حثنا الإسلام ومن خلال النبي محمد صلى الله عليه وسلم على التعامل بلطف وحب مع أطفالنا، وحثنا على أهمية احتضان الطفل والمسح على رأسه، وأولى الإسلام عناية خاصة للأيتام من الأطفال، فعبر الرسول عن فضل المسح على رأس الطفل اليتيم الذي لم يبلغ الحلم، ولذلك وبناء على اتباعنا المعلم الأول في حياتنا، فنحن بحاجة لاتباع سنته والاهتمام بحضن وعناق أطفالنا، والتربيت على رؤوسهم والمسح عليها بأيدينا بكل حب وحنان.
أشارت الدراسات العلمية، وتوصلت مؤخراً لأهمية احتضان الطفل، وقد توصل الإسلام لذلك قبل أكثر من ألف عام ونصف الألف، ولذلك فيجب أن تعرف الأم أهمية أن تفعل ذلك يومياً، ولذلك فقد التقت "سيدتي وطفلك"، وفي حديث خاص بها بالمرشد التربوي عارف عبد الله، حيث أشار إلى ما هي فوائد احتضان الطفل والتربيت على رأسه عدة مرات يومياً خصوصاً في مرحلة الطفولة المبكرة من حيث فوائده الصحية والنفسية؛ مثل تعزيز مناعته وإسعاده في الآتي:
تعزيز مناعة الطفل
- احتضني طفلك، ولا تهملي هذا السلوك وتقللي من تأثيره مهما كنت مرهقة ومستنزفة؛ لأن احتضان طفلك يومياً وضمه بين ذارعيك وكذلك التلامس الجسدي بينك وبينه وفي سن مبكرة يسهم بشكل كبير بتوفير فوائد صحية للطفل، إلى جانب الفوائد النفسية والسلوكية، ومن أهم هذه الفوائد الصحية أن احتضان وعناق الطفل يعملان على تعزيز مناعة الطفل بشكل واضح وفعال، وحيث يعمل هذا السلوك على زيادة معدل إفراز هرمون الأوكسيتوسين، ويتم إفرازه في منطقة تحت المهاد في الدماغ.
- اهتمي بأن تحتضني طفلك لأن الدراسات العلمية قد أثبتت أن مناعة الأطفال في الأسر التي تكثر بها المشاكل العائلية وافتقارهم للاحتضان والإشباع العاطفي يؤدي لأن يصاب هؤلاء الأطفال بالأمراض في سن مبكرة، وعلى مدى مراحلهم العمرية ابتداء من سن الرضاعة؛ لأن الطفل الذي لا يحصل على هذه المشاعر يكون أكثر عرضة للإهمال الصحي والعناية والنظافة، وهي سلوكيات تترتب على عدم وجود مشاعر الحب والاحتواء من الأساس داخل الأسرة.
تعزيز مستوى ذكاء الطفل
- عززي مستوى ذكاء طفلك بأسهل طريقة يمكنك أن تقومي بها بشكل يومي، وحيث تبين أن الطفل الذي يحصل على الاحتضان والقبلات من الأم وكذلك الطفل الذي يربت على رأسه المقربون له مثل الأب، والجدين العزيزين فيلاحظ أنه يحقق درجات مرتفعة في منحنيات الذكاء قياساً للأطفال الذين لا يشعرون بوجود عامل التحفيز والتشجيع داخل البيت.
- اهتمي بأن تحتضني طفلك حين يحقق تفوقاً في لعبة أو سباق أو حين يحصل على درجات عليا في المدرسة، ولكن لا تسرفي في الاحتضان والتقبيل للطفل؛ لأنه قد يعتاد على ذلك ويصبح النجاح بالنسبة له ليس مهماً في حين أن النجاح يتطلب المزيد من السعي وليس التوقف عند مرحلة معينة.
منح الطفل السعادة والتفاؤل
- احتضني طفلك يومياً من أجل أن يشعر طفلك بالسعادة والفرح، ولأن مشاعر الفرح تكون معدية فاحتضان الطفل والتربيت على رأسه يجعله ينقل هذه المشاعر لك مهما كنت سعيدة، وحيث تبين أن مجرد ملامسة رأس الطفل والتربيت عليه يعزز من التواصل، ويزيد من عمل النواقل العصبية في الدماغ، والتي تنقل المشاعر والأفكار الإيجابية للإنسان.
