تولي الأم اهتماماً كبيراً وتتابع مراحل تطور نمو طفلها منذ أن يأتي إلى الحياة، ولا تغفل متابعة مراحل نموه في المرحلة الجنينية؛ ولذلك فهي تتابع باستمرار فحوصاتها عند طبيبها، وتهتم الأم بعد الولادة بالنمو الجسمي والحركي والنفسي لمولودها، وتتساءل عن طرق التواصل معه بحيث يساعد هذا التواصل على نموه بشكل سليم.
يُعرف تواصل الطفل بأنه طريقة التجاوب مع المجتمع المحيط به بداية من الأم التي تُعتبر العالم الأول والأقرب له، ثم يبدأ عالمه في الاتساع؛ ليشمل كل أفراد العائلة والوسط المحيط بها، ولا يمكن أن يتم تواصله السليم ما لم تتبع الأم عدة خطوات وطرق؛ لكي تساعده على ذلك، وقد التقت "سيدتي"، في حديث خاص بها؛ الاختصاصية النفسية الدكتورة نادين بركات، حيث أشارت إلى نصائح مهمة تجعلك تنجحين في الاجابة عن سؤال يشغلك وهو: كيف تتواصلين بفعالية مع طفلك الصغير خلال أول عامين من حياته مع عدم إغفال مرحلة وجوده في الرحم؟ كالآتي:
تواصلي معه خلال المرحلة الجنينية
- تواصلي مع طفلك الذي ما زال جنينًا منذ بداية الحمل؛ حيث خلصت الأبحاث العلمية إلى أن حاسة السمع تتطور بشكل تصاعدي في أثناء وجود الجنين في رحم الأم، وهذه المرحلة يجب عدم إغفالها؛ لأنها عبارة عن ثلاثة أرباع سنة، ويجب أن تُحسب من عمر الإنسان؛ فالجنين يستطيع أن يميز صوت الأم أولاً ثم صوت الأب، ويتأثر جنينك على عكس ما تتوقعين بما يسمعه في الخارج من أصوات ومؤثرات؛ فيتأثر حين تبكي أمه ويبكي تضامناً معها، ويتأثر حين تفرح وتضحك ويشعر بالبهجة، ويعبر عن سعادته بزيادة حركته داخل الرحم؛ حيث يبدأ بالركل بقدميه الصغيرتين.
- اهمسي لجنينك منذ الأشهر الأولى من الحمل وكأنه إلى جوارك أو بين ذراعيك؛ فقد اعتبر العلماء أن مرحلة الحديث الهامس مع الجنين منذ بداية الحمل هي مرحلة مهمة يجب عدم تجاهلها؛ فالجنين ليس قطعة صماء موجودة في الرحم أو نبتة تنمو فقط، فالجنين يكتسب خبرات خلال وجودة في الرحم تعادل الخبرات التي يكتسبها في المرحلة التي تأتي بعد الولادة من خلال الاحتكاك والاختلاط بالعالم الخارجي مباشرة.
- استغلي فترة الحمل بناءً على هذه المعلومات حول تطور حواس طفلك وتأثره بك وبعالمك في الغناء للطفل وحكاية الحكايات اللطيفة له، وكذلك قراءة القصص التراثية التي تربيت عليها؛ لأنها تصبح جزءاً من موروث الطفل حين يكبر الذي سوف ينتقل معه من جيل إلى جيل.
تابعي أيضاً: مهارات تنمي التواصل عند الأطفال
تحدَّثي معه بلغة عربية سليمة
- ابتعدي عن الحديث مع طفلك بعد الولادة وخلال الأشهر الأولى من حياته بلغة طفولية مثل تلك اللغة التي تستخدمها الأمهات، وكذلك الأفلام الكرتونية المدبلجة للعربية وأغاني الأطفال؛ فهذه اللغة غير المفهومة من الأساس تضعف تواصل الطفل مع العالم الخارجي وتؤخر نموه العقلي وقدرته على النطق.
