"عندما يملُّ الإنسانُ من لندن، هو يملُّ حينها من الحياة ففي لندن كلُّ ما يمكن للحياةِ أن تتحمَّله". القولُ لصامويل جونسون، كاتبٌ إنجليزي شهيرٌ، ومؤلِّفُ قاموسِ اللغة الإنجليزيَّة. يُجسِّد قولُ جونسون طبيعةَ لندن النابضةَ بالحياة، ومُتعدِّدة الأوجه، ما يوحي بأنها تُقدِّم شيئاً لكلِّ الناس، وفي كلِّ جانبٍ من جوانبِ الحياة. والعاصمةُ البريطانيَّة وجهةٌ لا تملُّها العرب، فهي مطروقةٌ منهم على الدوامِ لأسبابٍ عدة.
لندن وجهة محبوبة

لا يمكن ترتيبُ هذه الأسبابِ لناحيةِ الأهمِّ فالأقلِّ أهميَّةً، إذ إن تجربةَ السياحة في لندن «شخصيَّةٌ» للغاية، وكلُّ فردٍ، «يُفصِّلها» حسبَ ذوقه، لكنْ يمكن القولُ بصورةٍ عامَّةٍ: إن لندن واحدةٌ من المدنِ الأكثر تنوُّعاً في العالم حيث ينتمي سكانها إلى أكثر من 300 جنسيَّةٍ، ما يخلقُ بوتقةً نابضةً بالحياةِ من الثقافاتِ، واللغاتِ، ووجهاتِ النظر. وهذا التنوُّع واضحٌ بعمقٍ في نسيجِ الحياةِ اليوميَّة. وفي العموم، تُعزِّز لندن جواً من الانفتاحِ والترحيبِ للأشخاص من خلفيَّاتٍ متنوِّعةٍ. وتشمل الأسبابُ الأخرى التي تجعلُ لندن وجهةً سياحيَّةً لا تملُّها العرب: المناخ، إذ يُمكِّن من الهروبِ من الحرارةِ المرتفعة في معظمِ الدولِ العربيَّة، فهو أكثر برودةً. وسهولةُ الوصولِ للوجهةِ المذكورة حيث ترتبطُ لندن بشكلٍ جيِّدٍ بالمدنِ الكبرى في الشرق الأوسط من خلال رحلاتٍ جويَّةٍ مباشرةٍ. وهنا، جديرٌ بالذكر، أن الضيافةَ عاليةُ الجودة، وتتمثَّل في مجموعةٍ واسعةٍ من خياراتِ الإقامة، من بينها الفنادق الفاخرة، كما ينسحبُ الأمرُ على مشهدِ الطعام في العاصمة البريطانيَّة، فهي واحدةٌ من «عواصمِ الطعام» المرموقةِ في العالم عبر مطاعمَ فاخرةٍ حائزةٍ نجمةَ ميشلان فأكثر، وأسواقِ طعامِ الشارع النابضةِ بالحياة مثل سوقِ بورو، وكامدن.
ولندن، أيضاً، كنزٌ من العناوين التاريخيَّة والثقافيَّة، وتبرزُ فيها عديدٌ من المتاحفِ والمعارضِ الفنيَّة العالميَّة، وتستضيفُ مجموعةً منوَّعةً من الفعاليَّات الثقافيَّة، بما فيها مهرجاناتُ الأفلام، والحفلاتُ الموسيقيَّة، والمعارضُ التي تجذبُ الزائرين العرب. إضافةً إلى ذلك، هي الوجهةُ الحلمُ لهواةِ التسوق، إذ تشتهرُ مناطقُ مثل شارعِ أكسفورد، وشارعِ ريجنت، وكوفنت جاردن بالتسوُّقِ الفاخر. هذا إلى جانبِ المتاجرِ الكبرى الشهيرةِ مثل هارودز، وسيلفريدجز. أمَّا لناحيةِ خدماتِ الترفيه، فهي من الطرازِ العالمي. مثلاً منطقةُ مسارحِ ويست إند في لندن، تعرضُ مجموعةً مبهرةً من المسرحيَّات، والموسيقى، كما تتميَّز المدينةُ بالحياةِ الليليَّة. ومن بين الأسبابِ، كذلك، تزايدُ عددِ العرب الذين يزورون لندن لغرضِ السياحة العلاجية، بحثاً عن المنتجعاتِ الصحيَّة الفاخرة، ومراكزِ الصحَّة، والعلاجاتِ البديلة.
