ترغب كل أم بأن يكون لديها طفل مبدع ومميز، ولا تقتصر رعاية الأم لطفلها بتوفير الطعام ومراجعة الدروس، ولكنها تريد أن يكون طفلها مبدعاً في ناحية معينة في الحياة، سواء كان ذلك في الرياضة أو الفن أو العلوم المختلفة، ونلاحظ أن الاهتمام العالمي بالطفل لا يقتصر برعايته الصحية أيضاً وعلى خطى اهتمام الأمهات نفسها، بل يتعدى ذلك إلى بناء أطفال مبدعين يجارون الثورة العلمية والتكنولوجية الهائلة في العالم حولهم.
يجب على كل أم ترغب في أن تنمي إبداع طفلها، وأن تحوله من طفل عادي إلى طفل موهوب ومبدع؛ أن تهتم بتعزيز هذا الإبداع من خلال عدة خطوات وأنشطة يجب أن يقوم بها في سن مبكرة، ولذلك فقد التقت "سيدتي وطفلك"، في حديث خاص بها؛ المرشدة التربوية سنابل الروبي، حيث أشارت إلى 5 خطوات مهمة لرفع مستوى الإبداع عند طفلك منذ سن مبكرة، ومن بينها ممارسة الرسم الحر، واللعب بالمجسمات، وتأليف القصص، وغيرها، في الآتي:
1- الرسم الحر
- اتركي لأطفالك الفرصة، وأفسحي لهم المساحة لكي يمارسوا الرسم الحر دون قيود، ويُقصد بذلك أن توفري لهم القلم الرصاص والورق الأبيض أو أي حائط أبيض أو لوحة معلقة بيضاء؛ فالمهم أن تكون هناك مساحة ولا حدود ولا قيود ولا عقاب؛ فالرسم بالنسبة إلى الطفل له فوائد قيمة من جميع النواحي، حيث يفيد الطفل في التمتع بالصحة العقلية السليمة، ويطور من مهاراته العقلية والحركية، كما يسهم الرسم في تعزيز نمو الطفل الاستكشافي للعالم المحيط به، وكذلك نموه النفسي والعاطفي.
- اهتمي بأن يمارس طفلك الرسم الحر؛ لأنه يسهم في تعزيز خيال الطفل بشكل كبير؛ حيث إن الرسم يفتح للطفل بوابة التعبير التلقائي والبسيط والطفولي عن القصص والحكايات التي يسمعها، والحوادث والمواقف التي يمر بها خلال يومه، وينمي الرسم مخيلته بشكل واضح حتى لو كان غريباً ومضحكاً بلا نسبة للكبار.
- احرصي على توفير الفرصة لطفلك بممارسة الرسم الحر، وذلك لأنه يسهم في تطوير حركة يده ويساعد في التنسيق بين حركة العين واليد، ويساعده في حساب المسافة وتقديرها بين الأبعاد المختلفة، كما يطور الرسم مهارات الكتابة لديه لاحقاً؛ فيتحسن خطه بشكل ملحوظ، ويضبط ارتفاعات الأحرف من حيث نزولها وصعودها على الأسطر. ويشير الرسم الطفولي الذي يقوم به الطفل وبشكل عام إلى تطور نموه، وبالتالي فالأم يصبح لديها الاطلاع والطمأنينة بالنسبة لمعدل نمو طفلها، فمثلاً طفلها في عمر ست سنوات يبدأ في الوصول لمرحلة تُعرف بمرحلة المدرك الشكلي، فعندما يصل إلى هذه النقطة من الفهم فهو ينمو بشكل طبيعي؛ لأنه قبل أن يصل إلى هذه النقطة يكون الطفل لديه ميول إلى الرسومات التخطيطية التي لا يفمهما من يراها إلا حين يقوم الطفل بشرحها وتوضيح إيحاءاتها بالنسبة له وحسبما يراها في خياله.
2- اللعب بالمجسمات وبناء الأشكال بها
- اهتمي بأن يلعب طفلك بالمجسمات، ووفري له كمية مناسبة منها وانثريها له في عمر مبكر؛ حيث تفيد المجسمات الطفل في تنمية الإبداع لديه إضافة لفوائد عديدة كثيرة، فمثلاً عندما يقوم الطفل بفك وتركيب المجسمات بأي شكل يريده فهو يكوِّن عدداً لا نهائياً من الأشكال؛ ما يطور من الإبداع لديه، كما أنه يتعرف إلى مفاهيم مهمة مثل التوازن والجاذبية والوعي المكاني.