- درِّبي طفلك على سماعك تتحدثين معه بلغة عربية سليمة وبمخارج حروف دقيقة وبنهايات حروف كاملة من دون اختصار للكلمات، فمثلاً الماء هو " ماء" وليس "أمبو"، والطعام هو "طعام" وليس "ننة"، وهكذا فأنت يجب أن تنجحي في إيجاد لغة واحدة لطفلك؛ لكي لا يتعبك حين يكبر ويبدأ في التعلم، وابتعدي تماماً عن إسماعه الأغاني التي تستخدم مثل هذه اللغة الطفولية، واستخدمي الأغاني التي تكون على هيئة أناشيد تمت صياغتها باللغة العربية الفصحى لتحقيق أفضل وأقصر طرق التواصل.
تابعي أيضاً: فوائد الحديث مع الطفل منذ المرحلة الجنينية بلغة عربية سليمة
تواصلي معه بالحديث والغناء والقراءة
- تواصلي مع رضيعك ومنذ ولادته عن طريق حركات الجسد الخاصة بك؛ فتبسمي في وجهه دائماً، وغيري من طبقات صوتك وأنت تغنين له، وقلدي له بعض الأصوات المحببة بحيث يعتاد سماع الكثير من الطبقات الصوتية.
- قومي بالقراءة له بوصفها روتيناً يومياً؛ حيث أثبتت الدراسات الحديثة أن التواصل مع الرضيع قبل عمر السنة وفي مرحلة ما قبل النوم سواء نهاراً أو ليلاً عن طريق القراءة؛ يكون مفيداً له لأن المعلومات التي يسمعها تُخزن لديه في الذاكرة، وحين يكبر يشعر أنه يعرفها ويعيد استرجاعها بسرعة وسهولة، وتعتقد الأمهات أن الرضيع لا يفهم ما تقوم بقراءته على مسامعه، ولكنه في الحقيقة يسجل بعض المفردات اللغوية وخاصة المنطوقة باللغة العربية الفصيحة؛ فتُفاجأ مثلاً -الأم- أن طفلها حين يتعلم النطق أنه يتكلم جملة كاملة بالفصحى مثل أن يقول: أين الطعام؟ كما تكتشف الأم التي تقرأ القصص لطفلها وتغني له وهو ما زال رضيعاً أنه ينطق الكلمات الأولى من حصيلته اللغوية المتوقعة بسرعة وفي عمر أقل من الأطفال الذين في سنِّه، كما أنه يخلد إلى النوم في وقت أقل. وقد لُوحظ أن الرضيع الذي تقرأ له أمه قصصاً قصيرة يسترخي سريعاً؛ ما يحد ويقلل أحد أسباب مغص الأطفال الرُّضَّع.
تواصلي معه عن طريق اللعب والرسم
- احرصي على تعليم طفلك الرسم منذ أن تبدأ عضلات يديه في القبض على القلم، ويجب أن تعرفي تعليم الرسم للأطفال بالخطوات؛ لكي تصلي لنتيجة مرضية، وربما يصبح طفلك فناناً في المستقبل، وسوف تلاحظين أنه ينجذب بشكل تلقائي نحو الأقلام الملونة والأسطح البيضاء أو الورق الأبيض.
- علميه اللعب التربوي الهادف، ولا تتركيه لكي يلعب لعباً عشوائياً من دون هدف؛ فالطفل ومن خلال اللعب مع الآخرين يتعلم -مثلاً- أن ضرب الآخرين هو سلوك خاطئ وسيئ وسلبي، ويدل على شخصية ضعيفة ومهزوزة وليس وسيلة تفاهم، كما أنه يتعلم أن مشاركة اللعب تشعره بالسعادة والبهجة وتوسع وتشعب علاقاته مع من هم في سنِّه خاصة إذا كان الطفل قد بدأ يعاني من الخجل؛ فاللعب مع الآخرين في حدود العائلة والجيران سوف يساعده على تجاوز خجله وتحسين تواصله مع المجتمع حوله.