- لاحظي أن احتضان طفلك يجعله يشعر بالاستقرار الأسري؛ مما يزيد من شعوره بالسعادة والطمأنينة والأمان وعلى عكس الأطفال المعنفين، والذين لا يحصلون على ملامسة جسمية من الأم والأب فهم يكونون على درجة عالية من التعاسة والخوف وترقب الأذى، ويبدأ لديهم شعور الوحشة والخوف من الجميع ويتحولون إلى أطفال شاحبين ببشرة باهتة، وحيث ينعكس الوضع النفسي للطفل على وجهه، فالطفل السعيد يكون وجهه مشرقاً وبعينين لامعتين وشعر لامع وصحي.
تخليص الطفل من السلوكيات السلبية
- استعيني بالحضن والعناق لطفلك، والتربيت على رأسه وجبينه والمسح على شعره بحب وحنان من أجل أن تخلصي طفلك من بعض السلوكيات السلبية التي يقوم بها وتجدين صعوبة في تخليصه منها، فالعنف والضرب لا يمكن أن يوصل طفلك إلى تعديل السلوك، فبعض الأطفال يقومون بضرب إخوتهم بسبب شعورهم بالغيرة وخاصة عند ولادة طفل جديد في العائلة، وتهمل الأم القيام باحتواء الطفل واحتضانه وتقوم بتعنيفه؛ مما يعزز لديه سلوكيات سيئة مثل التعدي على الآخرين، وإتلاف ألعابهم، وقد يصل به الحد إلى سرقة الأشياء الخاصة بهم وإخفائها كنوع من التشفي، وبسبب شعوره بالحرمان العاطفي.
- اهتمي بأن يكون تقويم السلوكيات السلبية التي يقوم بها طفلك ليس عن طريق عقاب الطفل وضربه وحرمانه، ولكن يجب أن يكون التقويم عن طريق التعويض، وعلى الأب أن يتبع الأسلوب نفسه، وألا يشعر الطفل بالتهديد الدائم بأن عودة الأب تعني أنه سوف يضربه؛ بل يجب أن يكون موعد عودة الأب موعداً لكي يحتضنه الأب ويقبله ويربت على رأسه.
تقليل نوبات الغضب عند بعض الأطفال
- قللي من احتمالات إصابة طفلك بنوبات الغضب؛ حيث إن الأطفال لأسباب مختلفة وربما يكون بعضها مجهولاً يصابون بنوبات غضب على مدى مراحل عمرهم المختلفة، وحيث بينت الدراسات أن احتضان الطفل حتى في سن الرضاعة يقلل من نوبات البكاء التي تمتد إلى ساعات، وغالباً ما تكون في ساعات المساء وبصورة كبيرة وملحوظة، وينسحب ذلك على نوبات الغضب عند الأطفال في سن ما بعد سنتي المهد أي في الثالثة والرابعة من عمرهم.
- لاحظي أن نوبات الغضب التي يكون من الصعب السيطرة عليها بدءاً من عمر 18 شهراً فهي تتحسن مع التطور اللغوي للطفل، وقدرته على التعبير عن نفسه، ولكنها تقل بشكل ملحوظ حين تحتوي الأم طفلها وتضعه بين ذراعيها بحب وحنان دون أن تقوم بضربه أو تعنيفه، أو دون أن تقول له كلمات مؤذية.
تعزيز الروابط العاطفية مع الأم والأب
- اهتمي بتحقيق الحضن والعناق بين طفلك والأب، وكذلك بينك وبين طفلك، وحيث إن منح الطفل العناق اليومي يساعد الطفل على ترتيب روتين يومه بحيث يصبح ضمن عادات يومية تقوي الروابط بينك وبين أبنائك، والذي يبدأ باحتضان الوالدين له، ومن ثم يبدأ الطفل برنامجه بالاستعداد لتناول وجبة الفطور مع الأسرة على مائدة الطعام ثم الذهاب إلى المدرسة بصحبة الأب وهكذا، فالخطوة الأولى يليها خطوات أخرى تعمل على تعزيز الترابط الأسري عن طريق الترابط العاطفي؛ لأن الطفل يشعر بالسعادة والحب حين يحتضنه الأب، وكذلك حين تفعل الأم ذلك في الصباح الباكر، فيكون يومه منتظماً بمشاعر جميلة ورائعة تتعزز يوماً بعد يوم.
- حافظي على روتين جميل لأفراد عائلتك، وفي حال أن طفلك لم يقم باحتضان الأب قبل خروجه إلى العمل فيجب أن تذكريه بذلك؛ لأن الطفل سوف يكبر، ويصبح أباً في يوم من الأيام، وسوف ينقل هذه الممارسات الجميلة كعادات وطقوس لعائلته، ولأن نشأة الطفل في أسرة مترابطة عاطفياً تجعله حريصاً على تكوين مثل هذه الأسرة في المستقبل.
قد يهمك أيضاً: علامات تأخر النمو العاطفي لدى الطفل
*ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.