أسلحة لعلاج أمراض الدم الجديدة

انعقد مؤخّراً المؤتمر العالمي لأمراض الدم في الولايات المتحدة الأميركيّة، وتحدّث خلاله عدد من الاختصاصيين من أنحاء العالم، عن أبرز الوسائل العلاجية الحديثة على صعيد أمراض الدم. للتوسّع في هذا الموضوع والتعرّف على العلاجات الحديثة، حاورت «سيدتي» الاختصاصي في أمراض الدم البروفسور ناجي الصغير.  

- هل من جديد على صعيد علاجات جلطات الدم؟

تحصل جلطات الدم غالباً لكن المصاب لا ينتبه إليها، وهي كناية عن تخثّر الدم وتحوّله إلى كتلة في داخل شريان قد تصعد مع الدورة الدموية من خلال القلب إلى الرئة، حيث تسبّب تعطيلها! وتشير الإحصائيات إلى أن هذه الجلطات تودي بحياة أشخاص يتجاوز عددهم عدد ضحايا أمراض «الايدز» وسرطاني الثدي والبروستات وحوادث الطرق مجتمعين!

كان العلاج في السابق يرتكز على دواء يعطّل مفعول الفيتامين «ك»، إلا أن طريقة استعماله مزعجة لأنّه يحتّم مراقبة الدم وسيلانه، كما أن ثمة نوعية من الطعام والأدوية الأخرى قد ثؤثّر عليه في حال تناولها. لذا، كان التوجّه نحو البحث عن دواء آخر مسيّل للدم وأساسه الـ «دابيغاتران» الذي يوقف عمل «الأنزيم» المسؤول عن الجلطات. وبيّنــت دراسات حديثة، عرضت خلال هذا المؤتمر، فاعليّة هذا الدواء في إيقاف الجلطات التي تحدث في الرأس، كما أن طريقة استعماله تدعو إلى الطمأنينة لأنها لا تحتاج إلى مراقبة كالأدوية القديمة.

- ماذا عن المصابين بمشكلة في الكريات الحمراء (لدريبانوسيتوز)؟

يؤثّر الفيروس، حين يطال المصابين بمشكلة في الكريات الحمراء، بنسبة 50 مرّة أكثر من غيرهم، كما أنّ نسبة الوفاة قد ترتفع لديهم إلى 3 مرّات مضاعفة. وحالياً، تبيّن  أن فيروس أنفلونزا «ايتش 1 ان 1» H1N1 أدّى إلى أضرار جمّة في صحة المصابين بهذا المرض، وخصوصاً الأطفال منهم. من هنا، تأتي أهمية تناول اللقاح الخاص بهذه الأنفلونزا، فضلاً عن لقاح الأنفلونزا العادية، لتحصين صحّة الأولاد.

 

الكريات البيض

- ما هي الادوية الجديدة الهادفة إلى علاج سرطان الدم الذي يطال الغدد اللمفاوية؟

يصيب هذا السرطان (الميالوييد) الدم والنخاع الشوكي، وينتج عن «كروموزوم» إضافي هو «كروموزوم فيلاديلفي» الذي ينتج عن أنزيم «بي سي ار ـ الف باء لام تيروزين كيناز»، وهو يوقف آلية الجسم من وفرة إنتاجه للكريات البيض، كما أنّه إذا كثر إنتاج الكريات البيض فأنها تسبّب أعراضاً كالإحساس بالتعب وتضخّم حجم الطحال. يتم تشخيص المرض عبر فحص الدم وفحص النخاع الشوكي. وإذا كان العلاج السابق الذي يرتكز على دواء أساسه

الـ «ايماتينيب» الذي يوقف عمل البروتينات الشاذة، ليتحسّن وضع المريض في 96 في المائة من الحالات، فيما يختفي «الكروموزوم فيلاديلفي» المسؤول عن المشكلة من الخلايا بعد سنة من العلاج، لدى 69 في المائة من الحالات. ولكن في بعض الأحيان، قد يقاوم الجسم العلاج أو قد يعاوده المرض، وفي هذه الحالة يمكن الاستفادة من العلاجات الجديدة، باستعمال: «دازاتينيد» و«نيلوتينيد». وإذا حصل تحوّل في الجينات لدى بعض المرضى، فهناك علاج جديد هو «اوماسيتاكسين ميتوسوكسينات» يساعد في تحسين الحالات. وكلّما تمّ تناول العلاج في حالة مبكرة من المرض، كلما ارتاح المرضى ولمدّة طويلة من تأثير الأعراض. وقد خلصت البحوث الحديثة إلى أهمية البدء بالعلاجات الجديدة قبل القديمة والتي كانت تعطى في السابق، ذلك لأنها أكثر فعالية.