لقراءة الموضوع في نسخة سيدتي المطبوعة، اضغط(ي) هنا
عناوين السفر الأعلى تقييماً

- برج لندن: هو أكثر من مجرَّد قلعةٍ. إنه نموذجٌ مصغَّرٌ للتاريخِ الإنجليزي. والبرجُ مُدرجٌ على لائحةِ مواقع «يونسكو» للتراثِ العالمي، وأسَّسه ويليام الفاتح عامَ 1066، ثم أمرَ ببناءِ البرجِ الأبيض في 1078، وكان بمنزلةِ رمزٍ للقوَّة النورمانديَّة، وقد خدم بوصفه قصراً ملكياً، وحصناً، وسجناً، وحتى حديقةَ حيوانٍ.
- المتحف البريطاني: تأسَّس عامَ 1753. يضمُّ مجموعةً ضخمةً من التاريخِ، والثقافةِ البشريَّة. تفخرُ هذه المؤسَّسة ذات الشهرةِ العالميَّة بعرضِ تحفٍ أثريَّةٍ مهمَّةٍ مثل حجرِ رشيد «لوحةٌ جرانيتيَّةٌ ثلاثيَّة اللغات، مهَّدت الطريقَ لفهمٍ عميقٍ للغةِ والثقافةِ المصريَّة القديمة، وأسَّست علمَ المصريَّات الحديث»، ورخاميَّات إلجن «مجموعةٌ من المنحوتاتِ اليونانيَّة القديمة، وكانت في الأساسِ بمعبدِ البارثينون في أثينا»، وغير ذلك الكثير ممَّا يجذبُ ملايين الزائرين سنوياً.
- عين لندن: هي عجلةُ فيريس عملاقةٌ على نهر التايمز، تسمحُ بإطلالاتٍ بانوراميَّةٍ خلَّابةٍ على لندن. يبلغ ارتفاعها 135 متراً.
- جسر البرج: جسرٌ متحرِّكٌ، يمتدُّ فوق نهر التايمز. يتميَّز بعمارته القوطيَّة الفيكتوريَّة، وبرجَيه التوأمَين. يوفِّرُ المشي على ممرَّاته الزجاجيَّة إطلالاتٍ بانوراميَّةً رائعةً على المدينة، ويمكن رفعه للسماحِ للسفنِ الضخمة بالمرور، ما يخلقُ مشهداً خلَّاباً.
- قصر باكنجهام: قصرٌ ملكي في لندن، تقيمُ فيه العائلةُ المالكةُ البريطانيَّة بشكلٍ رسمي منذ عام 1837. يُعرَف بواجهته وديكوراته الداخليَّة الفخمة، ويستضيفُ المناسباتِ الرسميَّة، والاستقبالاتِ الملكيَّة، وتقامُ فيه مراسمُ تغييرِ الحرس يومياً خلال أشهرِ الصيف، ما يجذبُ الحشودَ لمشاهدةِ هذا التقليد.
- حديقة سكاي جاردن: تقعُ أعلى مبنى ووكي توكي في لندن، وتوفِّرُ إطلالاتٍ بانوراميَّةً جميلةً على المدينة، وتتوزَّع على ثلاثِ طبقاتٍ، تشملُ مساحاتٍ خضراءَ مورقةً، وشلالاتٍ، وتراساتٍ خارجيَّةً. وفي المكانِ مطعمان، ومشربٌ.
- المعرض الوطني: وجهةٌ لمحبِّي الفن. يضمُّ مجموعةً واسعةً من اللوحاتِ الأوروبيَّة الكلاسيكيَّة، والدخولُ إليه مجاني.
