إن اللعب ليس مجرد فرصة للاستمتاع، بل إنه أمر بالغ الأهمية عندما يتعلق الأمر بصحة الطفل ونموه؛ فمن لعبة الغميضة إلى لعبة الضرب بالكعكة والاختباء إلى لعبة القفز على المربعات، تعمل أشكال اللعب العديدة على إثراء عقل الطفل وجسده وحياته بطرق مهمة، حيث تُظهر الأبحاث أن اللعب النشط يمكن أن يحسن قدرة الأطفال على التخطيط والتنظيم والتوافق مع الآخرين وتنظيم المشاعر. بالإضافة إلى ذلك، يساعد اللعب في اللغة والرياضيات والمهارات الاجتماعية، ويساعد الأطفال أيضاً على التعامل مع التوتر.
تم تعريف اللعب النشط بأنه نشاط بدني في سياق مرح . وعادة ما يشير إلى "اللعب الحر" الذي يتبع تفضيلات كل طفل ودوافعه الجوهرية، على عكس النشاط البدني الأكثر تنظيماً الذي يوجهه الكبار أو القواعد الرسمية. بطبيعته، يشجع اللعب النشط الارتجال والأشكال الإبداعية للنشاط المرح، ويبدو أن الآلية الأساسية تتمثل في تحفيز الشبكات العصبية في الدماغ؛ فمع مواجهة الأطفال لتجارب لعب نشطة جديدة، تتكيف أدمغتهم مع التعلم الجديد من خلال تكوين اتصالات عصبية جديدة. وفي الأساس، تتطور مهاراتهم الاجتماعية وإبداعهم وحل المشكلات بالتوازي مع تطور مهاراتهم الحركية ومهاراتهم البدنية.
أفكار خاصة بالعمر للتعلم من خلال اللعب النشط
على الرغم من فوائده العديدة، تشير الإحصاءات إلى أن مقدار الوقت الذي يحصل عليه الأطفال للعب آخذ في التناقص منذ عقود. ومن بين الأسباب وراء ذلك الجداول الزمنية المنظمة بشكل صارم بين الأسر والمدارس، وقلة الأماكن الآمنة للعب الأطفال، وزيادة استخدام الوسائط ووقت الشاشة. وللمساعدة في الحفاظ على اللعب بوصفه جزءاً أساسياً من الطفولة، قد يبدأ أطباء الأطفال في كتابة "وصفة للعب" في كل زيارة لطفل سليم حتى سن الثانية. وفي ما يلي بعض الأمثلة على طرق القيام بذلك:
من الولادة إلى 6 أشهر
- يمكن أن يبدأ التعلم المرح بابتسامة الطفل الأولى. إن الاستجابة بابتسامة من جانبك هي شكل من أشكال اللعب الذي يعلم الطفل أيضاً مهارة اجتماعية وعاطفية بالغة الأهمية، وكأنك تقولين له: "يمكنك الحصول على اهتمامي وابتسامة مني في أي وقت تريد، فقط من خلال الابتسام بنفسك".
- قلِّدي همهمة طفلك وثرثرته، وتحدثي معه ذهاباً وإياباً باستخدام أصوات طفلك بوصفها إشارة. يشكل هذا النوع من تبادل الأدوار الصوتية أساس مهارات اللغة الاجتماعية.
- أظهري لطفلك أشياء مثيرة للاهتمام مثل لعبة ذات ألوان زاهية. دعيه يحضر أشياء آمنة إلى فمه لاستكشافها وتجربتها.
- ضعي طفلك في طرق جلوس مختلفة؛ حتى يتمكن من رؤية العالم من زوايا مختلفة. اللعب على البطن تحت الإشراف هو أمر رائع لهذا الغرض.
من 7 إلى 12 شهراً
- تأكدي من أن طفلك لديه بيئة آمنة للزحف والاستكشاف.
- امنحي طفلك الفرصة ليتعلم أن أفعاله لها تأثير -على سبيل المثال، عندما يسقط لعبة على الأرض. ضعي بعض الألعاب في متناول طفلك حتى يتمكن من إخراجها واللعب بها.
- استخدمي المرآة لإظهار تعبيرات الوجه المختلفة لطفلك.
- العبي لعبة الغميضة، تعزز هذه اللعبة فكرة بقاء الأشياء، وفكرة أن شيئاً ما لا يزال موجوداً حتى لو كنت لا تستطيع رؤيته. ستعرفين أن طفلك قد فهم الفكرة إذا قمت بإخفاء لعبة تحت بطانية وذهب للبحث عنها.
