طالما سمعنا الكثير من الروايات والمعتقدات حول المرآة، وعن أصلها وموطن اكتشافها، لكن المعتقدات التي أحيطت بها جعلت الكثير من الأمهات يترددن مثلاً بالوقوف بأطفالهن المواليد أمام المرآة، بل إن بعض العادات قد ذهبت إلى ضرورة تغطية المرآة عند وصول مولود جديد إلى البيت خوفاً عليه من أرواح شريرة تخرج ليلاً من المرآة، وكل ذلك ليس إلا خرافات وأساطير؛ لأن المرآة كانت اختراعاً عجيباً عندما ظهرت إلى العالم.
على الرغم مما يتم تداوله من تحذيرات حول المرآة؛ إلا أن خبراء واختصاصيي تطور نمو الرضع حول العالم قد أثبتوا عكس ذلك تماماً، ولذلك فقد التقت "سيدتي وطفلك" وفي حديث خاص بها باستشارية طب الأطفال وحديثي الولادة الدكتورة ليلى أبو السعود؛ حيث أشارت إلى أنه ما بين الخرافة والحقيقة هناك فوائد عندما تضعين طفلك الرضيع أمام المرآة يومياً؛ مثل إشاعة جو من المرح بينك وبينه وتنمية روح الاستكشاف لديه وغيرها من الفوائد في الآتي:
متى يجب أن تبدئي الوقوف بطفلك أمام المرآة؟
- اهتمي بوقوفك مع الطفل الرضيع أمام مرآة آمنة في الشهر السادس من عمره، ويجب ألا تقل مدة وجوده أمام المرآة عن نصف ساعة يومياً، والمقصود بالمرآة الآمنة أن يكون الرضيع بعيداً لمسافة مناسبة عنها؛ لكي لا يتسبب في الأذى لنفسه؛ لأن بعض الأطفال الرضع كثيري الحركة قد يقومون بتحريك أيديهم وأرجلهم بقوة؛ مما يؤدي لتهشم وكسر المرآة وتعرضهم للجروح والإصابات التي قد تهدد حياتهم.
- احرصي على أن تضعي رضيعك أمام المرآة بشكل يومي، ولكن بشرط أن تكوني موجودة معه ولا تتركيه أمام المرآة وحده؛ لكي لا يتعرض للخطر، مع ضرورة التأكد من سلامة المرآة نفسها من الشروخ والخدوش، كما أنه يجب أن تتأكدي من ثبات المرآة في مكانها، ولا يفضل أن تتركي الرضيع أمام مرآة متحركة؛ لأنه سوف يبكي حين تنقلب ولا يرى صورته وصورتك من خلالها.
فوائد وجود الطفل أمام المرآة يومياً
تنمية المهارات البصرية والحركية عند الرضيع
- اهتمي بالوقوف بطفلك أمام المرأة بشكل يومي، وحسب المدة التي يقررها الخبراء؛ وحيث إن هناك بعض الأمهات يُطِلن فترة وجود الطفل أمام المرآة أو يضعن الطفل في غرفة مليئة بالمرايا في كل الزوايا والجهات، وهذا خطأ يؤدي إلى نتائج عكسية؛ خاصة فيما يتعلق بتنمية مهارات الطفل لأن وجود الرضيع بعد انقضاء النصف الأول من عامه الأول أمام المرآة، وفي حدود لا يتم تجاوزها، يفيد كثيراً في تنمية المهارات البصرية لديه؛ خاصة أن المرآة تساعد الطفل على رؤية وقياس الأبعاد بشكل جيد من خلال رؤية الأشخاص من عدة زوايا.
- لاحظي أن نظر الطفل إلى وجهه في المرآة يساعده على رؤية ملامح وجهه والتعرف إليها، وتتطور لديه مهارة تعزيز الوعي الذاتي بنفسه، وبالتالي فالطفل سوف يكتشف نفسه لأول مرة؛ لأنه كان يرى نفسه وملامحه من خلال عيني الأم، ولذلك فهذا يعد تطوراً جديداً وهاماً سوف يحققه الطفل من خلال المرآة، إضافة لقدرته على الحفاظ على التواصل البصري مع الآخرين لفترة طويلة.
