طفلك وهدية العيد


يمكن التماس فرحة العيد في عيون الصغار الذين يتطلّعون إلى الوالدين في هذا اليوم لتحقيق رغبات وأمنيات كانت بعيدة المنال طوال العام.

كيف نعدّ هدية العيد لتكون مفاجأة سارّة هذا العام؟ " سيدتي" حملت هذا السؤال إلى الإختصاصية في علم النفس والتقويم التربوي فاتن عبد الله:

 

 

تحمل الهدية معاني كثيرة للطفل، خصوصاً عندما يتلقّاها من أشخاص مقرّبين منه، فهي وسيلة للتعبير عن الحب ويتحوّل وقت إهدائها إلى الصغير إلى ذكرى لا تُمحى من حياته.

وبصورة عامّة، معلوم أنّه بمجرّد أن تقع عينا الطفل على علبة مغلقة ومغلّفة بورق الهدايا البرّاق، يُثار فضوله بقوة لدرجة أنه يمكن أن ينفّذ أي شيء قد يُطلب منه قبل السماح له بفتحها. ويُستغلّ هذا الفضول الإيجابي كثيراً في المدارس لفعاليته في تشجيع الأطفال على حسن الأداء وتقويم سلوكهم، كما أنّ بعض المستشفيات يتّبع هذا الأسلوب لتشويق الأطفال وتشجيعهم على تناول الدواء والتجاوب مع الممرضات والأطباء في أثناء العلاج.

 

حتى لاتفقد معناها

للهدية مدلول معنوي وعاطفي جميل، فعندما يتلقّى الطفل هدية من أحد يشعر بأنّ هذا الشخص يحبّه ويهتم لأمره ويريد أن يجعله سعيداً. ولذا، من المفروض أن يحصل الطفل على الهدية في أوقات معيّنة ومناسبات محدّدة كالعيد أو النجاح. ولكن، عندما تنهال عليه الهدايا بمناسبة وبدون مناسبة، تفقد معناها الرمزي، فلا يعود يدرك قيمتها المعنوية أو الهدف منها بل تصبح أمراً مفروغاً منه يحصل عليه باستمرار.

 

ليست رشوة!

يعتقد البعض أنّ استعمال الحوافز مع الأولاد رشوة، وأن الأهل غير ملزمين بتقديم هدايا للطفل إذ يجدر به الطاعة بدون ثمن، إلا أن هذه الأفكار لا تعدو كونها معتقدات خاطئة. فعندما تطلبين من ابنك أن يبذل قصارى جهده لإنجاز أمر ما وتعدينه بجائزة لقاء ذلك، فإنك تلقّنينه جملة دروس في وقت واحد:  أوّلها الصبر، حيث سيضطرّ إلى تأجيل رغباته من أجل الفوز بشيء أفضل في المستقبل، وثانيها تجسيد مفهوم الأخذ والعطاء فإذا أُعطيت يحقّ لك أن تأخذ وإذا أردت الحصول على ما هو أكثر فعليك أن تعطي أكثر، وثالثها أنّ الوفاء بالوعد يمدّ جسور الثقة ويدعم العلاقة بين الطفل ووالديه.

وفي هذا الإطار، تستمدّ هدية العيد حتميّتها من الفرائض الدينية التي تسبق تاريخ العيد، فإن كان الطفل قد أدّى ما عليه من عبادات فيستحقّ هدية مفرحة تدعم تمسّكه بدينه وعقيدته. والهدية، بشكل عام، يجب أن تركّز على العمل الجيّد لتدفع الطفل إلى التفكير في التصرّفات التي تسعد بها والداه ويتلقّى منهما الهدايا جرّائها، ما يشكّل توجيهاً غير مباشر نحو السلوكيات المهذّبة بعكس ما يفعله العقاب تماماً، فهو يركّز على التصرفات السيّئة وينهي عنها.