- عرضي طفلك لمجموعة متنوعة من التجارب الحسية. اصطحبيه إلى الخارج للعب على العشب أو التقاط الفقاعات، على سبيل المثال، هي طريقة رائعة للقيام بذلك.
تدربي على ألعاب بسيطة تعزز الفرح والابتسامات بين الأطفال
من 1 إلى 3 سنوات
- ابحثي عن دور الحضانة التي تتضمن وقت لعب غير منظم. يجب أن يكون التعلم مرحاً، حيث يتولى الأطفال زمام المبادرة ويتبعون فضولهم، فهذا هو المحور الرئيسي للتعليم عالي الجودة في مرحلة الطفولة المبكرة.
- دعي طفلك يلعب بالمكعبات والحاويات الفارغة والملاعق الخشبية ومجموعات فرز الأشكال والألغاز. تُعد الأشياء البسيطة وغير المكلفة من أفضل الطرق لدعم إبداع الطفل وفهمه لكيفية عمل العالم. تذكر أن حضور الوالدين ومقدمي الرعاية واهتمامهم هو ما يثري الأطفال، وليس الأدوات الإلكترونية الفاخرة.
- امنحي طفلك الفرصة للعب مع أقرانه. هذه هي السن المناسبة لتجربة اللعب مع أقرانه تحت إشراف الوالدين.
- ساعدي طفلك على استكشاف جسده من خلال حركات مختلفة -على سبيل المثال، المشي، والقفز، والوقوف على ساق واحدة.
- وفري له فرص للعب التظاهري -على سبيل المثال، التظاهر بالشرب من كوب فارغ أو تقديم ألعاب تمكن من اللعب التظاهري.
- اقرئي لطفلك بانتظام ومعه، وشجعيه على اللعب التظاهري استناداً إلى هذه القصص. اطلبي من طفلك أن يخبرك بما قد يحدث أيضاً في القصة.
- غنِّي الأغاني واعزفي الإيقاعات؛ حتى يتمكن طفلك من التعلم والمشاركة في المرح. شجعيه على الحركة على الإيقاع. ابدئي في تقديم بعض الألعاب المناسبة لعمر الطفل مثل لعبة Simon Says.
من 4 إلى 6 سنوات
- وفري لطفلك فرصاً للغناء والرقص والرسم؛ فالأنشطة التي تتضمن الموسيقى والفن تدعم المهارات المعرفية والاجتماعية والعاطفية ومتعددة الحواس.
- أخبري طفلك بالقصص واسأليه الأسئلة حول ما يتذكره.
- امنحي طفلك الوقت والمساحة لتمثيل المشاهد والأدوار والأنشطة الخيالية. يمكنك توفير ملابس تنكرية وأدوات مساعدة، ولكن اسمحي له باللعب بطريقة غير منظمة. تذكري أن بعض العشوائية تسمح بالإبداع.
- اسمحي لطفلك بالانتقال بين الألعاب الخيالية والواقع -على سبيل المثال، اللعب بالمنزل ومساعدتك في الأعمال المنزلية.
- خصصي وقتاً لطفلك للتفاعل مع الأصدقاء لممارسة التفاعل الاجتماعي وبناء الصداقات. هذه فرص رائعة لتشجيع المشاركة واللعب التعاوني.
- شجعي طفلك على تجربة مجموعة متنوعة من الحركات في بيئة آمنة، على سبيل المثال، القفز عند الأطفال، والتأرجح، والتسلق، والقيام بالشقلبة.
- وازني بين استخدام الوسائط ووقت الشاشة والأنشطة في "العالم الحقيقي". يمكن أن تكون الوسائط المناسبة للعمر مفيدة للأطفال الأكبر سناً، خاصة إذا كنت تشاهدين طفلك وتلعبين معه، لكن التفاعلات الاجتماعية واللعب في الوقت الحقيقي أفضل بكثير للأطفال من الوسائط الرقمية للتعلم. قومي بإنشاء خطة وسائط عائلية لتحديد بعض القواعد الأساسية -مثل عدم استخدام الوسائط على طاولة العشاء أو في غرفة النوم.
- شجعي مدرسة طفلك على توفير فترات راحة وأفكار تعليمية مبتكرة ومرحة بالإضافة إلى أنشطة تعليمية أكثر تنظيماً مثل القراءة والحفظ وأوراق العمل.