علِّميه التعبير عن مشاعره
- ساعدي طفلك على التعرف إلى مشاعره، وبعد أن يصبح في عمر السنة عليكِ مساعدته في أن يعبر عن مشاعره بطرق مختلفة وألَّا يكون مجرد آلة أو وعاء يُضخ به المعلومات والخبرات دون أن يتفاعل معها ويصدر رد فعل نحوها، وذلك عن طريق تمرين الطفل على التعبير عن أشكال العواطف الطبيعية التي يجب أن تحدثيه عنها وبأن الإنسان من الطبيعي أن يفرح ويحزن ويخاف ويغضب ويتعب، ويمكن للأم تمرين الطفل على الحالات النفسية المختلفة والطبيعية التي يمر بها الإنسان عن طريق رسم الوجوه المختلفة، وتعليمها للطفل؛ فهناك وجه سعيد ووجه عابس ووجه باكٍ وهكذا
- مرِّني طفلك على طريقة قراءة إيماءات الوجه وحركات الجسم، وأن ينظر إلى ألعابه في أثناء الحديث معها، ومرحلة الحديث مع الألعاب هي مرحلة تواصلية وتتطورية عادية لدى الطفل، وعوِّديه على النظر إلى وجهك خلال قراءتك قصص الأطفال المتنوعة؛ فعن طريق النظر إليك وملاحظة إيماءات الجسد والوجه يستطيع الطفل تمييز التعابير المختلفة الصادرة عن الآخرين وتجهيز التجاوب الصحيح لها ومعها.
امنحيه الفرصة لكي يقلدك تقليداً حسناً
- امنحي طفلك خلال سنتي المهد؛ أي أول عامين من حياته، أن يقلدك، وأن تكوني قدوة له؛ فالطفل لا يتعلم بالكلام ولا بإصدار الأوامر، ولكنه يقلد مواقفك ويخزنها في عقله الباطن سواء كانت سلبية أو إيجابية.
- كوني قدوة حسنة لطفلك منذ بداية حياته؛ فلا تعتقدي أنه لا يلاحظ أو يفهم، فعلى العكس من اعتقادك فالطفل يتعلم الكثير من الخبرات من خلال ملاحظته لما يدور في عالمة الصغير، وخاصة تصرفات أمه، ثم بعد ذلك يبدأ في مراقبة تصرفات الأب ويقلدها خاصة إذا كان ذكراً.
- كوني دقيقة في مواعيدك وصدقك في الحديث مع الآخرين أمام طفلك؛ فلا تتعمدي تجاهل الهاتف أو التملص من أي وعد أمامه، وثقي تماماً أن اتباع خطوات لتعلمي طفلك الصدق يأتي من مواقف صغيرة لاحظها في سن مبكرة واعتقدت الأم أنها تافهة أو عابرة.
- عززي لدى طفلك -مثلاً- حب مساعدة الغير وسوف تلاحظين أنه سرعان ما يقدم حلواه التي يحملها بيده لطفل رآه في الشارع أو يحاول خلع معطفه ليقدمه لطفل بلا معطف، أما حين تقومين بإغلاق الباب بقسوة في وجه متسول أو سائل؛ فسوف يقلدك ويكون سعيداً بذلك، ويا للأسف! فسوف ترسخين بداخله تصرفات سيئة سوف تكبر معه وتحوله لإنسان مغرور وأناني.
- عودي طفلك على الثقة بالآخرين، وذلك عن طريق التواصل البصري معهم والنظر لهم مباشرة في أثناء الحديث معهم بوصفه نوعاً من الاحترام والتقدير، مع ضرورة التأكيد عليه بضرورة مناداة الأشخاص بأسمائهم المحببة لهم كما دعانا الإسلام، ومصافحتهم بحب وترحاب وتواضع مع حفظ مكانتهم وتطبيق عادات كل شعب في الترحيب بالكبار.