أشهر الحمل من أجمل الفترات التي تعيشها الحامل؛ حيث تجتمع فيها لحظات الفرح عند تخيل ابتسامة الرضيع، أو مشهدها وهي تمسح على بطنها لتهدئ من ركلات الجنين، بينما هناك جانب عاطفي مهمل لا يتحدث كثيرون عنه؛ وهو أوقات الحزن المفاجئ، البكاء بلا سبب، الغضب من أبسط كلمة، أو الفرحة المبالغ فيها ، وهو ما يطلق عليه "تقلبات المزاج".
لهذا نتعرف في هذا التقرير على أسباب تقلبات مزاج الحامل، وأشهر مظاهره، ودور الزوج المهم في التخفيف منه، مع الدكتور محسن السيد راضي طبيب النساء والولادة، ومعه نتفهم قيمة تأثير الكلمة الحنونة من الزوج، ودعم الأم أو الأخت، واحترام المساحة الخاصة للحامل، وكلها أمور تصنع فرقًا كبيرًا في استقرار الحامل العاطفي.
أسباب تقلبات المزاج أثناء الحمل

التغيرات الهرمونية
تقلبات المزاج ليست دلالًا أو مبالغة، بل هي تفاعل طبيعي ومعقد لعدة عوامل؛ منها أن مستويات هرموني الأستروجين والبروجسترون ترتفع بسرعة في الثلث الأول من الحمل، هذه الهرمونات تؤثر مباشرة على مراكز المشاعر في المخ، فتجعل الحامل أكثر حساسية، وأقل قدرة على التحكم في ردود أفعالها.
القلق بشأن المستقبل
أسئلة كثيرة تدور في ذهن الحامل ومنها: هل سأكون أمًا جيدة؟ كيف ستكون الولادة؟ هل سيتغير زوجي بعد قدوم الطفل؟
مما يضيف ضغطًا نفسيًا حادًا قد يؤدي لتقلب المزاج.
التغيرات الجسدية والتعب
الإرهاق، غثيان الصباح، الأرق، وألم الظهر كلها أعراض جسدية تستنزف الطاقة وتضعف الصبر، ما يؤدي إلى ردود فعل عاطفية حادة، تغيرات في العلاقة الزوجية والاجتماعية، كما أن بعض النساء يشعرن أن الشريك لم يعد يتفهمهن كما في السابق، أو أن المجتمع لا يقدر تعبهن، مما يزيد الإحساس بوحدة وانفعال الحامل.
أشهر مظاهر تقلبات المزاج خلال الحمل
- البكاء المفاجئ عند مشاهدة إعلان تليفزيوني عاطفي.
- الغضب والقلق الزائد بسبب تأخر الرد على رسالة ما.
- الحزن دون سبب واضح.
- الشعور بالذنب بعد الانفعال.
- الحماس المفرط لمشروع منزلي أو شراء ملابس للطفل ثم فقدان الاهتمام فجأة.
هذه الحالات ليست "جنونًا"، بل مؤشرات واضحة على أن المشاعر أثناء الحمل لا تسير على وتيرة واحدة.
خطوات بسيطة يدعم بها الزوج زوجته

