ما العلاقة بين أدوية انقاص الوزن وأمراض القلب؟

أفاد بيان صادر عن «منظمة الغذاء والدواء الأميركية» FDA بـ إلغاء تسجيل أدوية إنقاص الوزن المحتوية على مادة «السيبوترامين» Sibutramine، كما أوصت «وكالة الأدوية الأوروبية» EMA بسحب المنتج من الأسواق بجميع أسمائه التجارية لما يمثّله من خطر على الصحة من خلال رفع نسب الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية خصوصاً لدى المرضى الذين يعانون من تاريخ مرضي سابق في جهاز القلب الوعائي، ما يجعل مخاطر تناول العقار أكثر من الفائدة المرجوّة منه. وفي هذا الإطار، أظهرت الدراسات السريرية الصادرة عن «وكالة الأدوية الأوروبية» أن 11.4% من المرضى الذين خضعوا لتخفيف أوزانهم بمادة «السيبوترامين» قد واجهوا ارتفاعاً في مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 10% مقارنة مع من لم يستخدموها. وبناءً عليه، منعت «هيئة الغذاء والدواء السعودية» تداول هذا الدواء، ما جعل وزارة الصحة في المملكة ووزارات الصحة في دول الخليج العربي تسحب الأدوية المستخدمة في إنقاص الوزن والمحتوية على مادة «السيبوترامين» من الصيدليات.

«سيدتي» سألت نائب رئيس «الجمعية السعوديـــة للتغذيــــة العلاجيــة» الأسبق واستشاري التغذية العلاجية الدكتور خالد علي المدني عن الأسباب التي منعت استخدام مادة «السيبوترامين» في علاج السمنة.   

يركّز عــلاج «السيبـــــوترامين» على مركز الشبع في المخ ويتحكّم فيه، وهو يؤثّر بصورة مباشرة على مركز الشهيّة في الدماغ لأنه يعمل كمثبّط لإعادة امتصاص الناقل العصبي. وفي هذا الإطار، أثبتت الأبحاث الطبيّة أن هذه المادة تؤثّر على نوعين من النواقل العصبية في الدماغ، هما: «نُرأدرينالين» Noradrenalin و«السيريتونين» Serotonin، ما يبعث على الشعور بالشبع ونقص الرغبة في تناول الطعام.

وثمة أسباب عدّة أعادت النظر في استخدام أدوية إنقاص الوزن المحتوية على مادة «السيبوترامين» من قبل «منظمة الغذاء والدواء الأميركية» و«الوكالة الأوروبية للأدوية»، أبرزها: رفع نسب الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى آثارها الجانبية الأخرى الناتجة عن تناولها لفترات طويلة كرفع ضغط الدم وزيادة معدّل ضربات القلب وزيادة التعرّق والاكتئاب والانطوائية والقلق المستمر أثناء النوم وإضعاف التركيز وتجفيف الفم. 

 

نقطة البداية 

بدايةً، قامت «الوكالة الأوروبية للأدوية» بتوجيه توصيات عاجلة للجهة المتخصّصة بإنتاج العقار المحتوي على مادة «السيبوترامين» بإعادة دراسة منتجها والتأكّد من مدى سلامته خصوصاً عند استخدامه من قبل المصابين بأمراض متعلّقة بالقلب والأوعية الشريانية. وقد طالبت «الوكالة» الشركة المنتجة تزويدها بتقارير مفصّلة عن نتائج ما توصّلت إليه الدراسة كلّ 6 أشهر.

وقد أظهرت نتائج الدراسات الأوليّة زيادة في خطر الأمراض القلبية الوعائية (الأزمات القلبية أو الجلطات) لمرضى القلب والأوعية الدموية، كما أفادت أن هذه المخاطر لا تنطبق على من يعانون من أمراض القلب حصراً بل على المصابين بالسمنة بشكل عام لأنّها تزيد لدى البعض احتمالية الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض ضغط الدم. 

 

علاجات آمنة

وفي خضم النتائج التي أشارت إلى خطورة مادة «السيبوترامين» على الصحّة، اعتبرت «وكالة الأدوية الأوروبية» دواء «أورليستات»، بالمقابل، من بين الأدوية الآمنة لمرضى السمنة وزيادة الوزن، إذ يعمل على إعاقة امتصاص الدهون الغذائية من الأمعاء بنسبة قد تصل إلى 30 من الدهون المتناولة والتخلّص منها مع الفضلات خارج الجسم، ما يعزّز بفاعلية فرص فقدان الوزن بدون التعرّض لآثار جانبيّة تذكر. وفي هذا الإطار، تشير الدراسات الطبيّة بناءً على التجارب السريرية لبرنامج «أورليستات» العلاجي واسع النطاق والذي شمل أكثر من 30000 مريض إلى أن العلاج القائم على امتصاص الدهون من الأمعاء يكون أكثر آماناً وفعالية لمن يعانون من السمنة المفرطة، وذلك لمصاحبة زيادة الوزن لديهم بأمراض أخرى كالنوع الثاني من السكري وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم.