- وفري لطفلك المجسمات من عمر مبكر، وقومي ببناء هرم -مثلاً- ودعي طفلك يسقطه أرضاً؛ فهذه مرحلة تتطورية مهمة، وبعد ذلك حين يكبر قليلاً سوف يستفيد من المجسمات في تنمية الخيال لديه؛ حيث تتيح المجسمات له فرصة تنفيذ الأفكار التي تجول في مخيلته، وبالتالي يخوض طفلك تجربة يتحكم في خطواتها ومراحلها ومساراتها ضمن مخيلته. وتذكري أن المجسمات من الألعاب التي لا ترتبط بأي مرحلة زمنية، وتندرج تحت أنواع الألعاب المفيدة للطفل، وحيث تسهم في تحقيق أهمية اللعب في تعزيز الصحة النفسية للأطفال من خلال إطلاق الخيال والمساحة الواسعة للابتكار والشعور بالانطلاق.
3- تأليف القصص
- عوِّدي طفلك أن يطلق خياله، وأن ينتقل من مرحلة سماع القصص والحكايات إلى مرحلة كتابة القصص القصيرة، وبذلك تسهمين بشكل كبير وفعَّال في إطلاق المبدع الصغير من داخل طفلك؛ لأن الطفل يكتفي في سنينه الأولى بفكرة السماع والإنصات وإطلاق الخيال، وتكون مهمتك هي قراءة قصص للأطفال فقط، وهو يستمع فقط، ثم يبدأ في السؤال وتكوين استفهامات كثيرة؛ فتجديه يتوقف ويبدأ في سؤالك حول الأبطال والمواقف التي يُفترض أن يتصرفوا خلالها بطريقة يجدها أفضل ولماذا لم يتصرفوا بها، وهكذا.
- قدمي لطفلك الورقة والقلم، ويمكن تخصيص كتيب صغير، واتركي طفلك يطلق العنان لأفكاره في كتابة القصص التي يرى أنها تحمل مدلولات جديدة أو أن يصوغ أحداثاً يرى أنها منطقية أو محفزة للخيال وشائقة أكثر، ولا تسخري مما يكتبه، وحاولي أن تصححي له بعض الأساليب وتعلميه الربط بين الفقرات؛ لكي يكون لديه ربط بين الأحداث.
4- ممارسة الرياضة
- اهتمي بأن يصبح طفلك لديه هواية مفضلة من الألعاب والأنشطة الرياضية في سن مبكرة، وبأن يمارس الرياضة بشكل يومي بحيث تخصصين وقتاً لذلك، ولا يقل اهتمامك بالرياضة عن اهتمامك بأسلوب تغذية الطفل وتعليمه القراءة والكتابة وحيث تسهم الرياضة في تنمية القدرات العقلية للطفل بشكل كبير، ويجب أن تتذكري دائماً مقولة أن الجسم السليم في العقل السليم، ولذلك فقد أثبتت الدراسات والأبحاث أهمية الرياضة وأسهلها رياضة المشي للإنسان في أي مرحلة من العمر في زيادة التركيز وتحسين مهارات التفكير وتعزيز صحة الدماغ.
- اهتمي بأن تشركي طفلك بالألعاب الرياضية والهوايات التي تتطلب المنافسة حيث إن حرص الطفل على الفوز يحفزه على التخطيط والتفكير في طرق مميزة لكي يلعب، وبالتالي ينطلق لديه الخيال والإبداع، كما أن تحقيق الطفل للفوز يعني أن تزيد ثقة الطفل بنفسه، ويزداد شعوره بأهميته بوصفه عنصراً فعَّالاً في مجتمعه له قيمته وتأثيره، ويصبح لديه حافز لكي يبدع ويطور من أدائه؛ لكي يحصل على التقدير والثناء، ويعزز من مكانته بين الآخرين.
5- ابتكار الألعاب
اتركي لطفلك فرصة ابتكار الألعاب، ولا تفرضي عليه أن يلعب مع إخوته لعبة معينة مثلاً؛ لأن وصول طفلك لمرحلة الابتكار في اللعب يعني أنه سوف يضع أولى خطواته في الابتكار في مجالات حياتية أخرى، ويبدأ في التفكير بالعالم المحيط؛ فينظر نحو الأجهزة والمعدات والمنشآت المحيطة به، ويفكر لماذا هي على هذا النحو، وماذا سيحدث لو كانت بطريقة أخرى أو لماذا لا تشتعل الأنوار بمجرد أن ننظر إليها مثلاً، وعليك أن تتذكري أن اختراعات كثيرة بدأت بأسئلة خيالية أو بابتكارات في اللعب، وأن معظم العلماء حول العالم كانوا يقضون الكثير من الوقت في اللعب والعبث بالأشياء في ما يعتقد الآخرون أنهم يقومون بتخريبها أو يضيعون وقتهم، ولذلك ففرصة أن تتركي طفلك يبتكر هي فكرة مهمة لكي يكون مبدعاً، بل عليك تشجيعه وأن تطلبي منه أن تشاركيه اللعب، وأن يشرح اللعبة الجديده لإخوته وأصدقائه.
قد يهمك أيضاً: طرق تعزيز مهارات الإبداع والتفكير النقدي لدى الأطفال
* ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.