ألعاب مرنة ومرحة وتحفز نشاط الأطفال
بالإضافة إلى تعزيز صحة الطفل ونموه، يساعد اللعب على بناء علاقات آمنة ومستقرة ومغذية تحمي من الإجهاد السام وتبني المرونة الاجتماعية والعاطفية. يمكن للفرح المتبادل والتفاعل الفردي الذي يحدث في أثناء اللعب أن يخفف من الإجهاد. وتتمتع أنواع اللعب المختلفة بفوائد مختلفة للأطفال، ولتشجيع اللعب النشط في مراكز السنوات المبكرة، ليس من الضروري شراء معدات لعب باهظة الثمن. الأهم هو -ببساطة- توفير الوقت والمساحة المادية للأطفال لاستكشاف اللعب النشط جسدياً وفقاً لشروطهم الخاصة، مع القليل من التوجيه من قبل المعلمين، ومن هذه الألعاب:
اللعب بالأشياء
عندما يلعب الأطفال بأشياء مثل الألعاب، يصبحون علماء صغاراً؛ فهم يستخدمون مهاراتهم الحسية والحركية لاستكشاف خصائص الأشياء وإجراء "التجارب". على سبيل المثال، لمعرفة ما إذا كان الجسم صلباً؛ قد يضربونه على الأرض. كما يستخدم الأطفال في سن ما قبل المدرسة الأشياء لتطوير الفكر المجرد والمفاهيم مثل الرمزية، باستخدام الموز كهاتف، على سبيل المثال، إلى جانب المشاركة والتناوب.
اللعب البدني
إن المرح البدني مثل اللعب الحر في أثناء فترة الاستراحة يساعد على تنمية المهارات الحركية لدى الأطفال، ومنع السمنة لدى الأطفال وبناء الذكاء العاطفي. على سبيل المثال، فإن الإثارة اللطيفة التي توفرها زلاجة الملعب تجعل الطفل يكتسب الثقة في حين يخوض المجازفة في بيئة آمنة نسبياً. كما تساعد الألعاب مثل لعبة البطة والبط والإوزة واللمس الأطفال على بناء المهارات الاجتماعية والعاطفية عند الأطفال، وأخرى مثل التعاطف حيث يتعلم الأطفال توخي الحذر وعدم إيذاء الآخرين من خلال النقر على شخص ما بقوة شديدة، على سبيل المثال. يمكنك أيضاً توفير فرص للرياضات المنظمة لتعلم العمل الجماعي.
اللعب في الهواء الطلق
اللعب في الهواء الطلق مهم بشكل خاص؛ لأنه يسمح للأطفال باستخدام كل حواسهم لبناء مهارات مثل الوعي المكاني والتوازن. كما يمكن أن يحسن مدى انتباه الطفل. تشير الدراسات إلى أن الأطفال الصغار في البلدان التي تسمح فيها المدارس بمزيد من الوقت للاستراحة يرون المزيد من النجاح الأكاديمي مع تقدم الأطفال في السن. ومع ذلك، دافعي عن الملاعب الآمنة في مجتمعك؛ فالتعرض للطبيعة يساعد الأطفال على تقدير أهمية التكيف مع المناخ.
التظاهر باللعب
يتيح هذا النوع من اللعب للأطفال الصغار تجربة أدوار اجتماعية مختلفة وتعلم التعاون. كما تشجع الألعاب التنكرية والتخيلية الإبداع وتبني مهارات أكثر تعقيداً في التفاوض والتواصل واللغة.
موارد اللعب النشط عبر الإنترنت
"الأكتيف بلاي" تتميز هذه البوابة الإلكترونية بأفكار وموارد اللعب النشط لمعلمي ومشرفي السنوات المبكرة الذين يرغبون في تشجيع اللعب النشط في مراكزهم. وهي توفر مقاطع فيديو وملصقات ومقالات مجانية لإظهارها للأطفال في السنوات المبكرة؛ فهي تدل المعلمين على كيفية تقديم أنشطة بدنية مهمة قائمة على اللعب في مجموعة متنوعة من البيئات الداخلية والخارجية.
الهدف من "أكتيف بلاي" هو كسر الحواجز التي تحول دون ممارسة اللعب النشط من خلال تسهيل مشاركة المزيد من الأطفال في الأنشطة البدنية المناسبة لأعمارهم خلال مرحلة الطفولة المبكرة. ولتحقيق هذه الغاية، تمت ترجمة مقاطع الفيديو بعشر لغات مختلفة، بما في ذلك ثلاث لغات أصلية، كما تتوافر الملصقات بجميع اللغات العشر.
تشمل فوائد اللعب النشط المهارات الحركية، ومحو الأمية البدنية، وتطور الدماغ، والمزيد. كما يتطلع معلمو ومشرفو السنوات المبكرة إلى إدخال برامج اللعب النشط الجذابة في مراكزهم.
* ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.
