عن طموحاتها المهنية؟
التخطيط الفعال لأمور المنزل والعمل هو السر الذي يمكّن كل شخص من تحقيق أهدافه ورفع إنتاجيته، لا سيما الأم العاملة صاحبة قائمة المهام الطويلة جداً.
تحدثتِ سابقاً عن ضرورة وجود منظومة دعم من حول المرأة، ما الدور الذي تقدمه لها هذه المنظومة، وهل هذا يعني أنها غير قادرة على النجاح وحدها؟
في نظري أن الأهم من النجاح وتحقيق الأهداف هو الاستمتاع أثناء السعي نحو الهدف، فدعم الأم من الزوج والحضانة والعائلة والمساعدة المنزلية إن وُجدت، يجعل مصاعب الأمومة أسهل وقابلة للتجاوز، وهذا يعطي للأم الفرصة؛ لتستمتع بأمومتها بحب وامتنان بدلاً من الشعور بالضغط طوال الوقت، مما يؤثر سلباً على نفسيتها ومعنوياتها وتحملها لأطفالها.
هل هناك مجالات أسهل من غيرها بالنسبة للمرأة الأم؟
نعم، بالتأكيد، فالوظائف التي تستدعي العمل لساعات طويلة أو لأوقات متأخرة تعتبر تحدياً أكبر للأمهات.
وبالحديث عن المرأة في عالم الأعمال، اقرأوا: دانة العلمي سيدة الأعمال والمتخصصة في مجال الذهب والمجوهرات: الذهب.. الاستثمار الآمن للمرأة على مر العصور
ناقوس الخطر
ما أبرز التحديات التي تواجهها الأم العاملة؟
إدارة الوقت والضغوط الجسدية والنفسية وتأنيب الضمير تجاه الأطفال.
هل على الأم الانتظار ليكبر أطفالها لتبدأ مسيرتها المهنية؟
ظروف الأمهات وطبيعة أعمالهن مختلفة، فلكل أمّ خيار يناسبها وقد لا يناسب غيرها.
متى يكون العمل مصدر سعادة للأم وأسرتها ومتى عليها دق ناقوس الخطر؟
سؤال مهم جداً، فناقوس الخطر دق لديّ عدة مرات واضطررت لترك عملي، حين وجدت أني غير قادرة على فصل ضغوط العمل عن حياتي الشخصية، وطول ساعات العمل منعني من قضاء وقت كافٍ مع طفلي.
في حال الانقطاع عن العمل كيف يمكن للمرأة أن تحافظ على مهاراتها حتى تعاود استخدامها بعد العودة إلى ممارسة العمل؟
بالاطلاع المستمر والحفاظ على علاقاتها داخل مجال العمل.
هناك مشاريع وأفكار يمكن للأم أن تبدأ بها من المنزل وتحقق لها العائد المادي والنجاح، هل تنصحين بها؟
بالتأكيد فالإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وسهولة الشحن والتوصيل، أتاحت فرص العمل من المنزل.
ما أفضل هذه الأفكار برأيك؟
الفكرة الأفضل هي التي تتناسب مع مهارات الأم وشغفها أيا كانت.
محاولات التكيف
المسؤوليات الكثيرة تتعب الإنسان بالتأكيد لكن النتائج تنسيه هذا التعب، من تجربتك المميزة في نادي الأمهات صفي لنا شعور المرأة الناجحة؟
شكراً للطفك، وأتمنى أن أكون هذه المرأة الناجحة، ولكن بشكل عام من تجربتي حين ألمس الفائدة والتأثير على الأمهات من خلال ما نقدمه في "ماميز كلوب - نادي الأمهات" أنسى كل التعب والجهد، وأحمد الله على نعمة العمل وتحقيق الذات والتأثير الإيجابي على المجتمع الذي أدعو الله أن يكون في ميزان حسناتي.
على المستوى الشخصي هل التزامك بالعمل تغير بعد الأمومة؟
نعم، فحين يمرض طفلي على سبيل المثال أضطر أحياناً إلى إعادة جدولة أعمالي.
وبالمقابل هل تشعرين أحياناً أن تعلقك بأحلامك قد يؤثر على علاقتك بأطفالك وأسرتك؟
بالنسبة لي لا ولله الحمد، فطفلي وعائلتي دائماً ما يتصدران قائمة أولوياتي، فأنا منْ اخترت أن أتزوج وأنجب ويجب عليّ تحمل تبعات هذا الاختيار بما فيه من تنازلات عن بعض الوظائف التي لم تناسبني، كما ذكرت سابقاً، ومع التجربة والمحاولات المستمرة في التكيف مع الأمومة توصلت أخيراً إلى آلية عمل تتناسب مع متطلبات أسرتي إلى حد كبير.
ما هي نصيحتك للأمهات الشابات اليوم في ظل كل هذا السعي للكمال والتميز على مختلف الصعد؟
أريد أن أذكّرها بأن قلب الأم دليلها، فحين يُخبرها قلبها بأن هناك خطباً ما بخصوص وقتها الذي تقضيه مع طفلها أو مسؤوليات منزلها، عليها الاستماع لصوته، وذلك لا يعني تركها للعمل أبداً، بل يعني أنها تحتاج إلى بعض المهارات التي ستساعدها على رؤية الصورة بشكل أوضح لإدراك المشاكل وتحليلها ثم إيجاد الحلول لها، وهذا ما أقوم به دائماً بمساعدة اللايف كوتش، وهو أكثر ما ساعدني على التكيف مع أمومتي دون التخلي عن طموحي وأهدافي المهنية.
تعرفوا معنا أيضاً على سيدات سعوديات حققن نجاحات في قطاعات عدة ولهذا كتبنا في يوم المرأة: "سيدتي" تبحر بفخر في إنجازات المرأة السعودية