أنصت لها وتحدث معها
قد تكون الزوجة الحامل مرتبكة وخائفة ومتعبة، وكل ما تريده هو أذن منصتة ومنتبهة، وشخص بجانبها تستطيع الاستناد عليه وقت الحاجة، وكثيراً ما تنسى الزوجة الحامل أن الرجل يشعر بالقلق أيضاً؛ لأن الولادة ثم الإنجاب، تُعد مرحلة جديدة في حياته وسيصبح أباً.
احتوِ تقلباتها المزاجية
التغيرات الهرمونية التي تحدث للحامل وتستمر معها لأشهر، تقترن معها بالإرهاق والتعب والشعور العام بعدم الراحة، الحامل تشعر بأن حياتها قد تغيرت بشكل لا رجعة فيه، ما يجعلها متقلبة المزاج أثناء الحمل؛ فهي سعيدة في لحظة وفي الثانية تبكي.
وهنا لا يستطيع الزوج مساعدتها أو تدعيمها فيما تعانيه بشكل تام، لكن يمكنه أن يكون لها سنداً، بأن يربت على كتفيها ويحتضنها وهي تتحدث معه وتبكي أمامه.
ساعدها في الأعباء المنزلية
ومن أفضل طرق الدعم للمرأة الحامل هو مساعدتها في الأعمال المنزلية، وتحمل بعض المهام عنها؛ حتى تتمكن هي من الحصول على قسط من النوم، وحتى لا يعم المنزل حالة من الفوضى .
شاركها زيارة الطبيب
يمكن أن يتمثل دعم الزوج من خلال الذهاب معها إلى الطبيب لإجراء فحوص الحمل، وهذه المشاركة تطمئن الزوجة الحامل وتشعرها بالأمان والاهتمام؛ خاصة لحظة سماع نبضات قلب الطفل أو رؤية صورته على الشاشة لأول مرة.
أضف لها عادات صحية جديدة
أقوى دعم للزوج تجاه زوجته الحامل يتمثل في محاولته إضافة عادات صحية جديدة؛ مثل ممارسة الرياضة، والعمل على تغيير العادات السيئة التي لا تتناسب وحالة الحمل، كما يمكن للزوج مساعدة زوجته في المطبخ، أو قيامه بمهام الطبخ بديلاً عنها في بعض الأوقات، ما يشعرها بالتضامن والمشاركة والاهتمام.
أخبرها بحبك واهتمامك
مع التغيرات الجسدية الكثيرة التي تحدث للحامل أثناء فترة الحمل، تصبح الحامل أقل ثقة بنفسها، وأكثر حساسية تجاه من ينظر إليها، وخاصة الزوج رفيق رحلتها، لهذا على الزوج ألا ينسى إطراء زوجته، خاصة في الوقت الذي تجد الحامل صعوبة في التأقلم مع علامات التمدد أو زيادة الوزن التي تطرأ على جسدها أثناء الحمل.
أخبرها أنها لا زالت جميلة في عينيك
في تلك المرحلة تحتاج المرأة من زوجها أن يخبرها أنها جميلة، وأن يثني عليها ويشعرها بالثقة في النفس، يذكرها بحبه لها بكل مناسبة، مما يساهم في تحسّن حالتها النفسية ويقلل من تغيراتها المزاجية الطارئة.
إرشادات للزوج لمساندة وتدعيم زوجته الحامل.. اعرفيها واطلبيها
كيفية تعامل الحامل مع تقلبات مزاجها

- تقبّلي نفسك أولًا: أهم خطوة هي أن تتصالحي مع نفسك، وتفهمي أن ما تمرين به طبيعي، لا تجلدي ذاتك حين تبكين، ولا تحاولي كبت الغضب، المشاعر تحتاج للخروج حتى لا تتحول إلى ضغط داخلي مؤلم.
- تحدثي عن مشاعرك: كلامك مع زوجك أو صديقتك أو طبيبتك مهم جدًا، أحيانًا مجرد الفضفضة تخفف التوتر، وإن لم تجدي من يسمعك، اكتبي مشاعرك في دفتر أو سجل صوتي على هاتفك.
- نظّمي يومك ونامي جيدًا: قلة النوم تسرق من طاقتك وقدرتك على التحمل، حاولي النوم مبكرًا، واقطعي فترات اليوم براحة ذهنية ولو قصيرة، الروتين الهادئ يقلل من الانفعالات.
- مارسي الرياضة الخفيفة: كالمشي نصف ساعة يوميًا، أو اليوغا الخاصة بالحمل، تساعد في إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين، ما يقلل نوبات الغضب أو الحزن.
- تجنبي الكافيين الزائد والسكريات: فتغذيتك تؤثر على مزاجك، وأكثري من الأطعمة الغنية بـ"الأوميجا 3" والماغنسيوم، مثل المكسرات والأسماك والبقوليات،هذه العناصر لها تأثير إيجابي على كيمياء الدماغ.
- ارفضي مالا ترضين وقولي "لا" بدون إحساس بالذنب: إن لم تكوني في مزاج يسمح لك بالزيارات، أو لم ترغبي في التحدث عن حملك طوال الوقت، من حقك أن ترفضي بلطف، ولا تضغطي على نفسك لإرضاء الآخرين.
- تواصلي مع الحوامل الأخريات: صديقاتكن أو زميلات بالعمل، أو مع المجموعات الإلكترونية أو جلسات التوعية، فهي تُشعرك أنك لستِ وحدك، وأن ما تمرين به ليس غريبًا أو مخيفًا.
متى يجب طلب المساعدة الطبية؟

رغم أن تقلبات المزاج طبيعية، لكن هناك حالات تستدعي تدخل طبيب نفسي أو أخصائي مثل:
- إذا استمرت نوبات الحزن أو البكاء لأيام طويلة دون تحسّن.
- إذا شعرتِ أنك غير قادرة على القيام بمهامك اليومي.
- إذا راودتك أفكار سلبية عن نفسك أو طفلك أو المستقبل.
- إذا انسحبتِ تمامًا من محيطك ولم تعودي ترغبين في التواصل.
هذا لا يعني أنك "ضعيفة" بل أنك إنسانة تحتاج دعمًا نفسيًا مؤقتًا، مثل الاحتياج لمضاد حيوي عند الإصابة بالعدوى.
* ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.