الأعمدة وقبة المعرض الوطني في لندن (الصورة من PEXELS) - متحف التاريخ الطبيعي: «خزانةٌ» مملوءةٌ بعجائبِ الطبيعة من هياكلِ الديناصورات إلى الأحجارِ الكريمة. إنه وجهةٌ آسرةٌ لكلِّ الأعمار.
متحف التاريخ الطبيعي في لندن (الصورة من ENVATO) - كامدن: كامدن منطقة نابضة بالحياة، تشتهرُ بأسواقها الصاخبة، وثقافتها المتنوِّعة، ومشهدها الموسيقي الحيوي.
- سوق بورو: سوقٌ غذائيَّةٌ مشهورةٌ في لندن، تعرضُ مجموعةً كبيرةً من المنتجاتِ الطازجة، والأجبانِ المصنوعةِ يدوياً، وأطعمةَ الشارعِ اللذيذة.
جواهر مخفية في لندن

في حال تكرَّرت زياراتُ السائحِ العربي إلى لندن، سيبحث بالتأكيد عن ما يكمنُ وراءَ المواقعِ الأيقونيَّة مثل عينِ لندن، وجسرِ البرج وغيرهما. من بين هذه الأماكنِ التي تتَّصفُ في لغةِ السياحة بـ «الجواهر المخفيَّة» جرينتش، جنوب شرقي العاصمة. يعكسُ العنوانُ المذكور، والمدرجُ على لائحة يونسكو للتراث العالمي، تاريخاً بحرياً عريقاً، فهو يضمُّ المرصدَ الملكي، وخطَّ الطولِ الرئيس الذي يُحدِّد توقيتَ جرينتش العالمي، ومنزلَ الملكة، والأخيرُ تحفةٌ معماريَّةٌ بالاديانيَّة «أسلوبٌ معماري أوروبي، يعود أصوله إلى تصاميمِ المهندسِ الإيطالي أندريا بالاديو» من القرن الـ 17، ويضمُّ اليوم مجموعةً من الأعمالِ الفنيَّة التي تعود إلى هذا القرن، بما في ذلك أعمالُ فان دايك، وروبنز. وهناك مناطقُ جذبٍ أخرى في المكان، منها متنزَّه جرينتش، وكاتي سارك «سفينةٌ شراعيَّةٌ شهيرةٌ لشرب الشاي»، والكليَّة البحريَّة الملكيَّة القديمة. وفي إطارِ الإضاءةِ على «الجواهر المخفيَّة» في لندن، سألت «سيدتي» إيفلينا إيفانوفا، مدوِّنةُ سفرٍ بلغاريَّة الجنسيَّة، جاءت إلى لندن عامَ 2017 لقضاءِ عطلةٍ، ولم تغادرها أبداً لوقوعها في حبِّ بريطانيا، عن سببِ الاهتمامِ بالأماكن السياحيَّة غير المطروقة، فأجابت: «أفلامُ المغامرات لطالما استهوتني أثناء نشأتي، وحفَّزتني على القيامِ بجولاتٍ في العالم، لا سيما الأماكنُ المخفيَّة عن العينِ العاديَّة. أقترحُ على السائحِ في لندن الذي يريدُ اكتشافَ وجهاتٍ غير شائعةٍ، أو غير سياحيَّةٍ الخروجَ من المنطقة 1، وتجربةَ حياةِ السكان المحليين، واستكشاف أماكنَ مثل كامدن، وجرينتش، وهامبتون وريتشموند، فهي تقدِّمُ سحراً فريداً، وجانباً أكثر أصالةً من لندن». وعن خياراتِ الطعام، توضحُ أن «لندن مدينةٌ متعدِّدة الثقافات، ويمكن للسائحِ العثورُ على كلِّ أنواعِ المأكولات التي يمكن تخيُّلها! تشتهرُ مناطقُ مختلفةٌ من المدينة بمأكولاتٍ معيَّنةٍ، لكنني شخصياً أحبُّ الطعامَ الهندي، فهو لذيذٌ ومتنوِّعٌ، ويُشكِّل جزءاً كبيراً من مشهدِ الطهي في لندن».