- راقبي طفلك أمام المرآة حيث ستلاحظين أنه وبحسب موقع "هيلثي شيلدرن" التابع للأكاديمية الأميركية المختصة بطب الأطفال، يُعتبر لعب الطفل عموماً جزءاً أساسياً من طرق تطوير المهارات الحركية لديه؛ حيث إنه يشجع الأطفال على التنسيق بين حركاتهم بناءً على الصور التي يرونها حولهم، وبالتالي يعد اللعب أمام المرآة محفزاً للطفل على استكشاف محيطه وتحريك جسمه بطريقة محددة الأهداف وليست عشوائية، كأن يرى أمامه لعبة مرنة ويريد التقاطها، ويحدث ذلك عن طريق الحبو على المقعدة أو الأطراف الأربعة أو الوقوف، مما يعزز من وعي الرضيع الجسدي وقدرته على التحكم بحركة جسمه وخاصة أطرافه بشكل أكبر.
تنمية مهارات الاستكشاف عند الرضيع
- لاحظي أن وجود رضيعك أمام المرآة فيما تكونين تجلسين بقربه أو تقفين إلى جواره، ومن الممكن أن تحمليه وتقفي به أمامها يفيد كثيراً في تنمية مهارة الاستكشاف لدى الرضيع علماً أن هذه المهارات تدل على التطور العقلي لديه، ويعني ذلك أن الرضيع حين ينظر في المرآة فسوف يرى كفيه الصغيرين، ويلاحظ أصابعه، وسيراقب حركة ذراعيه ثم إنه سوف يرى ساقيه، وسوف يتابع حركتهما ويكتشف أن ساقيه مثلاً لا تتحركان إلا حين يقوم هو بذلك.
- توقعي أن يحقق طفلك نوعاً من التناسب بين الحركة والفعل، بمعنى أن الطفل بالتدريج سوف يستنتج أن جسمه ملك له، وأن لا أحد يستطيع أن يفعل شيئاً به دون إرادته؛ مثل أن يضع يده في فمه، وسوف يجرب ذلك مرات، وكذلك حين يحك أنفه أو يفرك عينيه، وهذه مهارات جديدة سوف تنمي لديه قدراته العقلية تباعاً وضمن مراحل النمو العقلي عند الطفل من 7-12 شهراً ومن علاماتها أنه يفحص بعينيه ومن خلال المرآة جميع زوايا الأشياء، ويقوم بنقل الأشياء من يده إلى اليد الأخرى، ويمسك بكعب قدمه، ويحاول الوصول للقدم الثانية، ويبدي غضبه إن أُخذت منه لعبته، كما يقلد الآخرين في الكحة والسعال وإخراج لسانه.
وقت للمرح مع الطفل
- اعتبري أن الوقت الذي تضعين فيه رضيعك أمام المرآة هو وقت للمرح معه؛ حيث إن الطفل يشعر بالسعادة أمام المرأة بل إن الأبحاث العلمية قد أثبتت أن الرضع في مرحلة من عمرهم يتوقفون عن البكاء عندما تقف بهم الأم أمام المرآة بل إنهم سرعان ما يغيرون مزاجهم ويبدأون في الابتسام، ولذلك يمكن أن تلاعبيه وتمرحي معه وتتخذي المرآة وسيلة؛ لكي يتوقف عن البكاء بانشغاله بعالم جديد.
- استغلي الوقت الذي تمضينه مع طفلك أمام المرآة بأن تضعي مفرشاً بالقرب من مرآة ضخمة في مكان واسع، وتنثري بعض الألعاب حول الطفل وتجلسي إلى جواره وتبدئي بمداعبته وملاطفته؛ حيث إن اللعب والمرح مع الطفل أمام المرآة يعد من ضمن أفضل ألعاب تعليمية وتحفيزية للطفل الرضيع وشروط اختيارها وتنفيذها بمعنى أن هذه الألعاب سوف تساعده على التحكم بجسمه؛ مثل أن تحمل الأم الطفل بين ذراعيها وتحركه بحركة الطيران، وهذه لعبة مناسبة لعمر ستة أشهر وتعلم الطفل التنسيق بين حركاته.
قد يهمك أيضاً: كيفية تقوية عضلات الرضيع من خلال الأنشطة البسيطة
