إن كلمة المراهقة تعني التدرج في النضج البدني والعقلي والانفعالي . وهي مرحلة نمائية سريعة تشمل جميع مكونات جسم المراهق الداخلية والخارجية تسير في خطها النمائي بسرعة منتظمة ليتم التناسق و التكامل بين سائر أجهزة الجسم، والمراهقة هي تلك المرحلة الرائعة التي يبدأ فيها الإنسان برسم اتجاهاته وخططه المستقبلية، هي مرحلة طبيعية ضمن مراحل التطور النفسي للإنسان، تنتقل فيها الرعاية الكاملة من الأسرة إلى الرعاية الذاتية حيث يتحمل المراهق المسؤولية عن نفسه كإنسان بالغ. الخبراء والاختصاصيون يشرحون للآباء معادلة العلاقة بينهم وبين أبنائهم المراهقين.
متى تبدأ المراهقة؟
يمكن تقسيم مرحلة المراهقة إلى ثلاثة مراحل اعتماداً على العمر، وهي: المراهقة المبكرة من عمر 11-14 سنة. المراهقة المتوسطة من عمر 15-17 سنة. المراهقة المتأخرة من عمر 18-21 سنة. لكننا سنعتمد على أنها تبدأ من سن الثانية عشرة إلى الثامنة عشرة، ويختلف طولها حسب البيئة الاجتماعية وطبيعة المراهق النفسية والجسمانية. من الضروري أن يستعد الآباء لهذه المرحلة العمرية الهامة بالبحث والقراءة، ليكونوا على دراية بالتغييرات النفسية التي سيمر خلالها المراهق وكيفية التعامل معها بحكمة ومهارة.
صراعات يعاني منها الأبوان
من أسباب استمرار آباء المراهقين في الشعور بالقلق، أن عقولهم ليست قادرة على فهم كل شيء من سلوك أطفالهم وأماكن وجودهم، لأنهم يفهمون أن الطفل في سن المراهقة غير قادر بما فيه الكفاية للتعامل بشكل جيد مع الحالات التي تتطلب عقل الشخص الأكبر. وهم يتوترون تحديداً من العلاقات العاطفية في سن المراهقة إحدى تلك المشكلات، وهم يريدون لأبنائهم أن يكونوا بعيدين عن مشاعر الرومانسية، والوقوع في الحب مع الطرف الآخر لأول مرة، وبعض المراهقين يكشفون بصدق عن حبهم الأول لآبائهم، لما يتصفون به من جرأة، في حين يفضل الغالبية إخفاء هذه المشاعر بسبب التردد، الخجل، والخوف من الرفض، لأن المراهقين أكثر حساسية وأكثر عاطفية.
والخلاصة أن الآباء لا يشعرون بالراحة حول علاقة الحب في سن المراهقة، وهذا هو السبب وراء قلقهم الدائم عن مكان تواجدهم وماذا يفعلون، وفي الوقت نفسه يعتقد المراهقون أن آباءهم يتجسسون عليهم، وقد يطالبونهم بتبرير مقنع، لهذا تكون الصراعات التي يعاني منها الوالدان مع ابنهما المراهق على الأغلب بسبب غياب الفهم الحقيقي للتغييرات النفسية التي يمر بها المراهق، وعندما لا يحظى المراهق بالتفهم من قبل أسرته، سيختار إما الانسحاب والانطواء على نفسه ما يؤدي إلى تفاقم الحالة النفسية، وقد يصل إلى مرحلة الاكتئاب أو سيختار التمرد والعنف، وغالباً في هذه الحالة، سيتخذ رفقاء سوء، فكلما كان الوالدان على دراية كافيه بطريقة التعامل مع المراهق بحكمة مرت المرحلة بسلاسة.
عوامل تؤثر في سلوك المراهقين
غالباً ما تكون طاقة المراهق الانفعالية عالية ومبالغاً فيها بحيث لا يستطيع التحكم بها، فمرة تراه يضحك بصوت مرتفع ومرة يشعر برغبة كبيرة بالبكاء. مزاجه يكون متقلباً من دون أسباب واضحة، قلق وتوتر مع شعور بالذنب وتأنيب الضمير وشعور كبير بالرغبة بالاستغلالية، كلها أمور طبيعية ناجمة من التغييرات التي يمر بها خلال هذه المرحلة، وهي:
- التغيرات الجسدية والهرمونية لدى المراهق التي يمكن ان تتسبب في تكوين صورة مشوهة لديه عن جسده، كما تتسبب التغيرات الهرمونية في حدوث تقلبات مزاجية حادة.
- حاجتهم إلى إثبات أنهم أصبحوا بالغين وأنهم بحاجة إلى أن يكونوا مستقلين، مما قد يتسبب في تمردهم على القواعد.