- ماذا عن «اللوكيميا» اللمفاوية المزمنة؟

هذا النوع من سرطان الدم هو الأكثر شيوعاً لدى البالغين، و يشكل نسبة %25 من «اللوكيميا»، ويحصل بنسبة 3 حالات من كل 100 ألف حالة في السنة، ويصيب الرجال بنسبة مرّتين أكثر من النساء، ويزداد خطره مع التقدّم في السنّ. و يظهر، في المراحل الأولى للمرض، على شكل أعراض بسيطة، لكن تشخيصه يتمّ لدى إجراء فحص الدم، فيتبيّن فيه ارتفاع عدد خلايا «الليمفوسيت». ومع تقدّم حالة المرض، تظهر درنيات في الجسم، يصاحبها التعب والارتفاع في درجات الحرارة. ويتمّ العلاج ويتغيّر بحسب الحالة وبحسب درجة التقدّم في المرض. وأحياناً، قد

لا يحتاج المريض الى العلاج، بل إلى المراقبة الدقيقة لأن المرض يتقدّم ببطء. وفي حالة تقدّمه، يعطى المريض العلاج الكيميائي التقليدي. واليوم، هناك علاج جديد مهدف مبني على «الريتوكسيماب»، ويتمّ وصفه في بعض الحالات الخاصّة. وفي دراسة حديثة أجريت على 800 مريض، تبيّن أن الجمع بين العلاج التقليدي والعلاج المهدف سوياً، يفيد المريض بصورة أكبر.

 

المدى الطويل

- ما هي علاجات سرطانات الغدد اللمفاوية غير الهوتشكينية؟

يشكّل أكثر أنواع سرطانات الغدد انتشاراً، ومن خصائصه أنّه يتجاوب مع العلاجات، إلا أنّه قد يعاود المريض لأكثر من مرّة، وفي كل مرّة تخفّ نسبة شفائه. من هنا، يعتبر هذا المرض كأنّه غير قابل للشفاء ويحتّم مراقبة المريض والانتظار لمعرفة التغيّرات التي ستحدث في حالته. ولمراقبة المرض، تعطى في خلال مرحلة العلاج الكيميائي أربعة أنواع من الأدوية يزيد من فاعليتها، استعمال علاج «البينداموستين» الذي تمّ اكتشافه في ألمانيا الشرقية مطلع الستينيات. فهو يفيد في التجاوب الكامل، ويطيل عمر المريض لـ 20 شهراً دون تقدّم المرض، ولا يسيء الى الدم أو يسبّب تساقط الشعر. ولكن، يجب التأكد من هذه النتائج على المدى الطويل. ومع وصول العلاجات الجديدة كالأدوية المهدفة، بات من الممكن علاج السرطانات، ومن أبرزها سرطانات الدم التي كانت غير قابلة للشفاء، كما الاختفاء النهائي للخلايا السرطانية.

- هل فعلاً اختفت هذه الخلايا السرطانية؟ وهل يمكن القول إن المريض قد شفي تماماً؟

من المعروف أن هذه الخلايا تخمد لفترة، ألا أنها قد تؤدّي الى معاودة المرض. ومن بين أبرز تحديّات الأبحاث الحديثة، هو التوصّل إلى القضاء على الخلايا الهامدة قبل التحدث عن الشفاء التام للمريض.

هل من علاجات لمشكلات أخرى أساسها الدم، بعيداً عن الأمراض السرطانيّة؟

تعتبر مشكلة عدم ثبات الحمل والتي تؤدي إلى الإجهاض، مصدر إزعاج للمرأة. ويعزو بعض الأطباء السبب إلى جلطات صغيرة تدخل إلى الخلاص من خلال الشرايين، حتى في ظلّ غياب مشكلات تخثّر الدم الجينية. لذا، يتمّ علاج النساء بواسطة «الاسبيرين» و«الايبارين». ولكن أظهرت دراسة هولندية حديثة أجريت على 364 امرأةً تتراوح أعمارهن بين 18 و 42 عاماً، عانين من مشكلة عدم ثبات الحمل لمرتين على الأقل، وأعطيت ثلثهن «الاسبيرين»، وأعطي «الايبارين» للثلث الآخر، فيما لم يعط أي دواء إلى الثلث الأخير، فتبيّن أن لا فارق في النتيجة! وخلصت النتائج إلى أن علاج النساء بواسطة «الاسبيرين» و«الايبارين» غير مجد.