التجربة الإنسانية للبريطانية سلمى عدي في العلاج بالفن وعلم النفس التحليلي

أثبتت الفنانة التشكيلية سلمى عدي من خلال لوحات معرضها الفني الأول الذي اختارت له عنوان "الطريق إلي" الذي احتضنه جاليري مهد الفنون في الرياض أن الإبداع يولد من رحم المعاناة؛ إذ تمكنت لوحات المعرض من توثيق وترجمة تجربة شخصية للفنانة إثر إصابتها بالاكتئاب ولجوئها للفن وعلم النفس التحليلي لاستكشاف أعماق النفس البشرية والوصول لمرحلة الشفاء والإلهام وتمكين الذات.
مع هذه المقدمة للفنانة سلمى عدي سيتبادر لذهن القارئ وبشكل سريع قصة الفنانة المكسيكية العالمية فريدا كالو التي جعلت من تجربة حياتها الصعبة منبعاً لخيالها الذي جعل منها النموذج العالمي الأشهر في قدرة الفن على تجسيد المشاعر الذاتية، وكما تحولت سيرتها لفيلم عام 2002 من بطولة سلمى حايك نالت عنه جائزة الأوسكار كأفضل فنانة.

منْ هي سلمى عدي؟

""سلمة
الفنانة التشكيلية سلمى عدي
 


سلمى عدي وكما رغبت بالتعريف بنفسها فهي كاتبة ومعلمة فنون، من أصول سورية، حاصلة على الجنسية البريطانية، ومقيمة في المملكة المتحدة. تدور المساعي الإبداعية لها حول تعقيدات النفس البشرية، حيث تتعمق من خلال أعمالها في النسيج الغني من المشاعر والأفكار والتجارب التي تشكل وجودنا. ويعمل تعبيرها الفني كاستكشاف للعقل البشري، مصوراً جوهر عوالمنا الداخلية المعقدة.
بوادر موهبة سلمي عدي الفنية بدأت منذ طفولتها المبكرة؛ إذ تشكلت أولا من خلال الكتابة فكانت تلجأ لكتابة الشعر والخواطر للتعبير عن كل ما تشعر به وما تتعرض له من أي نوع من المضايقات، فتجدها سبيلاً للتعبير عنها بنظم قصائد لتكون بمثابة المتنفس والمنقذ لها. وبعد سنوات من ممارسة الكتابة اكتشفت سلمى أن الفن المرئي يمتلك خاصية تميزه عن الكتابة وهو إيصال أمور لا يمكن للكلام والكتابة إيصالها، ومن هنا كان اتجاهها للرسم والألوان كأدوات جديدة للتعبير عن مشاعرها، وبذلك تمكنت سلمى من صقل مهاراتها والخوض في طرق جديدة للتعبير عن الذات.

رحلة العلاج بالفن

""لوحة 3
                                                           لوحة بعنوان المحاربة             


توقفت سلمى لمرحلة من الزمن عن ممارسة الرسم وعادت قبل 6 سنوات بقوة، وكانت تلك الفترة وكما تشير الفنانة سلمى: حصيلة نقلة نوعية في حياتها، بدأت بمرحلة اكتئاب وإحباط ولعب دور الضحية لسنوات طويلة في حياتي، ولكن بعدها اتخذت قرراً لتغيير هذا الواقع والبحث عن حل للخروج من هذه الأزمة النفسية إلى جانب العلاج الدوائي، فكان التوجه لدراسة علم النفس والعلاج بالفن التشكيلي لإيمانها بالدور الكبير للفن في الوصول لأعماق النفس البشرية، فكان التحاقها بجامعة أكسفورد والحصول على دبلوم، بالإضافة إلى دراسة علم النفس التحليلي لمساعدتها بشكل أكبر في رحلة الشفاء.
وكان من نتائج تلك المرحلة وكما تشير سلمى: لوحات فنية عديدة جميعها تحمل بصمات تلك المرحلة من حياتي وتأثير علم النفس التحليلي الواضح، فكل لوحة بحد ذاتها كانت تحكي وتوثق قصة وفصلاً من فصول حياتي التي مررت بها والتي جمعتها لتكون محتوى معرضي الفني الفردي الأول في الرياض والذي حمل عنوان "طريقي إليّ" والتي تعني أنني أجد نفسي من جديد بعد رحلة معاناة صعبة، والحمد لله أنها انتهت، ورغم ذلك أراها الآن من المراحل الجميلة والأكثر متعة التي مررت بها.
وتهدف سلمى من خلال أعمالها وكما تقول: إلى توجيه الأفراد في رحلة تحويلية من التأمل والتفكر في أعماق التجربة الإنسانية لإشعال شرارة التمكين الذاتي بداخلهم. كل قطعة فنية من ابتكارها تقدم تجربة بصرية وعاطفية، يتردد صداها بعمق في دعوة للمشاهدين لاستكشاف عوالمهم الداخلية لتحقيق فهم واتصال أعمق بالنفس البشرية.

معارض عالمية

""للبل
                                                                                                   لوحة بعنوان الإنبعاث 


بدأت سلمى مسيرتها الفنية بنشر أعمالها تدريجياً عن طريق قنوات السوشيال ميديا، والذي كانت تجد له الكثير من الثناء والتشجيع من المتابعين لها، ثم كانت المشاركة في معارض فنية جماعية حيث حظيت أعمال سلمى الفنية بالتقدير من بينها مشاركتها في BEAF في بورنموث في المملكة المتحدة، All Life Matters في بول في المملكة المتحدة، Mixing Identities في لندن المملكة المتحدة وMetamorphosis في تورونتو بكندا.
يعد معرض "الطريق إليّ" الذي أقيم في الرياض، أول معرض فردي للفنانة سلمى عدي واختارت الرياض العاصمة السعودية، كونه مسقط رأسها وترى أنه من الجميل أن يحتضن أول معرض لها، والتي تدين فيها بالفضل بعد الله لظهوره لأهلها وابنتها الذين وكما تقول: قدموا لي الدعم والتشجيع في كل تفاصيل حياتي سواء كانت الفنية أو الشخصية، وهناك أيضاً الكثير من المحبين والمشجعين منهم الفنان عمار علم دار الذي كان له دور كبير في نجاح معرضي في الرياض ويكفي أنه عراب الفنانين.

الفن الرقمي

""لوحة
                                                                                                      لوحة بعنوان التوازن


وعن إمكانية استعانتها بالتقنيات الفنية الرقمية في الرسم أوضحت سلمى: أطمح أن أتعلم الفن الرقمي، واعتبر أن عدم اتجاهي لخوض تلك التجارب العصرية نقطة ضعف بالنسبة لي، رغم أنه من السهل الرسم بطريقة الديجيتال وعمل تصور مبدئي للفكرة المراد رسمها حتى وقبل تنفيذها.
ومن خلال تجربتها الفنية فكانت النصيحة التي وجهتها الفنانة سلمى للمواهب الفنية الشابة فكانت عدم مقارنة أنفسهم بأي شي آخر ليكون ذلك مصدر قوة لهم، لأنه وبمجرد قيامهم بالمقارنة فهو يعني أنهم في انحدار لأن لكل فنان منهم فناً وطابعاً مختلفاً، ونقاط الاختلاف هذه يجب الاستثمار فيها والقيام بإبرازها.
اقرأ المزيد من قصص الفنانان الملهمات : فيديو.. إسراء زيدان رسامة تخصص فنها للاحتفاء بالفتيات الممتلئات