- أشياء تحدث بالمنزل مثل الغيرة الأخوية، النزاعات الأسرية، مواجهة الصعوبات المالية التي يعرف عنها المراهق، وغير ذلك.
- أشياء تحدث في المدرسة مثل الأعباء الدراسية، التنمر، الرفض أو الإقصاء من قبل الأصدقاء أو زملاء الفصل، وما إلى ذلك، كلها أسباب تجعل ابنك لا يهنم بالدراسة.
- عدم القدرة على التعبير عن مخاوفهم وقلقهم خوفًا من أن يتم الحكم عليهم أو انتقادهم أو معاقبتهم.
- عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم أو التغذية الصحية.
لذلك يشير الاختصاصيون إلى ضرورة اتباع الآباء خطوات معينة من أبرزها اختيار اللحظة المناسبة للحديث مع أطفالهم وإظهار الاهتمام بما يقولونه وتجنب مقاطعتهم حتى الانتهاء من حديثهم، والاهم من ذلك أيضا تجنب إصدار الأحكام وإلقاء المحاضرات عليهم إذا قالوا أنهم ارتكبوا خطًأ ما، فقد يمنعهم ذلك من إخبار آبائهم.
أسباب الخلاف بين المراهق ووالديه
هناك سبب جوهري، وهو أن موجة الوالدين تفكيرية في حين أن موجة المراهق انفعالية. لكن هناك خمس لغات يفهمها المراهقون، وعلى الوالدين إتقانها للتعامل مع هذه التغييرات، وهي حسب كتاب "دماغ المراهقين" للكاتبة الأميركية فرانسيس جنسن، تكون كالآتي:
عدم استخدام لغة المشاعر بدلاً من لغة المنطق
تنقسم مشاعر المراهقين التي يمرون بها إلى مشاعر إيجابية ومشاعر سلبية. المشاعر الإيجابية مثل السعادة والفخر وغيرها. بينما المشاعر السلبية مثل الغضب والانزعاج والحزن وغيرها، لكن بعض المراهقين أو حتى العديد من المراهقين ليس لديهم بعد القدرة على إدارة مشاعرهم، وتوجيهها بحيث تتراكم هذه المشاعر في اللاوعي. ثم في لحظة معينة “تنفجر” فجأة ودون أن يعرفوا أن الانفعال قد سيطر عليهم.
إنهم يضمرون كل ما لديهم من انزعاج أو غضب أو حزن أو اكتئاب من دون أن يفهموا أنه يصبح قنبلة موقوتة يمكن أن “تنفجر” في أي وقت، وما يفشل به الآباء هو كيفية التعامل مع هذا الكم من المشاعر، لذلك عليهم التركيز على تعلم لغة المشاعر، والبدء استخدامها عندما يبلغ الطفل سن الـ (12-14سنة)، وهي لغة مفرداتها الحب والامتنان وليس السبب والنتيجة، فبدلاً أن أقول: "يجب أن تدرس لتتفوق" أقول "أنا فخورة بك لأنك مهتم بمذاكرتك".
عدم استخدام لغة الاعتراف بالقوة
ويجب التعامل بها من (14-15 سنة)، فهي تعزز ثقة المراهق بنفسة، مثلاً عندما تطلب منه الأم حمل بعض الحاجات، عليها أن تثني على قدرته ومهارته، أو من خلال تشجعيه على القيام ببعض الأنشطة خارج المنزل ومنها:
- ممارسة الرياضة لدى المراهق أو تعلم وتطوير الهواية التي يحبها، فهذا سيزيد بلا شك من تطوره العقلي والنفسي وقدرته على تحمل المسؤولية.
- اجعليه يشترك في برنامج للكشافة أو في معسكر صيفي أو رحلة للتخييم، فهم يتعلمون الكثير في مثل هذه التجارب المختلفة عن حياتهم العادية اليومية.
- حفزيه على تعلم لغة أجنبية جديدة.
- اشركيه في مكتبه الحي لغرس حب القراءة في شخصيته.
- تكلمي معه عن أحلامه وكيف يتصور إمكانية تحقيقها علي أرض الواقع، وذكريه بمميزاته وعيوبه وكيفية إصلاحها.
- شجعيه على اقتناء (سجل صور) يجمع فيه صوره المفضلة وخواطره وأفكاره وذكرياته، فستكون خير وسيلة للتعبير عما بداخله.
- ابتكري مسابقة يومًا في الأسبوع، ولتكن مثلًا تحت عنوان "صحفي لمدة يوم" أو "رسام لمدة يوم"، وتحدثي معه عن دوره وتصرفاته إن عاش ظروف هذه المهنة أو تلك.