ونظراً إلى أن هذه الأدوية تعوق امتصاص الدهون، فقد تؤدّي أيضاً إلى خفض مستوى الدهون و«الكوليسترول» الضار في الدم، ما يقي من أمراض القلب والأوعية الدموية والسمنة.

ولكن، لا يُنصح باستخدامها إلا بعد مراجعة الطبيب المعالج، إذ إنها قد تؤدّي إلى قلّة امتصاص الفيتامينات الذائبة في الدهون، كما قد ينتج عنها حالات من الإسهال أو التغوّط الدهني وخصوصاً عندما يزيد المتناول من الأطعمة الدهنية.

 

مركّبات خطرة 

ثمة أنواع أخرى من المركبات الكيميائية التي تستخدم في تثبيط الشهية لا يُوصى باستخدامها لخفض الوزن، أبرزها:

- مركبات "الأمفيتامين"Amphetamine : مواد منبهة للجهاز العصبي تعمل على خفض الشهية وإنقاص الوزن. ورغم أن مركبات "الأمفيتامين" تبقي الشخص لفترات طويلة ومستمرة بدون رغبة في تناول الطعام الأمر الذي يعمل على الفقدان السريع للوزن، يرى الخبراء أن آثارها الجانبية أكثر من فوائدها، وتشمل:ارتفاع ضغط الدم ونقص في عدد كريات الدم الحمراء وزيادة في معدل ضربات القلب خصوصاً أثناء ممارسة الرياضة أو أداء مجهود عضلي أو بدني، بالإضافة إلى الإدمان. وعند التوقف عن تناوله، لوحظت لدى البعض أعراض انسحابية نفسية وعصبية خطرة كالوسواس القهري والهلوسة السمعية والبصرية والاكتئاب.

- مركب "البنزوكاين" Benzocain: يعمل على تثبيط الشهية للطعام عن طريق تأثيره المخدر لحاستي التذوق والشم، الا أنّه ذو تأثير طفيف على إنقاص الوزن.

- مركب "فينايل بروبانولامين" Phenyl Propanolamine :  وفقاً للدراسات المخبرية الصادرة عن "منظمة الغذاء والدواء الأميركية"، ثبت أن هذا المركب الذي يستخدم في علاج احتقان الأنف والحلق ذو تأثير مباشر على مراكز الشهية في المخ ما يؤدي إلى إنقاص الوزن، الا أنّه يسبب السكتات الدماغية والنزيف الدماغي خصوصاً لدى النساء.   

 

علاجات محظورة   

ينصح الدكتور المدني بتجنّب بعض الأدوية المستخدمة بطريقة غير آمنة في إنقاص الوزن، أبرزها:

- الأدوية المدرة للبول Diuretics: تسبّب غالباً النقص في عنصري "البوتاسيوم" و"الصوديوم" في الجسم، ما يضعف عضلة القلب. وقد يؤدي استعمالها لفترة طويلة إلى الجفاف والفشل الكلوي.وتجدر الإشارة الى أنّ تأثيرها على إنقاص الوزن وقتي، اذ غالباً ما يعود الجسم إلى وزنه السابق بعد أيام من التوقف عن تناولها. ونظراً إلى أن مشكلة السمنة تكمن في زيادة الدهون في الجسم وليس السوائل، لا يوصى باستعمال الأدوية المدرة للبول لإنقاص الوزن سوى في الحالات التي يرى الطبيب أن جسم المصاب بالسمنة يحتفظ بكمية كبيرة من السوائل.

- الأدوية المسبّبة للإسهال Laxatives :تسبّب حرمان الجسم من عناصر الغذاء الأساسية والمواد الغذائية الهامة فيه، خصوصاً الفيتامينات والمعادن ما يسبّب حالة من الجفاف وهبوطاً في دورة الجسم الدموية، إلى جانب إمكانية التعرّض لمضاعفات خطرة كأمراض سوء التغذية والأنيميا الناتجة عن فقر الدم للمعادن والفيتامينات الأساسية كالحديد وحمض الفوليك وفيتامين "بي 12" B12.

- أدوية الثيروكسين Thyroxine أو خلاصة الغدة الدرقية: هرمون يعمل على زيادة معدّل احتراق الطاقة الغذائية عن طريق رفع معدل الأيض الأساسي BMR في الجسم، ما يرتب أضراراً جانبيّةً تتمثل، في:فقدان الأنسجة العضلية بدلاً من الأنسجة الدهنية وإصابة القلب بأضرار إذا لم يؤخذ بإشراف الطبيب المتخصّص بالغدد الصماء، اضطراب في التوازن الهرموني في الجسم نتيجة العلاقة المتبادلة بين الإفرازات الغدية والتوتر العصبي.