 

 

من الضروري مراعاة بعض المعايير عند اختيار هدية الطفل

 

 

إختيار الهدية

ومن الضروري مراعاة بعض المعايير عند اختيار الهدية للطفل، ويفضّل أن تعمل هذه الأخيرة على تنمية هوايته أو تحثّه على التفكير. وبالطبع، تختلف اللعبة المناسبة باختلاف عمر الطفل، فالرضّع تناسبهم ألعاب الحيوانات والطيور المصنوعة من القطن ذي الألوان الزاهية وتلك التي تعوم في الماء أثناء الإستحمام. أمّا الأطفال في عمر الثالثة أو الرابعة فتناسبهم الألعاب التي تتحرّك وتصدر الأصوات، علماً أنّ الطفل قبل سنّ السابعة يتمتّع بخيال غني ويتمنى أن يكون لديه ألعاب كثيرة، كما تعزّز الهدية مفهوم الملكية الشخصية لديه. ومع نهاية هذه المرحلة، من الأفضل أن نزوّده باللعب التي تثير خياله ويصمّمها بنفسه، كالمكعبات التي يمكن أن يصنع منها أشكالاً هندسية ومباني وجسوراً وبيوتاً وكل ما يمكن أن يتفتّق منه ذهنه.

أمّا الطفل الأكبر سناً فيمكن الأخذ بآرائه بطريقة غير مباشرة، كأن يطلب منه أن يعدّد الهدايا التي يحب أن يتلقّاها، ويلاحظ أنّ الألعاب الإلكترونية تستحوذ على تفكير الأطفال في هذه الفئة العمرية.

ومن الهام إدراك الوالدين لطبيعة الإختلاف بين الذكور والإناث من أطفالهما في خيارات الألعاب، فالذكور غالباً ما يفضّلون الألعاب التي ترمز إلى القوة كالمسدسات والطائرات والدبابات والقطارات، أمّا البنات فيفضّلن العرائس ومستلزماتها وأدوات المائدة والمطبخ. ومن الممكن عند شراء أي لعبة الإطلاع على عمر الأطفال الذين تناسبهم من خلال التنويهات الموجودة على غلافها. وإذا كان الطفل من ذوي الإحتياجات الخاصة فيمكن اختيار لعبة تتناسب مع قدراته.

 

هدايا جماعية

وحتى لا يصبح سلوك الطفل أنانياً، يجب أن يعتاد على إعطاء الهدية وليس فقط تلقّيها، فإذا كان هناك تجمّع لأطفال الأهل أو الأصدقاء في العيد يمكن للأم إشراك طفلها في اختيار هدايا للأطفال حتى وإن كانت رمزية وتحضيرها وتغليفها.  ويمكن الإستعانة به لكتابة بطاقة عليها بخط يده يهنّئهم فيها بالعيد ويقوم بتوزيعها عليهم بنفسه، ما يعطيه درساً عملياً في العطاء، كما يزيد من بهجة وفرحة العيد للأطفال الآخرين. 

ويجب أن يعلم الطفل أنّ إحضار أحد أصدقائه هدية له يتطلّب منه أن يبادله الأمر، ويعتبر العيد فرصةً مناسبةً للقيام بهذا الأمر، على أن يقوم الطفل باختيار الهدية المناسبة وتقديمها لصديقه.

 

خطوات هامة

تلعب الهدية دوراً نفسياً بالنسبة إلى الطفل، فهي تسمح للأهل بإيصال الكثير من المعاني الجميلة كالحب والإهتمام والتشجيع. 

يجب أن يتلقّى الطفل الذي صام رمضان وأدّى فروضه على أكمل وجه هدية مميّزة.

يجب تفادي إهداء الطفل الأشياء التي قد تشكّل خطراً عليه، كالمفرقعات والألعاب النارية، ولا يفضّل منح الطفل الحلويات كهدية لأنها قد تضرّ بصحته.

ينبغي أن نعلّم الطفل تقدير الهدية وشكر من يتلقّاها منه وأنّ القيمة المعنوية أكبر من القيمة المادية لأي هدية يتلقّاها.

من الضروري ألاّ تكون الهدايا للإخوة متشابهة، حتى يشعر كل منهم بشخصيته المستقلّة عن الآخر.

يجب أن تتناسب الهدية مع المستوى المادي للأسرة، حتى لا يعزل الطفل عن واقعه.

إذا وعد أحد الوالدين أو كلاهما الطفل بهدية عند تحقيق هدف أو شرط معيّن، يجب الوفاء بهذا الوعد، وإلا سيفقد الأبوان مصداقيتهما مع ابنهما.

إن كنتِ بصدد شراء لعبة ما لطفلك في العيد، قومي بشراء ورق الهدايا معها وغلّفيها فيه،
ولا تضعفي أمام إلحاحه ولا تخبريه عن محتواها لتحفيز ترقّبه وشوقه.