عدم استخدام لغة المسؤولية
يمكن التعامل بها من (15-16 سنة) من خلالها يمكن تكليف المراهق ببعض المهام مع منحه حرية التصرف من دون تزويده بكل التفاصيل، وابدأي بجعله يتحمل مسؤولية تنظيم غرفته، وإعادة ترتيب الأثاث فيها بنفسه. اكتبي جدولًا محددًا لمهام المنزل، واجعلي له دوراً منتظماً فيه بشكل شبه يومي. ادعي أصدقاءه المقربين لحفلة في منزلكِ، واتفقي معه على أن ينظمها، ويتولى إنجاز جميع التفاصيل الخاصة بها وحده أو بمساعدة بسيطة منكِ.
وفي كل هذه الخطوات ابتعدي عن لهجة الأوامر، واستمعي جيداً إلى المراهق ولا تقاطعي حديثه لمعرفة ما يدور في فكره، لعله يحتاج إلى مساعدة فعلاً، هناك ضرورة لمشاركة المراهق في نشاطات عدة، لمساعدته في تحمل المسؤولية، وتقديم ما يحتاج إليه للنجاح في المهمة، لذلك أخبريه دائما بأنك تثقين به وبقراراته وخياراته، وعند قيام الأبناء بعمل ما عن طريق الخطأ، فإنه يجب تحفيزهم على المحاولة مرارا وتكرارا، وتعليمهم بأن جميع الأشخاص يرتكبون الأخطاء.
وعند دخول المراهق سن (16-17 سنة)، وفي هذه المرحلة توكل إليه المهام بصورة كلية من دون تدخل الأبوين، لتسريع عملية النضج فينتقل من مرحلة الاعتماد التام إلى الاستقلالية، والتي تكون ثمارها التعاون الخلاق حسب ما ذكر ستيفن كوفي في كتابة "العادات السبعة للأسر الأكثر فعالية".
10 نصائح للتعامل مع المراهق الذي يرد عليك
عدم استخدام لغة المشاركة
كثيرًا ما يستخدم الآباء جملاً قادرة على تحطيم أطفالهم نفسيًّا وجعلهم يشعرون أنهم فاشلون مثل جمل (أنت لا تستطيع...، أنت لا تعرف...، دائمًا تقول أنك...، أنت وقح، أنت كسول، أنت غبيّ)، فذلك سيتسبب بمشاكل نفسيّة لدى المراهق، ولتجنب ذلك لا بد من الاستماع لرأيه .. دع المراهق يشعر بالأهمية فما يمتاز به هذه الفترة هو رغبته بالشعور بالأهمية، وأنّه مسؤول وصاحب قرار ورأي، لذلك يجب اخذ رأي المراهق في المسائل والمشكلات الّتي تواجه العائلة ونقاشها معه، فذلك سوف يساعده على اتخاذ القرارات في المستقبل، ويجعله يشعر بالتقدير والاحترام. يمكن التعامل بها من (17-19 سنة)، وتقوم على مشاركة المراهق الذي دخل طور الشباب اهتماماته وهواياته، فمن خلالها يمكن للأبوين الخوض في حوار رائع معه يتمكن من خلاله التعبير عن مشاعره بأريحية.
ما هو هرم "ماسلو" للاحتياجات الإنسانية؟
هرم "ماسلو" هي نظرية نفسية قدّمها العالم أبراهام ماسلو في ورقته البحثيّة "نظريّة الدافع البشري"، ثُمّ وسّع ماسلو فِكرَته لتشمل مُلاحظاته حول الفضول البشري الفطري. وتدرس هذه النظرية تطوّر ونمو الإنسان خلال المراحل المختلفة من حياتِه. وتناقش ترتيب حاجاته ووصف الدوافع التي تُحرّكه؛ وهي مكونة من 5 احتياجات، تساعد الأبوين على تلبية تتبع المراهق وفهمه.
- الفسيولوجية: وتعني سد حاجاته الأساسية من المأكل والمشرب.
- الأمان: التعامل بلطف مع المراهق وتجنب العنف اللفظي والجسدي.
- الاجتماعية: الحرص على احتضان المراهق خلال اليوم أكثر من مرة لغمره بأحاسيس الحب والأمان، مع التعبير عن الحب والامتنان بالكلمات.
- التقدير: وتقوم على تعزيز ثقة المراهق بنفسه وإطراب سمعه بكلمات المدح والثناء أمام أفراد العائلة والتفاخر بإنجازاته.
- تحقيق الذات: أي العمل على دعم وتنمية مواهبه وتعزيز نقاط قوته التي يمتاز
*ملاحظة من «سيدتي نت»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص