لا جدال بأن البيئة التي ينشأ بها الطفل- بأفراحها وأحزانها- لها الأثر الأكبر في تحديد ملامح شخصيته، وتوجيه مسار حياته بالكامل، لهذا فإن المشكلات والخلافات الأسرية التي يراها الطفل خاصة في سنوات نموه الأولى، لها تأثيرها على صحته النفسية، وتحصيله العلمي، وقدرته على بناء علاقات اجتماعية ناجحة تدوم طويلاً، وغيرها من الأمور لبناء مستقبل واعد .ورغم تأثير المشكلات الأسرية على الأطفال، إلا أنه ليس من الغريب أن تحصل بعض الخلافات بين الوالدين بسبب صعاب الحياة داخل العائلة، لهذا يعتقد بعض التربويين بأن مشاهدة الطفل لبعض الخلافات، من الأمور الإيجابية ؛ ذلك لِما لها مِن أهمية في زيادة وعي الطفل، وقُدرته على حل المشكلات الصعبة في المستقبل، وتعزيز مهاراته الاجتماعية، والدليل أن الأسرة السعيدة - ذاتها- لا تخلو من المشكلات وبعض الخلافات من حين إلى آخر. اللقاء والدكتورة فاطمة الشناوي استشاري طب النفس للشرح والتوضيح.
اختلاف أشكال المشاكل..وحلها
يحدث أن يحاول الأبوان حل بعض المشكلات مع بعضهما البعض وبطريقة هادئة، ما يُوضح للأطفال أن نوعاً من المشكلات مهما كانت صعبة، إلا أنه يُمكن حَلُها، ولكن هناك بعض الأساليب المُدّمرة التي قد تُرافق المشكلات الأسرية جاعلةً منها موضع خطر، ومن تأثيراتها السلبية النفسية والجسدية على الأطفال ما يلي:
الاعتداء اللفظي؛ مثل استخدام الألقاب الجارحة والإهانات، والتهديد بالهجران الذي قد يتمثل أحياناً بالطلاق، وهناك الاعتداء البدني مثل الضرب والدفع وحتى رمي الأشياء، أو استخدام الأساليب الصامتة مثل: التهرب والانسحاب، أو العبوس دون قول أي كلمة أو التجاهل كُلياً، والاستسلام وجعل الأمر يبدو وكأنه قد تم التوصل إلى حل.
مشاكل زوجية شائعة يواجهها الأزواج
الآثار المترتبة على الخلافات
- فقدان الإحساس بالأمان العاطفي والتي يحسها جميع الأعمار ، بدايةً من عمر ال6 أشهر حتى ال19 عاماً؛ حيث تتواجد لديهم حساسية واضحة تجاه الخلافات التي تحدث بين الأبوين، والطُرق التي يستخدمونها لحلها.
- المشكلات الأسرية المُدمرة التي تحدث داخل المنزل، قادرة على جعل الطفل يرى مدى ضعف الروابط العاطفية الأساسية لنجاته؛ فهناك علاقة بين إحساس الطفل بالأمان العاطفي وبين سلامة وأمان النظام العائلي داخل الأسرة؛
- محاولة الطفل إنهاء المشكلات أو الانسحاب كُلياً، مما يؤثر على صحة الطفل النفسية، فهذه الأساليب حتى وإن كانت ناجحة في تخطي الحياة العائلية الصعبة، إلا أنها تنعكس على طريقته في حل المشاكل مستقبلاً.
- المشكلات الأسرية لا تحدث تأثيراً سلبياً على العلاقة بين الأبوين والطفل فقط، بل وعلى الأبوين وحدهما أيضاً، فالظروف القلقة تجعل منهم مُنسحبين غير قادرين على إمضاء وقتٍ كافٍ مع الأطفال، ما يضعف نوعية العلاقة بينهم.
- الأطفال الذين عاشروا أبوين يتشاجران باستمرار لديهم مستويات أعلى من الكورتزول، وهذا ما توصلت إليه دراسة حديثة أُجريت على مدى 20 عاماً، تم فيها تحليل عينات من هرمون القلق (الكورتزول) الذي أُخذ من أطفال.
- الأطفال الذين يشاهدون ويسمعون الخلافات أمامهم، يشعرون بالتعب والمرض أكثر، مما يحول دون قدرتهم على اللعب والنوم بشكل جيد؛ على عكس الأطفال الذين يعيشون في بيئات منزلية هادئة.
- هناك علاقة واضحة بين نشوء الطفل في بيئة قلقة، وبين المشكلات الصحية التي سيواجهها في حياته الراشدة، التي قد تؤثر حتى على مناعة الطفل.
- المشكلات الأسرية تؤثر سلباً على الصحة النفسية للأطفال، حيث تتكون بداخلهم ردات فعل، تُؤثر بشكل واضح على صحتهم النفسية والعقلية.
تأثر الطفل بالخلافات الأسرية
السلوك العدواني مع الآخرين
تظهر سمات خارجية وسلوكية مثل السلوك العدواني والتهجم، وعدم الامتثال للأوامر، بالإضافة إلى التخريب.
سمات داخلية نتيجة مُعالجة المشاعر السلبية داخلياً مثل: الاكتئاب، القلق، الانسحاب، وحالة عامة من عدم الرضا.
تأثيرها على علاقات الطفل المستقبلية
المشكلات الأسرية التي تحدث في الطفولة يتكبد أثرها الأطفال حتى في سن الرشد، وعند مُغادرتهم للمنزل.
نوعية العلاقة التي كانت بين الأبوين، تُبقي سيطرتها على صحتهم النفسية والطريقة التي يتعاملون بها مع أزواجهم في المستقبل.
فتراهم يحتذون بخطوات أبويهم في التعامل، مما يؤدي إلى أذىً مُضاعف على صحتهم العقلية.
فتعرضهم الدائم للمشكلات الأسرية يزيد من احتمال أن يُعَامِلوا الآخرين بعنف، مما يُصعّب الأمر عليهم في إبقاء العلاقات الصحية، وحتى القدرة على الثقة بالناس إجمالاً.
تأثيرها على أداء الطفل العلمي
القلق الناتج عن المشكلات الأسرية يُؤثر في قدرة الأطفال في التركيز، مما يجعل التعلّم أصعب ويخلق مشاكل أكاديمية في المدرسة أو الجامعة.
أغلب الأطفال الذين تمت تربيتهم في بيئات تكثُر فيها المشكلات يواجهون مشكلة في النجاح أكاديمياً، بالإضافة إلى صعوبة تطوير علاقاتهم بين زملائهم.
ملاحظة من "سيدتي نت": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.